"البالة" تعود بقوة إلى درعا


عادت الملابس المستعملة "البالة" إلى الظهور من جديد في المحلات التجارية المختصة، وعلى البسطات المنتشرة في أسواق مناطق درعا المحررة، وذلك بعد غياب استمر عدة سنوات، بالتزامن مع تطورات الأحداث في سوريا.

ويشير أبو "محمد  المتوالي"، وهو صاحب محل لبيع الملابس المستعملة في ريف درعا الغربي، إلى أن محلات بيع الملابس المستعملة البالة غابت عن محافظة درعا فترة طويلة من الزمن، وذلك بسبب صعوبة التنقل على الطرقات بين دمشق ودرعا، وتقييد حرية نقل البضائع على الطرق النظامية من قبل حواجز قوات النظام، التي كانت تفرض رشاوى وأتاوات كبيرة على البضائع الداخلة من مناطق سيطرة النظام إلى المناطق المحررة.

 ولفت إلى أن النشاط التجاري بدأ يعود إلى محلات الملابس المستعملة مؤخراً، ولاسيما مع انخفاض حدة التصعيد العسكري في معظم المناطق، وعودة الكثير من الأسر النازحة إلى قراها، عازياً الإقبال على شراء هذه الملابس، إلى كونها  أرخص سعراً،  مقارنة مع الملابس الجديدة، وأكثر جودة، وتدوم أطول، إضافة إلى أن الكثير من هذه الملابس تكون من ماركات عالمية شهيرة تنال إعجاب الناس. 

وقال: "يتم شراء هذه الملابس من دمشق مباشرة، أو عن طريق تجار السويداء ودرعا"، مشيراً إلى أنه لا يدري كيف تدخل هذه البالات إلى سوريا، لكنه يعتقد أنها تدخل عن طريق لبنان وتركيا، وتصل إلى المناطق المحررة.

وتقول حنان السيد، 37 عاماً، وهي  معلمة مدرسة وأم لثلاثة أطفال، إنها كانت في السابق تشعر بالإحراج من الدخول إلى محلات الملابس المستعملة، لكن الأمر أصبح عادياً الآن، لأن الملابس المستعملة أصبح يشتريها الغني قبل الفقير، وأصبح "الحال من بعضه" عند كل الناس، مشيرة إلى أن المداخيل المادية في سوريا، مهما ارتفعت، فهي تبقى عاجزة في هذه الظروف عن تلبية احتياجات الناس الضرورية في ظل الغلاء الذي تعيشه البلاد.

وأشارت إلى أن دخلها ودخل زوجها، وهما /معلمان في مدارس النظام/، لا يتجاوز 80 ألف ليرة سورية، لافتة إلى أن هذا المبلغ بالكاد يؤمن احتياجات الطعام والشراب، "فما بالك بشراء ملابس جديدة".

وأضافت أن كسوة الشخص الواحد من الملابس الشتوية الجديدة ومن نوعية عادية تصل إلى ما بين 20 و 25 ألف ليرة سورية، فيما تستطيع بهذا المبلغ شراء ملابس مستعملة لأولادها الثلاثة، لافتة إلى أنها من أجل تأمين مبالغ لشراء الكسوة الشتوية لعائلتها، دخلت في جمعية مع بعض الصديقات، واستدانت قسماً آخر من المال من عائلتها.

وتقول نجلاء، 21 عاماً، طالبة جامعية، إنها "مدمنة" في التردد على محلات البالة، واقتناص بعض الملابس الجيدة، لافتة إلى أن عروض الملابس وتشكيلاتها تتجدد باستمرار، ويجد الزبون في الغالب ما يبحث عنه.

وأشارت إلى أنها أصبحت بخبرتها قادرة على تقييم الكثير من الملابس، وتقدير الأسعار المناسبة لها، لافتة إلى أنها باتت ترافق معظم صديقاتها إلى أسواق البالة لمساعدتهن في شراء الملابس، بحكم خبرتها التي اكتسبتها.

وأضافت أنها كطالبة جامعية، لا تجد حرجاً من ارتداء ملابس مستعملة، لأن لا خيار آخر أمامها، بسبب أوضاع أهلها المادية الصعبة، لافتة إلى أن ارتداء الملابس المستعملة، ولاسيما الأوروبية منها، بات أمراً مقبولاً اجتماعياً، ولا أحد يدقق عليه، لأن ظروف الناس المادية باتت متشابهة في ظل الوضع القائم.

فيما يؤكد أبو ضياء، 55 عاماً، متقاعد، أنه يشتري ملابسه وملابس أفراد عائلته من البالة، لأن ملابس البالة تدوم أكثر، حتى ولو كانت مستعملة، إضافة إلى أن ألوانها وأحجامها تبقى ثابتة، لا تتأثر بالغسيل ولا تتسع أو تضيق كبعض الملابس المحلية، التي تصبح بغير لون، وأكبر من حجمها الطبيعي، أو أصغر منه، بعد أول "غسلة".

وقال إن أسعار ملابس "البالة" تناسب إمكانياته المادية المتواضعة، لافتاً إلى أن سعر القطعة في سوق البالة، يبدأ بـ 200 ليرة سورية، وهو ما لا تجده في محلات الألبسة المحلية الجديدة.

وأضاف أن "في البالة تشكيلة واسعة وكبيرة من الملابس، وهي مصنفة حسب النوع والجودة، ولكل قطعة ثمن، وكل شخص يشتري ما يتفق مع إمكاناته المادية"، مشيراً إلى أن هناك ملابس مستعملة أسعارها أيضاً خيالية ولها زبائنها الخاصين فهناك معاطف وسترات من الجلد تصل أسعارها إلى ما بين 15 و 20 ألف ليرة سورية. 

محمد السامر، 35 عاماً، صاحب محل ملابس /نوفيتيه/، أشار إلى أن مبيعاته تراجعت كثيراً، نتيجة منافسة محلات البالة التي عادت إلى الأسواق بقوة، لافتاً إلى أن ارتفاع الأسعار في محله يعود إلى ارتفاعها من المنشأ، إضافة إلى أجور النقل العالية والضرائب والرسوم التي تدفع عليها، يضاف إليها أجور محل وبدل خدمات، وهو ما يجعل سعر السلعة مرتفعاً.

وأضاف أن سعر الكنزة الشتوية صناعة محلية، يبدأ من 5 آلاف ليرة سورية، والبنطال العادي 3500 ليرة سورية، والقميص 3000 ليرة سورية، فيما يبلغ ثمن السترة 9 آلاف ليرة سورية، وكلها من نوعية عادية جداً، مشيراً إلى أن أسعار هذه الملابس تجدها في محلات البالة أرخص بكثير، لذلك يكون الإقبال على شراء الملابس المستعملة أكبر.

ترك تعليق

التعليق