هكذا حوّل النظام الشريان المغذي لسوق السويداء.. إلى ورقة ضغط!


تعتبر دمشق هي السوق المركزي الوحيد المغذي لسوق السويداء التجاري. وعلى الرغم من خضوع سوق السويداء للسيطرة الكاملة من سوق دمشق، إلا أن هناك تفاوتاً كبيراً في الأسعار بين المحافظتين.. فما هي العوامل التي لعبت دوراً في هذا الفارق؟، ولماذا تم إفشال مشروع السوق البديل بين درعا والسويداء؟، وهل تعاني المحافظة من الحصار الاقتصادي من قبل النظام؟

لهذه الأسباب تتفاوت الأسعار بين السويداء ودمشق

ساهمت عوامل عدة بوجود فارق في الأسعار بين السويداء والعاصمة دمشق. فـ تجار السويداء يُعتبرون من أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة، وهذا يفرض قدرة شرائية معينة على هؤلاء التجار وفقاً لـ "ماهر حمزة"، معني بالشأن الاقتصادي من السويداء.

وأوضح "حمزة" في حديث لـ "اقتصاد" "بأن السويداء تفتقد لتجار الاستيراد المباشر للبضائع، بالإضافة إلى أنها تعاني من ارتفاع تكلفة النقل البري، وهو السبيل الوحيد للنقل بين السوقين، في دمشق والسويداء.

وعزا "حمزة" ارتفاع تكلفة النقل لأسباب عدة منها، "فقدان الوقود واللجوء للسوق السوداء لتأمين المادة، ولكثرة الحواجز على الطريق وفرض الأتاوات على الحمولة من قبل هذه الحواجز، بالإضافة للفلتان الأمني وتعرض عدد من سيارات النقل للخطف أو السرقة".

ولفت "حمزة" إلى "الآلية التي يتحكم من خلالها سوق مدينة السويداء التجاري بفرض السعر، مستغلاً ارتفاع أسعار إيجار المحلات، وحصر مستودعات المواد والاستجرار من دمشق بعدد قليل من التجار، وضعف القدرة الشرائية للمواطن والذي يعد سبباً رئيسياً لفرق الأسعار بين السويداء ودمشق".

نوع البضاعة تتحكم في الفرق بالأسعار

"حسام أبو عساف"، تاجر من السويداء، قال لـ "اقتصاد": "يتراوح سعر الجملة بين السويداء والعاصمة بين 1% و12%، حسب نوع المواد"، مشيراً إلى أن الفرق الكبير هو في سعر نصف الجملة، أو (المفرق)، بين سوق السويداء وسوق العاصمة، والذي يصل في بعض المواد إلى (30%) وخصوصاً مواد البناء والكهربائيات والمواد الزراعية.

وتابع "أبو عساف": "يعود السبب في ارتفاع أسعار هذه المواد بالتحديد، بسبب عمليات التهريب بين محافظة السويداء ودرعا، ولأن المسيطر الرئيسي على هذه المعابر هم عصابات تعمل في التهريب من المحافظتين، وعدد من الحواجز الأمنية".

فشل مشروع السوق المشتركة بين درعا والسويداء

كشف مصدر، فضل عدم الكشف عن اسمه، عن مشروع سوق تجاري بين السويداء ودرعا لم يبصر النور لأسباب عدة.

وذكر المصدر في حديث لـ "اقتصاد" بأن تجاراً من السويداء تواصلوا مع عدد من تجار محافظة درعا، وعلى رأسهم تجار درعا المقيمين في السويداء، ووضعوا خطة لمشروع سوق تبادل تجاري بين المحافظتين.

وأضاف المصدر أن التجار من كلا الجانبين قدموا أفكاراً لطريقة العمل، حيث تستفيد السويداء من المحاصيل الزراعية الوفيرة في درعا، وتستفيد درعا من بضائع أسواق السويداء دون خضوع هذا السوق لأجور النقل والتكاليف الإضافية.

وأكد المصدر على أنه "تم تحديد منطقة حدودية بين المحافظتين لإقامة السوق، وتم أيضاً مخاطبة بعض المجموعات المسلحة من رجال الدين من السويداء لتأمين الحماية لهذه السوق من التعديات والسرقة، ولكن هذا المشروع تعرض للفشل لأسباب عدة منها الضغوطات الأمنية التي لا تريد أي تقارب بين المحافظتين، إضافة لتهديدات المهربين من الطرفين بحرق السوق في حال تم المشروع، والضغط الأمني على تجار السويداء وتهديدهم بضرب مصالحهم التجارية".

وأشار المصدر إلى وجود عدة أسواق في القرى المتاخمة لمحافظة درعا تعمل على نقل البضائع لدرعا كـ (الدور- سميع - صما)، ولكن هذه الأسواق لا تعتبر بدائل عن السوق المشتركة، لاسيما أن أسواق التهريب تسيطر عليها عصابات تفرض على البضائع تكاليف كبيرة جداً تصل لـ ( ۱۰۰%) على بعض المواد، مثل (مواد البناء والمحروقات وغيرها..)، فعلى سبيل المثال لا الحصر يبلغ سعر اسطوانة الغاز في السويداء (2700) ليرة سورية، وتباع في أسواق التهريب بـ 7 آلاف ليرة، وتصل للمواطن في درعا بـ 8 أو 9 آلاف ليرة.

دمشق المتنفس الاقتصادي الوحيد للسويداء

أفاد "وائل نصر" أحد تجار السويداء في حديث لـ "اقتصاد" "بأن طريق دمشق السويداء، الشريان الحيوي الوحيد للمحافظة، مؤكداً على أن هذا الطريق لا يعتبر طريقاً تجارياً فقط، بل عمل النظام بأوقات عدة على زعزعة الأمن على هذا الطريق لتنبيه الأهالي لضرورته، خصوصاً عند قيام أي حركة مناوئة للنظام في السويداء.

وأضاف نصر أن المحافظة عانت الكثير من الضغط بسبب هذا الطريق إن كان على مستوى التجارة أو الحركة المرورية.

وأشار نصر إلى أن "معظم تجار السويداء حالهم كحال التجار في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالأجهزة الأمنية، والقيادة الأمنية في السويداء هي المسيطر الرئيسي في فرض قوانين التجارة في المحافظة، وذلك من خلال نوع البضائع أو كمياتها المطروحة في الأسواق".


ترك تعليق

التعليق