معركة إدارة المركبات كمثال.. كيف يستغل المركزي التطورات العسكرية في تلاعبه بأسواق العملة؟


عاود سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، اتجاهه نحو الصعود بتأثير المعارك العنيفة التي شهدتها مدينة حرستا بريف دمشق، جراء الهجوم الذي شنه الثوار على ثكنة إدارة المركبات والمناطق المحيطة بها الخاضعة لسيطرة النظام.

فعلياً.. ليست بالمرة الأولى التي يرتفع فيها سعر الدولار جراء معركة على أطراف العاصمة. فليست بالبعيدة معركة "يا عباد الله اثبتوا" التي وصل فيها الثوار إلى شارع فارس خوري وسط العاصمة، ومعركة "الله غالب" التي سيطر فيها الثوار على سلسلة الجبال المطلة على العاصمة.

وتجاوز سعر الدولار في الأيام القليلة الماضية، عتبة 470 ليرة سورية للدولار الواحد، بعدما كان قد وصل إلى حدود 440 ليرة سورية قبل انطلاق المرحلة الثانية من معركة إدارة المركبات.

المركزي ولعبة المضاربة

إن المسؤول الأول والأكبر في لعبة سعر صرف الليرة السورية هو مصرف سوريا المركزي. فهو يعمل بصورة معاكسة تماماً لما يظهر به على شاشات الإعلام الموالية له.

وتتمثل لعبة المركزي بتركه سعر الدولار يحقق قفزات نوعية أمام الليرة السورية تزامناً مع أي تصعيد عسكري على الأرض كما يحدث اليوم من تقدم للمعارضة في حرستا، مستخدماً صرّافيه المعتمدين من كبار تجار السوق السوداء، كما قال "سقراط العلو"، الباحث في الشؤون الاقتصادية، في تصريح خاص لـ "اقتصاد".

وأكد العلو أن ذلك الارتفاع يسبب حالة من الهلع في صفوف المواطنين والتجار تدفعهم لشراء الدولار بأي سعر خوفاً من انهيار كلّي لليرة.

وأكمل بقوله: "يساعد في ذلك الحملات التي تقودها وسائل الإعلام وخصوصاً المعارضة منها مشيرة إلى أن ذلك الارتفاع دليل على انهيار النظام اقتصادياً".

يستغل المركزي تلك الحالة من الهلع ويقوم بضخ كميات كبيرة من الدولار في السوق السوداء عبر صرافيه لتباع بأعلى سعر. وعند نفاذ تلك الكميات، يعلن المركزي عن نيته التدخل ويبدأ ببيع الدولار ضمن شركات الصرافة ليبدأ تجاره المعتمدون في السوق بتخفيض سعر الصرف بشكل كبير تخلق حاله هلع عكسية تدفع من اشترى الدولار لبيعه بأي سعر ممكن تجنباً للخسائر.

أي أن المركزي يستغل وضع المعارك في محيط العاصمة لرفع سعر الدولار وبيعه ومن ثم يستغل توقفها أو التراجع، ليشتري بسعر أقل محققاً أرباحاً بالمليارات نتيجة للفرق بين الأسعار.

فإن أردنا الحديث بجدية عن التغيير الفعلي في سعر الصرف، فالجواب سيكون واضحاً بعد حملة النظام لفك الحصار عن إدارة المركبات في حرستا، أي أنه في حال تمكن الثوار من السيطرة على إدارة المركبات كاملة، فإن الدولار سيرتفع دون أدنى شك،
فيما إن تمكن النظام من فك الحصار عنها فإن سعره سيعاود الهبوط.

فيما نوه الباحث في الشؤون الاقتصادية، إلى كون الشهر الجاري يحمل تطورات قد تنعكس إيجاباً على سعر الليرة منها حملة النظام على ريف إدلب الشرقي، واحتمال انعقاد مؤتمر سوتشي نهاية العام.

الغوطة.. دولة مستقلة بسعرها

رغم تحكم المركزي بسعر صرف الدولار كما يشاء، إلا أن للغوطة وضعاً آخر يتحكم بها تاجرها الكبير "المنفوش".

"علي بكر" خريج كلية التجارة والإقتصاد في جامعة دمشق، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "سعر صرف الدولار في الغوطة الشرقية مرتبط بالحصار ووجود طريق دخول وخروج باتجاه العاصمة المسؤول عنه تاجر الغوطة الوحيد (المنفوش) الذي يقوم بإدخال البضائع إضافة إلى العملة السورية ويقوم بإخراج الدولار، أي أنه عند إغلاق الطريق يتجه الدولار هبوطاً وعند فتحه يتجه عكساً".

وأضاف: "رغم المعارك العنيفة الدائرة في مدينة حرستا إلا أن المنفوش يخرج بشكل يومي منذ بداية كانون الثاني حاملاً بضائعه والدولارات إلى دمشق وعائداً بالعملة السورية والبضائع الأخرى إلى الغوطة. حيث بدأ الدولار بالارتفاع بشكل طفيف مع بداية خروج المنفوش وسياراته المحملة بالبضائع  أواخر العام الماضي ليكمل طريقه صعوداً بشكل ملحوظ مع بداية المرحلة الثانية من معركة إدارة المركبات".

يُذكر أن مصادر إعلامية موالية تتحدث عن نجاح قوات النظام في فك الحصار عن إدارة المركبات بحرستا، وسط نفي من جانب مصادر معارضة.

ترك تعليق

التعليق