الصيدليات التجارية.. بوابة جديدة للاستثمار في جنوب دمشق


الاستثمار في المجال الدوائي بات مشروعاً ناجحاً ومضمون الأرباح وبنسبة تعادل الـ30% من رأس المال، في جنوب العاصمة دمشق.

فمشكلة توفر الدواء والشح الذي كانت تعاني منه المنطقة نتيجة الحصار الذي فرضته عليها قوات الأسد ومليشياته المتعددة، بات من الماضي. فالصيدليات التجارية والتي زاد عددها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة باتت تغطي حاجة المنطقة من الدواء. ولكن بالرغم من آثارها الإيجابية، فإن لهذه الصيدليات التجارية العديد من الآثار السلبية.
 
فراغ كبير خلفه توقف العديد من الصيدليات المجانية أو تقليص خدمات ما تبقى منها نتيجة أزمة التمويل التي يعاني منها القطاع الطبي الخيري في جنوب العاصمة، دفع المرضى لشراء الدواء من الصيدليات التجارية، الأمر الذي شجع على الاستثمار في قطاع الدواء.

 فقد شهدت المنطقة خلال الآونة الأخيرة افتتاح العديد من الصيدليات في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، حيث بلغ عدد الصيدليات التجارية في المنطقة قرابة الـ 24 صيدلية، 11 منها افتتحت حديثاً. إضافة لثلاث صيدليات في مخيم اليرموك الخاضع لسيطرة تنظيم الدولة.
 
لازال جنوب العاصمة يرزح تحت حصار جزئي. فكيف يتم إدخال الدواء إلى المنطقة؟، وكم هي كلفة افتتاح صيدلية؟، أسئلة  يجيب عليها لـ "اقتصاد"، "أبو صالح"، مالك إحدى الصيدليات في بلدة يلدا. "بالنسبة للدواء يتم إدخاله إلى المنطقة عبر حاجز ببيلا سيدي مقداد، وهو المنفذ الوحيد لبلدات جنوب العاصمة باتجاه دمشق، حيث يتم إدخال سيارات تحمل طلبيات الدواء لكل بلدة على حدا. ويتم إضافة نسبة 6% من قيمة الطلبية وتذهب إيراداتها لشعبة المخابرات المشرفة على عمل الحاجز. كما لا يوجد أي صنف دوائي يحظر إدخاله إلى المنطقة".

 وبالنسبة لسعر الدواء في جنوب العاصمة فهو لا يزيد كثيراً عن أسعاره في دمشق إن لم يكن موازياً له. فهناك عدة عوامل تساعد على بقاء السعر منخفضاً رغم وجود تكاليف نقل وإتاوة الحاجز. من هذه الأمور انخفاض أجور المحال في جنوب العاصمة مقارنة بدمشق إضافة لعدم وجود ضرائب وفواتير كهرباء.
 
تكلفة افتتاح صيدلية  يتراوح بين مليون ونصف إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية، بحسب حجم الصيدلية. طبعاً هذا الرقم هو ثمن دواء فقط، يضاف له تكاليف تجهيز الصيدلية بالرفوف وإيجار المحل، إضافة لمرتبات العاملين. لكن مردود الصيدليات يغطي معظم نفقاتها إضافة للربح الخاص بصاحب رأس المال.
 
نقص الكوادر المختصة بالصيدلة أو على أقل تقدير من يملكون خبرة طبية تؤهلهم للعمل في صيدلية، يعد أولى المشكلات التي تواجه صاحب الاستثمار. فتوظيف شخص لا يملك الخبرة يحول الصيدلية لدكان لبيع الدواء، وهو أمر كارثي، بحسب ما وصفه المختص بالصيدلة "أبو سليمان". "طغت الصيدليات التجارية على الصيدليات الخيرية المجانية بسبب فقدان الأخيرة لتمويلها الأمر الذي وضع الأهالي في المنطقة أمام دفع تكاليف إضافية في منطقة تعيش وضعاً اقتصادياً مأساوياً نتيجة انعدام فرص العمل. صحيح أن الصيدليات التجارية وفرت الدواء في المنطقة لكنها تبقى استثماراً تجارياً يهدف للربح بالدرجة الأولى، ولا يصلح أن تكون طبيباً أو صيدلانياً، وتاجراً في نفس الوقت. العمل في المجال الطبي يتطلب الحس الإنساني  بالدرجة الأولى".

ويتابع أبو سليمان: "في منطقة جنوب دمشق أو بتعبير أدق في البلدات الثلاث، يلدا وببيلا وبيت سحم، أربعة أشخاص فقط هم اختصاصيو صيدلة. وهناك عدة أشخاص يعملون في الصيدليات اكتسبوا خبرتهم من خلال عملهم الطويل في المشافي الميدانية. لكن افتتاح صيدليات جديدة يتطلب توظيف أشخاص يمتلكون الخبرة لصرف الدواء بحسب الراشيتة أو إعطاء البديل المتوفر. لذا فتوظيف أشخاص عديمي الخبرة أمر كارثي. فإعطاء البديل الخاطئ أو صرف دواء غير الموصوف في الراشيتة قد يعرض حياة المريض للخطر. أيضاً لا يوجد رقابة على عمل هذه الصيدليات لا من ناحية الالتزام بالأسعار ولا من ناحية الالتزام ببيع الدواء بناء على راشيتة موقعة ومختومة من طبيب".
 
يتساءل كثيرون عن مدى الفائدة من افتتاح صيدليات بعدد يفوق حاجة المنطقة. فيما برى آخرون أن المسألة ايجابية فقد تؤدي المنافسة لتخفيض أسعار الدواء التي تشهد اختلافاً واضحاً بين صيدلية وأخرى.


ترك تعليق

التعليق