القرى الدرزية في إدلب.. كيف يعيش سكانها؟


 يعاني سكان قرى جبل السماق في شمال إدلب، من نقص حاد في المياه والحطب خاصة في فصل الشتاء حيث يواجهون صعوبات في تأمينهما بسبب الغلاء وطبيعة الجبل الوعرة.

 ويبلغ عدد سكان قرى الجبل التسع 20 ألف نسمة، وهي "بنابل، قلب لوزة، بشندلتي، بشندلايا، كفر مارس، تلتيتا، حلة، كوكو وكفر كيلا"، معظمهم من الطائفة الدرزية. وتتبع هذه القرى إدارياً لمدينة حارم.


 وأكد عبد السلام قرمو، رئيس المجلس الموحد في قرى الجبل لـــ "اقتصاد" أنَّ السبب الرئيسي لانعدام المياه يعود لسرقة مضخات المياه منذ 2012 حيث كان السكان يحصلون من خلالها على المياه من نبع الفوار القادم من حارم، الأمر الذي أجبر المدنيين في تلك القرى على شراء المياه عن طريق الصهاريج.

 وأوضح "قرمو" أن كل أسرة تحتاج لصهريجي مياه شهرياً بشكل وسطي ويصل سعر صهريج الماء سعة 15 برميل لـــ 5000 ليرة، يُعبأ من مدينة كفر تخاريم المحاذية لقرى الجبل من الغرب. أما قرى القسم الشمالي من الجبل فيحضرون الماء من قورقانيا أو حارم بسعر 8000 ليرة للصهريج سعة 20 أو22 برميل.
 

وبمحاولة من أهالي قرية "كفر كيلا" للبحث عن حل جذري لمشكلة نقص المياه جمعوا تبرعات مالية من بعض أقاربهم في قرية "طور لاها" لحفر بئر ماء فوصلوا لـمسافة 650 متر دون جدوى بسبب ارتفاع قرى الجبل عن سطح البحر بمسافة 850 متر.
 
وبمساعدة من منظمة "الهلال الأحمر القطري" بالتعاون مع منظمة "إحسان"، تم تنفيذ مشروعين كحل مؤقت، الأول في الشتاء الماضي بتوزيع 5 براميل لكل أسرة عن طريق الصهاريج في كافة القرى، والمشروع الثاني كان صيفاً، لكل منزل 17 برميلاً لمرة واحدة فقط، غطى قرى الجبل كلها.


من جهة ثانية يواجه سكان قرى الجبل صعوبة في تأمين مادة الحطب إذ أنهم يعتمدون عليه بشكل أساسي بسبب البرد الشديد، إذ لا ينفع استخدام المازوت في تلك القرى بعد أن وصل سعر اللتر منه مؤخراً ما بين 225 و250 ليرة سورية.
 
 تحدث "حسين عمر البكور" أحد النازحين لقرية كفر مارس ورئيس لجنة الإغاثة في مجلس الجبل الموحد لــ "اقتصاد"، أنَّ اعتماد الأهالي على الحطب في التدفئة ليس بجديد بل منذ القدم كانوا يقطعونه من أشجار السنديان والسرو والأشجار الحراجية مما أدى لتجريد الجبل من أشجاره في السنتين الماضيتين، الأمر الذي دفع مزارعي أشجار الزيتون في الجبل لتقليمها بشكل جائر أي أنهم لن يتمكنوا من تقليمها هذا العام.
 

يصل سعر طن من الحطب ما بين 68 - 70 ألف ليرة، أي أن سعر الكيلو 70 ليرة، وتحتاج كل أسرة في قرى الجبل إلى ما يقارب 4 طن من الحطب خلال فصل الشتاء أي ما يصل لكلفة 250 ألف ليرة سورية، لأنهم لا يستخدمونه في التدفئة فقط، بل يعتمدون عليه في عمليات طهي الطعام وتسخين المياه بسبب ارتفاع سعر أنبوبة الغاز الذي وصل مؤخراً لـ 7500 ليرة سورية وهي مبالغ خيالية بالنسبة لمعظم العائلات التي تعتمد في معيشتها على رعي المواشي عدا النازحين لقرى الجبل ممن وجدوا الأمان فيه، ومعظمهم لا عمل لهم، ويعتمدون على ما تقدمه لهم المنظمات من معونات.

نقص الخدمات وصعوبة المعيشة وارتفاع الأسعار فضَّلها سكان قُرى الجبل والنازحين إليها على القصف من قبل قوات النظام الذي لم يطل تلك القرى بعد، سوى مرتين تقريباً، خلال سنوات الحرب، فكانت لهم ملاذاً آمناً رغم كل ما يواجهونه من معاناة.


وتخضع قرى جبل السماق في ادلب، لسيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، الأمر الذي أدى إلى فرض لبس الخمار على الفتيات في قرى الجبل، أما الرجال مازلوا يرتدون السروال والقمباز والعقال، وأيضاً تربية الشوارب في دلالة على العزة والكرامة.


يشار إلى أن سكان جبل السماق في ادلب، يعتمدون في عيشهم على إنتاج مواشيهم "ماعز - أغنام - أبقار"، إضافة لبعض الأشجار بين الصخور وبعض البساتين الخاصة بهم، ويتصفون بالكرم والضيافة، حيث تربطهم علاقات صداقة وأخوة كبيرتين مع النازحين في قراهم وأهالي القرى المحيطة بهم.



ترك تعليق

التعليق