السكن الجامعي في سوريا.. مجال لاستثمار المتنفذين، وباب لانتفاع التجار


لا يخفى على السوريين معاناة طلاب الجامعات السورية حتى قبل اندلاع الثورة، فلطالما عانوا من سياسات النظام القمعية وممارسات الطلاب المتنفذين من مندوبي أفرع الأمن، وطلاب اتحاد شبيبة الثورة، إحدى مؤسسات حزب البعث، والذي خصص لهم مكتباً في القيادة القطرية.

ومع اندلاع الثورة ازداد نفوذ طلاب الاتحاد، ليطلقوا على أنفسهم "أشبال الأسد"، وليتحول الاتحاد الطلابي إلى اتحاد تشبيحي، أشبه بفرع أمن مسلط على رقاب الطلاب، وليستلم أمن الجامعات والمدن الجامعية المخصصة للطلاب، فوصل الأمر بهم إلى بيع غرف السكن بمبالغ وصلت إلى 50 ألف ليرة سورية للغرفة الواحدة، فيما لا تتعدى قيمتها الحقيقية الـ 15 ألف ليرة سورية.

إلى السكن

بعد خروج مناطق واسعة عن سيطرة النظام وقيامه بقصفها بشكل ممنهج، اضطر سكان هذه المناطق إلى النزوح للمدن هرباً من شبح الموت، مما أدى إلى ارتفاع خرافي في إيجارات البيوت، وأجبر ذلك طلاب الجامعات على العودة للسكن الجامعي، بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجارات الباهظة.

محمد، طالب جامعي في جامعة دمشق، يسكن في السكن الجامعي، تحدث لـ "اقتصاد": "بعد بدء الثورة عصفت مراكز المدن السورية بالنازحين فارتفعت الإيجارات مما اضطرنا للذهاب إلى السكن الجامعي لعدم القدرة على دفع الإيجارات، فلا وجود لمنزل بأقل من 50 ألف ليرة".

وأضاف: "وأنا كطالب جامعي أعمل بدوام مسائي، لا أستطيع الانفاق على دراستي، ناهيك عن المبالغ النقدية التي ترسلها لي عائلتي كل فترة".

رشاوى ووساطات

انتشرت ظاهرة الرشاوى بين الطلاب لصالح طلاب "الاتحاد"، الطلاب المتنفذين في اتحاد شبيبة الثورة، للحصول على سكن بكتاب من الاتحاد للطلاب الراسبين أو من لم يستطع الحصول على غرفة بشكل قانوني. ويصل سعر الإيصال الواحد إلى أكثر من 15 ألف ليرة.

عبدالرحمن، طالب في جامعة دمشق تحدث لـ"اقتصاد": "انتشرت الرشاوى بين الطلاب. وقد تمادى طلاب الاتحاد برفع الأسعار، وبعلم إدارة السكن، وحتى رئاسة الجامعة. فإطلاق يدهم بين الطلاب كان أشبه بجائزة لهم على ممارسة العمل الأمني، ووقوفهم على الحواجز المحيطة بالجامعة وسكنها".

استثمار محلات السكن

تقوم إدارة السكن الجامعي سنوياً بإجراء مناقصة على المحلات التجارية المنشرة داخل حرم السكن الجامعي. ورغم أن المناقصة سنوية إلا أن مستثمري المتاجر لم يتغيروا منذ سنوات فهي مناقصة بشكل شكلي، أما مضمون استثمار المتاجر المنتشرة، لا يتعدى أمراً من فروع الأمن أو أحد المتنفذين في اتحاد شبيبة الثورة. وتقوم هذه المتاجر ببيع الطلاب بضاعتها بأسعار أغلى بنسبة 30% من سعرها الحقيقي في الأسواق.

أحمد من طلاب جامعة حمص، قال لـ"اقتصاد": "يقوم المتجر الرئيسي ببيعنا بضاعته بأسعار باهظة مقارنة بسعرها الحقيقي، فهو يستغل الطلاب بشكل واضح ورغم الشكاوي المقدمة من قبل الطلاب لإدارة السكن فلا حياة لمن تنادي، فالمستثمر مدعوم ولا أحد يجرؤ على الحديث معه، والطلاب مضطرون للشراء منه، بسبب بعد السوق عن الحرم الجامعي".

السكن الخاص

مع ظهور مشاكل السكن الجامعي العام، وصعوبة الحصول عليه، قام بعض التجار باستئجار بنايات بأكملها وتحويلها إلى سكن جامعي خاص، مخدم بشكل ممتاز، ويقوم على حراسته حراس على مدار 24 ساعة.

ياسر من طلاب جامعة حمص يسكن في سكن خاص، تحدث لـ"اقتصاد": "تدني مستوى الخدمات وتردي الوضع الأمني في السكن الجامعي العام وصعوبة الحصول عليه، اضطرتني للتسجيل في سكن جامعي خاص، رغم أسعاره الباهظة، إلا أنه ممتاز جداً، فهو مخدم بشكل ممتاز، ويتوفر فيه الجو الملائم للدراسة والتحصيل العلمي. ويصل إيجار الغرفة الواحد إلى 90 ألف ليرة سورية في الفصلين الدراسيين".

ويعاني الطاب ما يعانوه للحصول على شهادة من الجامعات السورية التي فقدت وزنها وترتيبها عالمياً وعربياً، بسبب قرار الترفع الإداري المتكرر. لكن عدم وجود بديل مقنع أبقى هذه الجامعات، الخيار الوحيد أمام السوريين.


ترك تعليق

التعليق