التهريب نحو تركيا.. أساليب قذرة لجني الأموال، واللعب (على الحبلين)


تغضن وجه إسماعيل وهو يتذكر تلك الحادثة. كان ومجموعة من الشبان مربوطي الأيدي إلى الخلف بينما يفتش حرس الحدود الأتراك في حقائب الأمتعة بدقة متناهية.

قبيل ذلك، كان الشبان الأربعة برفقة بعض النسوة والأطفال يحاولون العبور نحو الأراضي التركية، لكن سرعان ما كشف أمرهم لتقتادهم مجموعة من حرس الحدود نحو خيمة كبيرة شديدة البرد احتجزوا داخلها طوال الليل.

يقول إسماعيل: "الطريق نحو تركيا كان آمناً. سرنا ببطء وبدون أي جلبة، لكن المهرب الذي كان يدلنا على الطريق أوقعنا في يد الحرس التركي لنكتشف بعد ذلك أن هنالك لعبة كنا بمثابة الطعم لها".

إسماعيل كالعشرات من السوريين الذين يحاولون يومياً التسلل نحو الأراضي التركية وقع ضحية لألاعيب المهربين ذوي الخبرة طويلة الأمد في اللعب على الجميع؛ زبائن، حرس حدود، وانتهاءً برفاقهم في الصنعة.

وتتنوع الأساليب التي ينتهجها أهل التهريب الذي ينشط بكثرة على كامل الشريط الحدودي بين محافظة إدلب وتركيا، فإسماعيل على سبيل المثال استُخدم ودفعته كغطاءٍ لتمرير مجموعة كبيرة من الشبان.

يوضح لـ "اقتصاد" قائلاً: "خلال صعودنا الجبل، صادفنا قرابة 25 شاباً يحملون الحقائب، كانوا ينتظرون تحت أشجار الزيتون، لم نعر لهم أي انتباه إذ طالما يعج الجبل بعشرات الأفراد الذين ينتظرون دورهم للعبور".

ويتابع: "وصلنا إلى منتصف الطريق، وفجأة توقف (الدليل) رافعاً صوته بأنه لن يسير معنا، متعمداً خلال المناقشة إثارة الضجيج. أحس بنا حرس الحدود وبلمح البصر هرب الدليل وأُلقي القبض علينا".

كانت الخطة إشغال الأتراك بمجموعة صغيرة من النساء والشبان لتمرير المجموعة الكبيرة التي تنتظر تحت، في أسفل الجبل.

من الوسائل التي تدر أموالاً طائلة ما يواظب عليه المهرب الذي يستقبل الفارين على الطرف التركي، إذ يمارس صاحب البيت ضغوطاً على الزبون الذي تمكن من العبور ليتقاضى مبلغاً من المال لم يدخل ضمن الاتفاق الذي جرى مع المهرب في الطرف السوري.

محمد (15 عاماً) تمكن من التسلل بين حرس الحدود وصولاً إلى الضيعة التركية ومنها نحو أنطاكية.

جلس محمد آمناً في بيت أحد المهربين السوريين الذي يتعيشون من إيصال واستقبال الزبائن. وعندما أتى أقارب محمد لـ (يستلموه) رفض المهرب بذريعة أن على محمد دفع مبلغ 50 دولاراً كأجرة للبيت وللسرفيس الذي أوصله.

يقول أحد أقارب الشاب لـ "اقتصاد": "هدد صاحب البيت بتسليم محمد للمخفر التركي، وهكذا اضطررنا لدفع المبلغ".

يكذب المهربون عادة في مدة المشي على طريق التهريب كما يحاولون تسهيل أمر الطريق على الزبون بغية جذبه إليهم للاستفادة من أكبر عدد ممكن من الزبائن.

ومع أن أصحاب هذه الصنعة يؤكدون أن الطريق مثلاً لن يطول أكثر من نصف ساعة، إلا أن هذه المدة القليلة سرعان ما ستتجاوز الثلاث ساعات، وربما ضعفها في كثير من الأحيان، ما جعل البعض يتندرون على وعود المهربين بقولهم، "كلام المهرب حول طول الطريق عليك ضربه بـ 10 أو 20 لتعرف المسافة الصحيحة".

ترك تعليق

التعليق