الفيزا من السفارة التركية في لبنان.. الحلم المستحيل للسوريين


 لم تقتصر معاناة المواطن السوري على جرائم وممارسات النظام وشبيحته والمليشيات الطائفية وأزلامه فقط، بل تعدتها ووصلت إلى كافة الدول العربية ودول الجوار.

وبات السوري أينما دخل إلى أي جهة رسمية أو غير رسمية أو سفارة، يعامل معاملة درجة عاشرة وأدنى من ذلك، حتى في سفارات الدول التي تدعي مساندتها له ووقوفها بجانبه.

ولا يغيب عن الذكر معاملة السفارة التركية في لبنان الواقعة في منطقة الرابية في بيروت، وكثيرة هي المعوقات التي وضعت في وجه السوري وبشكل خاص بعد صدور قرار شرط الحصول على فيزا للدخول إلى الأراضي التركية للمواطن السوري الذي يريد السفر إليها عبر الطيران أو عبر البحر.

 فأصبحت الفيزا هي الحلم شبه المستحيل، لأي مواطن سوري.

ويرى الكثير من السوريين ممن يعاني الأمرّين للحصول على فيزا إلى تركيا، بأن تركيا التي شجعت الثورة السورية بدايةً واستقبلت ملايين اللاجئين بالأمس، توصد الباب اليوم في وجه كل سوري حتى وإن لم يكن لاجئاً.

فكثير من الطلاب السوريين وبعد الوعي والانفتاح السوري على تركيا، صار حلمه وسعيه  للدراسة في تركيا.

والكثير من الطلاب الذين حرموا من استكمال دراساتهم الجامعية في سوريا، نتيجة التعقيدات وأحداث الثورة، باتوا يتطلعون للجامعات البديلة وطبعاً لن يجدوا خيراً من جامعات الجارة تركيا، لأنها قدمت الكثير من التسهيلات والاعفاءات مثل التكاليف والأقساط الجامعية للسوريين، وبشكل ليس له مثيل في أي دولة أخرى - وهذا يُسجل لتركيا-.

عدد لابأس به من الطلاب السوريين سجلوا في الجامعات التركية وتم قبولهم وبقي أمامهم تحدي إكمال إجراءات التثبيت في الجامعات التي قُبلوا فيها.

ولكن ما السبيل للوصول إلى الجامعة، واستكمال الدراسة والحلم!. فقد أُغلقت كافة المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، وأصبحت طرق التهريب خطراً يهدد الحياة ويكلف الكثير من الأموال التي تدفع للمهربين لدخول الأراضي التركية، بالإضافة لأخطار القنص والضياع والموت.
 
فلم يبق أمام الطالب السوري سوى الذهاب إلى السفارات التركية وأقربها السفارة في بيروت وتقديم طلب للحصول على فيزا دراسية.

وعندما تصل إلى السفارة التركية في بيروت بعد مغامرة الوصول من سوريا إلى لبنان، تتفاجئ بالأوراق التي تُطلب منك لتقدمها في طلب الفيزا الدراسية (بالرغم من أن الطالب لديه قبول جامعي).

وهنا عليك تأمين شخص ذي ثقة، إن وجد، ليُؤمن لك هذه الأوراق من تركيا. وعليك أن تحذر من عمليات النصب الكثيرة التي تنال من السوريين بآلاف الدولارات.

 تتراوح تكلفة استصدار الفيزا الدراسية من السفارة التركية، بين (1000 - 3000) دولار. والأوراق المطلوبة هي:

جواز السفر ساري المفعول لفترة لا تقل عن 6 أشهر.
صورة عن جواز السفر.
صورة شخصية.
شهادة الثانوية السورية وأخرى مترجمة بالتركي ومصدقة أصولاً.
حجز فندقي.
حجز طائرة.
تأمين صحي في تركيا.
والأهم، كفيل تركي، ودعوة منه.
وكشف حساب بنكي للكفيل.
بالإضافة إلى القبول الجامعي.
ومبلغ قدره 60 دولار كرسم للفيزا.

وعليك أن تُنهي الأوراق المطلوبة بأقصى وقت ممكن قبل انتهاء الفترة المحددة للتثبيت في الجامعه التركية. وبعد جهوزية الأوراق  وحجز موعد فيزا عبر موقع السفارة الالكتروني والذي غالباً ما يكون موعداً بعد أشهر طويلة مع استثناء من لديه قبول جامعي إذ يتم إدخاله للسفارة قبل الموعد بشكل استثنائي.

وهنا عليك مراجعة السفارة التركية لتقديم أوراقك.

ولكن المفاجأة الصادمة هي معاملة موظفي السفارة التركية مع السوريين، فكثير من المراجعين السوريين منتظرين أمام باب السفارة منذ الساعه الثامنة أو التاسعة صباحاً، ولم يسمح لهم بالدخول حتى إلى غرفة الانتظار بالداخل، وعدد من المراجعين معهم أطفال دون اكتراث من الحراس اللبنانيين للسفارة وموظفي السفارة التركية.

وروت لنا سيدة سورية أنه خرج أحد الموظفين وهو لبناني، موظف في السفارة، وطلب دخول كل من بصحبته طفل، فعندما هم المراجعون السوريون ممن معهم أطفال بالدخول، صرخ في وجوههم قائلاً: "ماعم نحكي عن الطفل السوري.. الطفل السوري خلي برى".

وأدخلوا جميع المراجعين ممن معه طفل باستثناء السوريين، وبعد حوالي الساعتين أُدخل جميع المراجعين من كافة الجنسيات باستثناء الجنسية السورية، وبقي المراجعون السوريون منتظرين وأصبحت الساعة الواحدة والنصف ظهراً، وبلغت درجة الضجر للمراجعين السوريين وبينهم كبار في السن والأطفال، حداً متقدماً، وتململوا، فهذا طفل تُرضعه أمه، وذاك تغّير له "الحفاض"، وطفل يبكي من النعس والجوع -تكمل لنا السيدة السورية سرد تجربتها- وكل هذا أمام باب السفارة. وكثرت الضجة وتعب المنتظرون ولا حياة لمن تنادي.

وهنا أعلن موظفو السفارة عن فترة الغداء وبعد الانتهاء من الغداء سيتم استقبال المراجعين السوريين.

في الساعة الثالثة ظهراً تم استقبال المراجعين السوريين ولكن طُلب دخول الأهل من دون الأطفال (انتظار طويل للأطفال ولم يسمحوا لهم بالدخول مع العلم أنهم لا يعطوا فيزا لطفل إلا بحضوره شخصياً).
 
يقدم السوريون طلباتهم ومن بينهم الطلاب السوريون المقبولون في الجامعات التركية ولا يملكون سوى عدة أيام للتثبيت في الجامعات، ويجب أن يكون التسجيل فيها شخصياً.

ويأخذ الموظف المختص الطلب ومعه مبلغ (60) دولار، ويقول لك نحن نتصل بك عند وصول الرد في حال القبول والرد. (لاحظنا إعطاء وصل بقيمة 60 دولار لأشخاص وعدم إعطاء الوصل لأشخاص آخرين).

ويكمل لنا أحد الطلبة المقدمين على فيزا طالب في السفارة التركية ببيروت: "إنها الساعة الرابعة والنصف خرجنا من مبنى السفارة وبقينا بانتظار الحصول على الفيزا التي من المفترض أن تأتي عليها الموافقة خلال أيام  قليلة، فقد مضى الوقت المحدد للتثبيت في الجامعة أثناء استخراج الأوراق المطلوبة".

يتابع: "ولكن لم يأت الرد. مضى الأسبوع الأول من التقديم واتصلنا بالسفارة التركية للحصول على جواب عن وضع الفيزا ولكن لا يتم الرد على الهاتف رغم الانتظار لأكثر من 20 دقيقة وأحياناً لساعة من الانتظار على الهاتف. ولا يوجد رد".

ويواصل: "ومضى الأسبوع الثاني والثالث والرابع ولا يوجد رد".

يكمل الطالب "المعتر": "بعد مضي شهر وعشرة أيام. جاء الرد بأن طلب فيزتك رُفض. فقد فاتك الوقت المحدد للتثبيت".

 وهنا يتنفس الطالب، بعمق، مقهوراً، ويكمل: "من جعل الوقت يفوتني أو ليس سفارتكم!.. وذهب مع الرفض مبلغ60 دولار، فأنا لم يتم إعطائي وصل بقيمة المبلغ لكي أسترده".

وهنا السؤال يطرح نفسه، لما يقبل الطالب السوري في الجامعات التركية وتُرفض فيزته؟، أم أن القصة أضحت تجارة غايتها الربح واستغلال السوري؟!


ترك تعليق

التعليق