13 مليار دولار ثروة باسل الأسد في عام 1994.. ماذا كانت تعني؟
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - خاص - اقتصاد --
- 21 كانون الأول 2017 --
- 0 تعليقات
فعل خيراً الزميل إياد الجعفري، عندما كتب مقالاً على هذا الموقع، حاول من خلاله استخراج النقطة الأبرز من الفيلم الوثائقي الذي صنعته قناة الجزيرة عن قصة انتحار رئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي، إذ أشار إلى أن الموضوع الأبرز في ذلك الفيلم والذي لفت انتباه السوريين، لم يكن الزعبي ذاته، وإنما ما تم كشفه عن ثروة باسل الأسد في البنوك النمساوية بعيد وفاته، والتي بلغت 13 مليار دولار في العام 1994.
الرقم، بلا شك كبير، وبكل المقاييس، لكن تزداد دلالته عندما نتناوله ضمن الفترة الزمنية ذاتها، أي العام 1994، فماذا كان وضع سوريا الاقتصادي في ذلك العام والأعوام التي قبله وبعده..؟، على اعتبار أن ثروة باسل الأسد لم يتم وضعها دفعة واحدة في البنوك النمساوية في نفس العام الذي مات به، وإنما هي نتيجة تراكم سرقاته على مدى عدة أعوام..
أولاً، من يراجع أرقام الموازنة العامة للدولة بدءاً من العام 1990 وحتى العام 2000، سوف يلاحظ أنها في تلك الأعوام كانت تتراوح بين 1.5 مليار دولار إلى 5 مليار دولار فقط، وكانت جميع الموازنات في تلك الأعوام ممولة بالعجز بنسبة كبيرة والذي قد يصل إلى أكثر من 40 بالمئة.
كذلك على مدى عشر سنوات، من العام 1990 إلى العام 2000، كان حافظ الأسد يرفض إجراء أية زيادات على الدخل، بحجة عدم وجود موارد كافية لتغطية هذه الزيادات، باستثناء العام 1993، عندما رفع الرواتب في اليوم الأول، وزاد أسعار الوقود والخبز في اليوم الثاني، وبما يفوق الزيادة التي أقرها.
وفي الفترة من العام 1990 وحتى العام 2000، كان الوضع الاقتصادي في البلد، قد وصل إلى حافة الانهيار، وكانت الوزارات لا تملك في خزائنها سوى رواتب موظفيها، بينما توقفت حركة المشاريع في البلد، بما فيها الخدمية الأساسية، والحجة دائماً، عدم وجود موارد مالية لتنفيذ هذه المشاريع.. أما فيما يتعلق باقتصاد المواطن، فقد كانت تلك الفترة هي الأسوأ على الموظف، بعد فترة حصار استمرت لسبع سنوات خلال فترة الثمانينيات، وكان دخله في أحسن الحالات، لا يتجاوز الـ 4 آلاف ليرة سورية، وهو رقم لم يكن يكفي لتغطية مصاريف فرد لوحده.. فكيف الحال بتغطية تكاليف معيشة أسرة بكاملها..؟!
كل ذلك كان يحدث، بينما ثروة باسل الأسد لوحده في البنوك النمساوية 13 مليار دولار.. ومصدر هذه الأموال، كما هو معروف، كانت في أغلبها من إيرادات النفط السوري، الذي احتكره حافظ الأسد طوال فترة حكمه الثلاثين، وكان يرفض إدخاله في الموازنة العامة للدولة، ويحول إيراداته إلى القصر الجمهوري، والذي كان يقصد به، جيبه الخاص..
أيضاً في الفيلم ذاته، تم المرور بشكل عابر، في أحد اللقاءات، على معلومة تفيد بأن إنتاج سوريا من النفط، لم يكن أحد يعلم عنه شيئاً، وما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام من أن الإنتاج يتراوح بين 350 ألف برميل يومياً إلى 400 ألف برميل، هو رقم غير دقيق على الإطلاق، بل كان الإنتاج الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، وهو ما ذكرني بتصريح لوزير النفط الأسبق سفيان العلاو، الذي ذكر مرة أمامي رقماً يصل إلى 700 ألف برميل نفط يومياً، لكنه عاد وتراجع عنه مشيراً إلى أن هذا الرقم يخص عامين فقط، في الفترة من 2001 إلى 2003.
بكل الأحوال، لا يجب أن تمر معلومة رقم 13 مليار دولار، كثروة لباسل الأسد لوحده، مرور الكرام.. فهي ثروة تحمل رسالة للمؤيدين، وبالذات من أبناء المنطقة الساحلية، الذين يزهقون اليوم أرواحهم ثمناً للدفاع عن هذا النظام، بينما يعانون من الفقر المدقع شأنهم شأن باقي أفراد الشعب السوري، وهي تدفعنا للتساؤل عن باقي الثروات التي سرقها أفراد عائلة الأسد خلال الحقبة ذاتها، من قوت الشعب السوري، والتي يمكن أن يصل مجموعها إلى أكثر من 30 مليار دولار.. ولنا أن نتخيل في هذه الحالة: بضعة أفراد من عائلة الأسد، كانوا يملكون عشرة أضعاف موازنة سوريا، التي كان يجب أن يتم صرفها على أكثر من 16 مليون نسمة في العام 1994..!!
التعليق