ثلاثة ألوان للخطف في دمشق.. اثنان منها لأهداف مالية والثالثة بنكهة طائفية
- بواسطة قصي عبد الباري - خاص - اقتصاد --
- 09 كانون الثاني 2018 --
- 0 تعليقات
عصابة الخطف التي ظهرت في مسلسل "عناية مشددة" الذي عرض في رمضان من عام 2015، لم تكن ضرباً من خيال الكاتب
إلا أن الجانب الذي لم يظهره المسلسل هو تبعية تلك العصابة، إضافة إلى تبرئة عناصر الجيش والأمن من هكذا أفعال وإظهارهم بصورة المدافع عن البلد.
المسلسل صوّر عصابة واحدة إلا أن الواقع في دمشق يختلف كثيراً. عشرات العصابات تنتشر في أحياء العاصمة الخاضعة لسيطرة النظام وتعمل بغطاء من عناصر الأمن والمخابرات لديه.
فدية بـ 3 ملايين.. وإلا!
خلال التحقيق الذي أجريناه عن عمليات الخطف التي تقوم بها تلك العصابات تمكنّا من التواصل مع أحد المقربين من أحد أكبر تجار الأحذية في العاصمة دمشق والذي خُطف ابنه عام 2015 على يد إحدى تلك العصابات.
حيث تحدث لنا المصدر عن عملية الخطف التي جرت من أمام منزلهم الكائن في منطقة أبو رمانة وسط العاصمة للطفل البالغ من العمر 10 أعوام. وقال المصدر: "كان الطفل يلعب مع أصدقائه أمام المنزل فترة العصر. حيث توقفت سيارة مغلقة من نوع /جيب/ بداخلها عناصر مسلحة قامت بخطف الطفل دون أي من أصدقائه. وهذا ما يدل على وجود تخطيط مسبق واختيار شخص ثري قادر على دفع الفدية".
وأضاف: "تلا عملية الخطف اتصالات من قبل الجهة الخاطفة مع والد الطفل مطالبة إياه بدفع فدية قدرها ثلاثة ملايين ليرة سورية مقابل الإفراج عن ابنه وإلا فإنهم سيقومون بقتله".
الوالد قام بدوره بدفع المبلغ كاملاً كما طلبت العصابة خوفاً على حياة ابنه الذي أُفرج عنه بظروف رفض المصدر التصريح عنها عقب دفع المبلغ. فيما نوه المصدر إلى استحالة استقلال تلك العصابة عن أفرع المخابرات كون المنطقة تعج بعناصر الأمن والحواجز العسكرية.
بلون جديد.. برزة تعود للواجهة
وقّع فصيل اللواء الأول العامل في حي برزة في أيار عام 2017 مصالحة مع قوات النظام تقضي بعودة الحي إلى "حضن الوطن" وتهجير الرافضين للمصالحة إلى الشمال السوري.
عودة الحي إلى "حضن الوطن" كانت كاملة، إلا أن عصابات الخطف التي انتشرت فيه كان لها طابع خاص. فسرقة الأعضاء هو ما انتهجته تلك العصابات في عملها.
"أم ليث" إحدى سكان الحي قالت في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "آخر تلك الحوادث كان لطفل يبلغ من العمر 9 أعوام، وهو عائد إلى منزله الواقع في حارة المسيحية قرب /الكوسكو/، دون معرفة الخاطف".
وأكملت: "وُجد الطفل حيّاً بعد أيام ومرمياً في أحد الشوارع وقد سُرقت كليته".
وأكدت "أم ليث" عدم حصول أي اتصالات بين الجهة الخاطفة وأهل الطفل طلباً لفدية أو شيء من هذا القبيل.
عقب تلك الحادثة قامت قوات النظام بإغلاق جميع الطرقات الفرعية التي تؤدي إلى حي برزة وتركت الطريقين الرئيسين (مسجد السلام والشرطة العسكرية)، مفتوحين.
وأضافت: "تلك الحادثة لم تكن الأولى في الحي، ولم تقتصر الحوادث على الحي الذي وقّع المصالحة. بل طالت القسم الغربي منه الخاضع أساساً لسيطرة النظام منذ بداية الثورة".
خطف بنكهة طائفية
لعل حوادث الخطف التي حصلت ولا تزال تحصل بسبب الطائفة أو المذهب، هي أكثر تلك الحوادث التي ترافقت ولادتها مع بداية الثورة.
حيي القابون وتشرين ذاقا الويلات من أبناء الطائفة العلوية المتمثلين بآل ضاهر وحرب، الذين سكنوا الحيين منذ القدم.
العائلتان بدأتا عملهما بعد انطلاق الثورة بحوالي العام ونصف، وبررتا ذلك بالانتقام للقتلى الذين سقطوا جراء تفجير مطعم ومحل للمشروبات الروحية كانت العائلتان تديرهما قرب قسم الشرطة في القابون وترفع عليهما أعلام النظام وصوراً طائفية.
عقب ذلك التفجير بشهر أو شهرين بدأت عمليات الخطف والقتل وحتى التنكيل.
تلك العمليات لم تكن تحدث لشخص أو شخصين، بل لكل عشرة أشخاص معاً، وكان سكان المنطقة يجدون جثث القتلى بعد يوم أو يومين من الاختطاف وقد نُكل بها.
أبرز المجازر التي ارتكبها شبيحة العائلتين قيامهم بقتل 50 شخصاً دفعة واحدة من أبناء القابون وتشرين ورميهم في منطقة "سوق التهريب" عام 2012 وقد قتلوا ذبحاً ونُكل بهم.
أحياء القابون وتشرين ليسا الوحيدين
فكل منطقة سنية في سوريا تحدها قرى علوية أو شيعية ذاقت ويلات تلك الحوادث، كالحولة في حمص والهامة وقدسيا في دمشق وغيرها الكثير.
تلك العصابات كانت معظمها وليدة الحرب، لكن السؤال: هل ستنتهي بانتهاءها؟، أم أنها اتخذت الخطف والقتل مهنة كالعديد من المهن غير الشرعية وغير الأخلاقية التي وُلدت حديثاً؟!
يذكر بأن آل ضاهر عادوا إلى منازلهم الواقعة في منطقة ساحة القهوة في حي القابون عقب تهجير مقاتلي الحي في أيار عام 2017.
التعليق