في إدلب.. هذه المهن تجعلك من أصحاب الملايين


خرجت محافظة إدلب في ظل تداعيات الحرب السورية من نفق البلدان المنسية، كما كان يطلق عليها سابقاً، لتواكب ازدهاراً في الحركة الاقتصادية جعلت العشرات من سكانها في عداد أصحاب الملايين؛ فكيف حصلوا على هذه الأموال؟

في البداية؛ من الضروري معرفة أن الفرص التي تجعلك ضمن القائمة السابقة لا تزال موجودة بشرط امتلاك بضعة آلاف من الدولارات تكون بمثابة رأس المال الذي سيغدو مفتاحاً للنجاح. كما أن العلاقات مع الفصائل العسكرية التي تدير إدلب بإمكانها مضاعفة أموالك كونها تزيد من فرص الربح لعدة أضعاف.

قبل سنوات امتلك "حسن" مبلغاً بسيطاً ادخره كـ (تحويشة العم ،) كما يقول لـ "اقتصاد". ومع سيطرة تنظيم الدولة والأكراد على حقول النفط راجت تجارة النفط في السوق السوداء، فقرر العمل في تكرير النفط لاستخراج المازوت والبنزين والكاز وبيعها في الأسواق المحلية.

في غضون سنوات تضاعفت أموال حسن فعمل على توسيع (حراقة الفيول) التي يستخدمها في التكرير اليدوي. ولتوفير أجرة شحن المواد الأولية اشترى صهريجاً ضخماً (حوت) يحصل عن طريقه على النفط الخام من المنطقة الشرقية.

يقول حسن: "العمل في مجال تكرير النفط مربح جداً. إنتاحي اليومي لا يقل عن 50 برميلاً من المحروقات، أبيعه للسوق المحلية. كما أمتلك متجراً كبيراً لتصريف هذه البضاعة الرائجة بشكل لا مثيل له في هذه المنطقة".

ليس بعيداً عن سواد الفيول الذي يطلق عليه الذهب الأسود، تمكن الثلاثيني "توفيق" من جني أرباح طائلة من تجارة المحروقات بأنواعها المختلفة عبر شرائها من أصحاب الحراقات ومن تجار يتعامل معهم في أماكن سيطرة النظام ومناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية".

قال توفيق لـ "اقتصاد" وهو يعد مبلغ 10 آلاف دولار بنفس الطريقة التي يستخدمها لعد مبلغ 10 آلاف ليرة، "الحمد لله، الشغل تمام، كل الناس بحاجة للمازوت ولدي منه الكثير".

اضطراب السوق ضاعف من ثروة رجل مثل توفيق (يعرف من أين تؤكل الكتف). في الصيف عادة لا يتجاوز سعر برميل المازوت 40 ألف ليرة، أما في الشتاء ومع حلول البرد وحاجة الناس للتدفئة يرتفع البرميل الواحد متجاوزاً الـ 60 ألف ليرة قافزاً إلى الـ 70 ألف في بعض الأحيان. "أخزن الكثير من بضاعتي للشتاء، نعم أنا أربح الكثير والتجارة شطارة".

مهنة الصرافة والحوالات غدت هي الأخرى في ظل التقلب الجنوني لسوق العملة مصدراً للحصول على أموال لا تعد ولا تحصى. الثلاثيني "محمد" غدا خبيراً في آلية عمل السوق السوداء وتقلباتها التي لا تعرف الاستقرار.

محمد قال لـ "اقتصاد" إنه استثمر مبلغاً محترماً منذ سنوات في مجال الصرافة والحوالات من وإلى إدلب وسائر دول العالم، حيث تصل الحوالات من المغتربين إلى أقاربهم في المحافظة وبالعكس.

"الليرة في ظل الأزمة لا تعرف الاستقرار، وهذا حقق لنا أرباحاً لم نكن نحلم بها قبل الثورة، كما أن الحوالات المالية القادمة من الخارج تعتبر ضخمة نظراً لعدد اللاجئين الكبير في الخارج، أتقاضى بضعة دولارات لا تتجاوز أصابع الكفين على كل ألف دولار ومع غزارة هذه المبالغ أجني ربحاً لا باس به".

ومع أن مهنة الصرافة تعتبر أبرز المهن المدرة للمال إلا أنها لا تخلو من خطورة قد تؤدي بصاحبها للإفلاس نظراً لتلاعب النظام عبر وكلائه في السوق السوداء بالأسعار، وهذا ما يخشاه محمد وزملاؤه من أصحاب محلات الصرافة في إدلب.

من أبرز التجارات التي شارفت على الاندثار، تجارة المواد الإغاثية التي كانت توزعها المنظمات الإنسانية لعشرات الآلاف من الأهالي بشكل مستمر. وعبر شراء هذه المواد وتصديرها للمنطقة الشرقية حيث كان يسيطر تنظيم الدولة، جنى "سعيد" 35 عاماً، كمية لا بأس بها من الأموال يستثمرها في الوقت الحالي بتجارة السيارات المستعملة.

سعيد قال لـ "اقتصاد" إن تجارة المواد الإغاثية كانت رائجة قبل سيطرة النظام وقسد على الرقة ودير الزور، لكن وبعد المعارك الكبيرة التي جرت في المنطقة، أُغلقت الطرقات نحو المنطقة الشرقية، ما جعل تجارة المواد الإغاثية تتوقف لكن بعد سنوات من الازدهار التي ملأت مئات الجيوب بالملايين.


ترك تعليق

التعليق