سمسرة عقارية وكيملك مزورة.. سوريون وجدوا في تركيا أبواباً للكسب على حساب أقرانهم


"لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله.. لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا"

بيت الشعر المعروف للشاعر العباسي حبيب بن أوس الطائي، غيّر نسبة من السوريين رأيهم فيه بعد وصولهم إلى بلاد "اللجوء". تركيا مثلاً من أبرز تلك البلاد وأكثرها عملاً بل حتى "أقساها". تلك النسبة من السوريين رأت في نهش لحم أخوتهم المهجرين، فرصة للراحة بعيداً عن العمل.

منازل تركيا.. ثلاثة بواحد

لعل أبرز الطرق التي اتبعها أولئك في النهش، هي السمسرة العقارية.

إيجارات المنازل في "اسطنبول" مثلاً، تبدأ من 500 ليرة تركية وتصل حتى 1500 حسب المنطقة.

لكن إن أردت استئجار منزل فعليك أن تدفع أضعاف ذلك المبلغ. فلا منازل دون الدخول إلى مكاتب عقارية "سورية أو تركية". ودخول المكتب لا يشبه خروجه. فالسوري صاحب المكتب نقل العادة إلى جاره.

"الكمسيون"، كما هو متعارف عليه لدى تلك المكاتب، يُؤخذ من المستأجر مقابل إيجاره للمنزل، والذي يصل إلى إيجار شهر كامل وحتى نسبة سنوية.

"أبو سعيد" أحد المقيمين في تركيا منذ 5 سنوات قال لـ "اقتصاد": "عند وصولي لم تكن مكاتب الإملاك التركية تأخذ المال مقابل ايجار المنزل وإن أخذت فالمبلغ بسيط. أما اليوم وبعد تضخم عدد السوريين وافتتاح العديد منهم لمكاتب إملاك نقلوا عادة الكمسيون إلى الأتراك".

فالمنزل الذي يبلغ إيجاره 700 ليرة تركية عليك أن تدفع 2100 ليرة تركية كمعدل وسطي له، بين إيجار شهر وتأمين وكمسيون.

وأضاف "أبو سعيد": "بعض تلك المكاتب بات يتعامل بالنسبة السنوية التي تتراوح بين 10 إلى 12% سنوي. أي أن المنزل نفسه بإيجار 700 ليرة تركية يتم احتساب أجرة سنة كاملة ومن ثم حساب نسبة 12% منها وأخذها من المستأجر أي حوالي 1000 ليرة تركية".

معاملات قانونية.. ولكن

تركيا هي البلد الوحيد التي سمحت للسوريين بالحصول على بطاقات الحماية المؤقتة أو ما يعرف بـ "الكيملك".

اليوم بعد ازدياد عدد السوريين في تركيا بشكل كبير بات الحصول على الكيملك مشكلة لدى الكثيرين، نظراً للازدحام والانتظار لساعات طويلة في الدور.

تلك المشكلة رأى فيها نسبة من الناس فرصة لكسب رزقهم من خلال دفع الرشاوي لبعض الموظفين الأتراك مقابل تعجيل الدور أو باللجوء إلى التزوير.

فباتت الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي كثيرة، "300 ليرة تركية واحصل على الكيملك في نفس اليوم"، "100 ليرة واحصل على الوثيقة"، "100 ليرة واحصل على شهادة قيادة مركبات".. وغيرها الكثير.

"أبو هيثم" أحد القاطنين في تركيا قال أيضاً لـ "اقتصاد": "لجأ صديقي إلى أحد تلك المكاتب من أجل الحصول على الكيملك وفعلاً حصل عليها بعد يوم واحد لقاء مبلغ قدره 300 ليرة تركية للشخص الواحد. إلا أنه عند إجراءه لإحدى المعاملات القانونية التي تستوجب وجود البطاقة تم اعتقاله وعائلته من قبل السلطات التركية بعد أن تبين أن البطاقة مزورة، ورفضت السلطات حينها الإفراج عنه إلا بعد إيصالهم للشخص الذي قام بصنعها. أما صاحب المكتب فقام بتغيير رقمه ونقل مكتبه بعدما فعلها مع الكثيرين وتمكن من جني مبالغ كبيرة".

وأضاف: "منهم من يأخذ الأموال ويدفعها رشاوي لموظفين أتراك فتكون المعاملة قانونية دون أية إشكالات".

فحتى بلاد اللجوء لم يلجأ إليها الجيدون فقط والفارون من الحرب، بل العديد أيضاً من أصحاب النفوس الضعيفة الذين رأوا في الحرب والتهجير مصدر رزق جديد لهم.

يذكر بأن تركيا أصدرت قراراً يقضي بوقف منح بطاقات الحماية المؤقتة للسوريين حتى بداية 2018 إضافة إلى منعها أي سوري من مغادرة ولاية إقامته باتجاه ولاية أخرى دون إذن سفر وتهديدها لمن سيقبض عليه مسافراً دون إذن بالترحيل إلى سوريا.

ترك تعليق

التعليق