ما يزال خجولاً.. التمويل الإغاثي يُوجه نحو ترميم المرافق العامة بريف حمص


تعد المرافق العامة والبنى التحتية من أهم المعايير التي تدخل في تصنيف مدى تطور أي بلد في العالم، فهي واجهة البلد بشكل عام وتعكس مرحلة التطور والتقدم التي يعيشها البلد، وتقدم الدعم الأساسي لأي مشروع. وتعد السكة الحديدية التي يسير عليها القطار الاقتصادي، ومقدار جودتها وملائمتها للاحتياجات، عامل ينعكس إيجاباً على رفاهية المواطنين.

وفي "سوريا الأسد"، لم تكن المرافق العامة والبنى التحتية بجودة القرن الحادي والعشرين، فلا يستطيع أن ينسى السوريون مقابلة لمسؤول جمركي على تلفزيون النظام قبيل الثورة ببضع سنوات، حين سأله مقدم البرنامج عن سبب ارتفاع الجمرك على السيارات السياحية حيث يصل إلى 600%، فكان جواب المسؤول: "لا يوجد في سوريا طرق وشوارع تستطيع تحمل الازدحام المروري الحالي فما بالكم إذا تم خفض أسعار السيارات"، عملياً فالجواب مقنع نوعاً ما ولا يستطيع أحد انكار الازدحام المروري وأزمة إيجاد مكان لركن السيارة في مراكز المدن، لكنه يعكس بشكل صارخ رداءة البنى التحتية والمرافق العامة.

ومع اندلاع الثورة وخروج مناطق واسعة عن سيطرة النظام، قام النظام باستهداف البنى التحتية والمراكز الحيوية كالأفران والطرقات والجسور والمدارس ومكاتب البريد، وأي مؤسسة يمكنها تقديم أي خدمة للمواطنين خارج سيطرته، محاولة منه للضغط على المؤسسات الثورية التي استلمت إدارة المناطق المحررة.

ومع دخول الريف الشمالي لحمص ضمن اتفاقية خفض التصعيد وما تبعه من استقرار نسبي، بدأت المنظمات والمجالس المحلية تُقدم على ترميم ما يمكن ترميمه من البنى التحتية سعياً منها لدفع عجلة الاقتصاد في المنطقة، وتأمين بعض فرص العمل.

تأهيل الفرن الآلي

مع خروج المنطقة عن سيطرة النظام أوائل عام 2012، سارع النظام إلى حرمان الريف الحمصي من مخصصاته من الطحين، بل وذهب أبعد من ذلك فقام بقصف الفرن الآلي الوحيد في المنطقة، الموجود في مدينة الرستن، وألحق به أضراراً جسيمة، مما أدى لخروجه عن الخدمة، والضغط على السكان والمؤسسات الثورية.

لكن مع انخفاض وتيرة القصف، ونظراً لما تعانيه الهيئات القائمة على موضوع الخبز في تأمين الأفران لإتمام عملية الخبز لأكثر من 80 ألف مواطن، قدمت مؤسسة "إحسان للإغاثة والتنمية" مشروعاً لترميم وتجهيز الفرن، يعد الأول من نوعه على مستوى الريف الشمالي لحمص.

محمد رزوق، مدير المكتب الزراعي في مدينة الرستن تحدث لـ "اقتصاد": "تقوم مؤسسة إحسان بتأهيل الفرن الآلي ليتسنى للمجلس المحلي إتمام دورة إنتاج الخبز بدءاً من زراعة القمح مروراً بالمطحنة الخاصة بالمجلس وصولاً للفرن لتكتمل حلقة مشروع الأمن الغذائي وسبل العيش".

وأضاف رزوق: "إن الفرن المذكور يعد من أحسن النوعيات على مستوى سوريا، وهو ذو طاقة إنتاجية عالية ستغنينا كمجلس محلي عن التوجه إلى الأفران الخاصة، حيث قدرت كلفة ترميمه بـ 120 ألف دولار".

يُذكر أن مشروع تأهيل الفرن أمّن أكثر من 250 فرصة عمل خلال مرحلة التأهيل، وسيُؤمّن ما لا يقل عن 100 وظيفة للعمال المشرفين على عمله المستقبلي بشكل دائم.

ترميم المدارس

مع بدء العام الدراسي الحالي، تم ترميم أكثر من 4 مدارس من أصل 13، في مدينة الرستن لوحدها، وتجهيزها بشكل شبه كامل، بعد الأضرار التي لحقت بها نتيجة القصف الممنهج الذي تعرضت له وحملات السرقة التي طالتها.

عبدالله أيوب، مدير المكتب الإعلامي في المجلس المحلي قال في حديث خاص لـ "اقتصاد": "قام المجلس المحلي بشراكة مع منظمة IYD بإطلاق مشروع لترميم المدارس وتجهيزها للعام الدراسي الحالي، وقمنا بأعمال صيانة لبعض المدارس المهددة بالانهيار للحيلولة دون ذلك، بتكلفة تجاوزت الـ 6 مليون ليرة سورية".

وأشار أيوب: "نسعى إلى توجيه المشاريع بشكل عام نحو إعادة تأهيل البنى التحتية وترميم المرافق العامة، ونجد تجاوباً مقبولاً من المنظمات العاملة حيث وعدت منظمة (أهل البلد) بترميم مدرسة وتجهيزها بشكل كامل".

مشاريع خجولة تنطلق في الريف الشمالي لإعادة تأهيل البنى التحتية بسبب عدم الاستقرار التام، لكنها تبقى مشاريع مبشرة في ظل الإمكانيات المتاحة، حيث ينتظر السوريون "مارشال" لسوريا، لينهض بالبلد بشكل عام.

ترك تعليق

التعليق