شبكة تزوير لم الشمل في قبضة القضاء المصري.. والسوريون، الخاسر الأكبر


لم شمل الأسر السورية المقيمة في مصر قضية السوريين الأولى وشغلهم الشاغل وحديثهم اليومي على صفحاتهم وفي مجموعاتهم وجلساتهم، متى سيعاد العمل بلم الشمل للأسر السورية المقيمة في مصر؟؟

البداية
 
لم الشمل كما أوردنا سابقاً، بدأ في منتصف عام 2016 وفي إجراءاته أنه يحق للسوريين المقيمين في مصر من حملة الإقامة السنوية لغير السياحة بأن يتقدموا بطلبات لم شمل لأقرابهم من الدرجة الأولى، وذلك في مجمع التحرير في القاهرة. واستفاد من هذا القرار آلاف السوريين الذين استقدموا أقاربهم من الدرجة الأولى الى مصر برسوم مالية لا تتجاوز15 جنيه  مصري، تذهب كطوابع توضع على الطلب المقدم، والموافقة كانت تصدر خلال ثلاثة أسابيع على الأكثر.

توقف لم الشمل
 
في منتصف عام 2017 ومع نهاية شهر حزيران تفاجئ السوريون في مصر بتوقف استلام طلبات لم الشمل وأن القرار السابق قد أُوقف العمل به حتى إشعار آخر دون إيضاحات أكثر.

 ولكن يوماً بعد آخر تبين أن هناك شبكة من السماسرة معظمهم سوريون عملت على التزوير في هذا الملف بقصد التربح المادي.

كيف ولماذا يتم التزوير؟
 
حينما كان لم الشمل متاحاً للسوريين في مصر من حملة الإقامة السنوية، استغلته شبكة السماسرة تلك، حيث قدمت طلبات تأشيرات للسماح بدخول أشخاص من خارج مصر، وليس لديهم أقارب في مصر يحملون إقامة سنوية، وذلك من خلال عملية تزوير في البيانات العائلية وصكوك الزواج، حيث يزورون هذه الأوراق، وما بداخلها من بيانات. وهذه الأوراق مزورة بمعلوماتها وأختامها، حيث يوجد عليها أختام مزورة لكل من وزارتي الخارجية والداخلية السورية. ومن ثم ينتقلون إلى مرحلة أخرى من التزوير، وتتمثل بتقديم طلب لم شمل باسم أحد السوريين المقيمين في مصر من حملة الإقامة السنوية على أنه قريب أو قريبة من الدرجة الأولى للشخص طالب التأشيرة بمقابل مادي يُدفع لهذا الشخص لا تزيد قيمته عن 2000 جنيه مصري في حين يتقاضى هذا السمسار من الشخص الراغب بالقدوم إلى مصر مبلغ يصل إالى 3000 دولار أمريكي. وهنا سأِشرح حالة على سبيل المثال، توضح آلية التزوير التي حصلت.

شخص موجود خارج مصر يريد الدخول الى مصر بقصد العمل أو الإقامة، يتواصل مع أحد السماسرة هو أو أحد أقربائه، فيطلب السمسار صورة جواز سفره ومبلغ 3000 دولار أمريكي ثمن للتأشيرة، وهنا طالب التأشيرة لا يعلم بالمطلق كيف سيتم اصدار التأشيرة له، وبالتأكيد هو يعتقد أنها سليمة وصحيحة، ولولا ذلك لن يدفع هذا المبلغ الكبير، والسمسار هنا يقوم بالبحث عن شخص سوري مقيم في مصر معه إقامة سنوية ويدفع له حوالي 2000 جنيه مصري ومن ثم يزور بيانات عائلية تتضمن صلة قرابة من الدرجة الأولى بين طالب الفيزا والوسيط حامل الإقامة السنوية. تتم هذه العملية دون أي علم من طالب الفيزا وهو ضحية لعملية تزوير واستغلال مادي من قبل السمسار. وكذلك دون أية علاقة  أو صلة بين طالب الفيزا وبين الوسيط الذي يحمل الاقامة السنوية. وعملية التزوير للبيانات العائلية تتم من قبل السمسار فقط، مع ملاحظة عدم قدرة السماسرة على القيام بهذه العملية المعقدة دون أن يتم كشف ذلك من الموظفين القائمين على عملية لم الشمل. فإن استبعدنا الاشتراك فهو إهمال على أقل تقدير.

 ومن الحالات المؤلمة أن من بين حالات التزوير استقدام أربعة أشخاص على فترات متباعدة بتزوير بيان عائلي وصك زواج لذات السيدة على أنهم أزواجها، وكذلك حالات أخرى، تتم بتزويج شاب أو فتاة من شخص آخر في عبث بالأنساب والعائلات عبر تزوير الوثائق من قبل هؤلاء السماسرة مستغلين حاجة الناس وجهلهم في جريمة ربما تضاف كجريمة فريدة من نوعها في سجل الاتجار بالبشر.

الوضع الحالي
 
بعد أن تم اكتشاف عمليات تزوير من هذا النوع، يتم الآن التدقيق على كافة جوازات سفر السوريين في مصر الذين دخلوا إلى مصر بتأِشيرات لم شمل بعد عام 2015. ويتم التأكد من هذه الفيزا من قبل الجهة المختصة، ومن سلامة الأوراق المقدمة. ومن يُكتشف أن تأشيرته فيها تزوير، يتم إحالته إلى النيابة العامة بتهمة التزوير، ويحال إلى القضاء بعد أن يقر باسم الشخص الذي استخرج له التأِشيرة، ويُصادر جواز سفره.

وهنا نؤكد أن المزوّر والمجرم الفعلي هو السمسار الذي زوّر الأوراق وليس الشخص طالب التأشيرة، فهو ضحية لشبكة السماسرة هذه، وتصرفه كان بحسن نية ولا يعلم بالمطلق كيف تتم عملية الحصول على تأشيرة. وقد تم القبض على العديد من هؤلاء السماسرة وتم إحالتهم للقضاء، وقسم كبير منهم هرب خارج مصر تجنباً للمساءلة بعد أن جمع آلاف الدولارات وتسبب وسيتسبب بتوقيف عشرات السوريين الذين دخلوا بهذه التأشيرات المزورة.

الحلول

إن عملية التزوير التي حصلت لا ذنب فيها للسوريين المقيمين في مصر حتى يتم معاقبتهم بشكل جماعي بوقف لم الشمل، وبالتالي لابد لنا الطلب من السلطات المصرية إعادة فتح لم الشمل، على أن يتم وضع آلية جديدة لتصديق الأوراق الثبوتية المقدمة.

 وهنا نقترح حلين، الأول أن لا تقبل الأوراق إلا إذا كانت مصدقة من الخارجية السورية، ومن ثم، القنصلية السورية بالقاهرة، وبعدها الخارجية المصرية. أو أن يتم تصديقها من الخارجية السورية، ومن ثم القنصلية المصرية بدمشق، وبعدها الخارجية المصرية. وبهاتين الحالتين يستحيل التزوير كما نعلم جميعاً.

 كذلك لابد من الإشارة الى أن الشخص الذي دخل بهذه الفيزا هو ضحية، والمجرم الحقيقي والمذنب، هو السمسار وشركاؤه، خاصة وأن معدلات الدخول غير الشرعي عبر السودان قد زادت منذ وقف هذا المنفذ الشرعي للدخول. وكذلك انتشرت من جديد سوق اتجار بتأشيرات الدخول، حيث يصل ثمن تأشيرة الدخول الواحدة لأكثر من 3500 دولار أمريكي. والحل الأمثل لمكافحة هذه الظواهر يتمثل بإعادة تفعيل لم الشمل من جديد.

ترك تعليق

التعليق