الفلسطينيون السوريون في مصر.. لاجئون منسيون


"وُلدت في سوريا، وأحمل وثيقة شخصية سورية، وعند وصولي إلى مصر لم أُعامل معاملة اللاجئ، ولا معاملة المواطن السوري من قبل مفوضية اللاجئين، ولا من قبل السلطات المصرية".. هذه السطور لسان حال ما يزيد عن خمسة آلاف فلسطيني سوري مقيم في مصر، نزح عن سوريا منذ عام 2011 وإلى اليوم، دون أية حلول تلوح في الأفق، لقوننة وضعهم من قبل مفوضية اللاجئين أو الأونروا أو السفارتين الفلسطينية والسورية في مصر.

نبدأ في شرح معاناة أهلنا من الفلسطينيين السوريين ابتداء من مفوضية اللاجئين التي ترفض تسجيلهم لديها كطالبي لجوء أسوة بالسوريين المقيمين في مصر، مما يعني حرمانهم من كل الخدمات المقدمة من مفوضية اللاجئين، ومنها حق الحماية أو المساعدات الغذائية أو الطبابة والعلاج أو المنح التعليمية أو المالية أو إعادة التوطين أو العمل  على الرغم من كونهم لاجئين للمرة الثانية، وحجة مفوضية اللاجئين في ذلك عدم تبعية الفلسطينيين لولايتها على اعتبار أن الفلسطينيين يتبعون لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)،  والتي تشكلت في أعقاب نكبة عام 1948، بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين.

وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950، وتقدم خدماتها  لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة. ولا يشمل نطاق عملها جمهورية مصر العربية، إلا من خلال مكتب إداري يضم اثنين من الموظفين لا أكثر، ولا يقدمون أية خدمات تذكر لهؤلاء المقيمين في مصر، وتقتصر الخدمة المقدمة لهم على إعانة غذائية مقدمة من الصليب الأحمر، لعدد محدود من العائلات الفلسطينية السورية.

مئات العائلات من الأسر الفلسطينية السورية تعيش ظروف إنسانية صعبة ومعاناة كبيرة في تسجيل أبنائهم في المدارس والحصول على إقامة سنوية أو سياحية، والتي تُقابل معظم الأحيان بالرفض أو الانتظار الطويل ليحصلوا على إقامة قد يحالفهم الحظ بالحصول عليها بعد أشهر من التقدم بالمعاملة المطلوبة لمصالح الهجرة والجوازات. وحتى في هذه لا يعاملون معاملة السوريين من حيث رسوم الإقامة، حيث رسم الإقامة للفلسطيني السوري قرابة 500 جنيه للشخص الواحد، بينما بالنسبة للسوري في مصر رسوم الإقامة لا تتعدى 50 جنيهاً، وكذلك غرامة التخلف عن الحصول على إقامة لا يعامل فيها معاملة السوري أيضاً، حيث أن الغرامات المترتبة عن الفترة التي سبقت تطبيق قانون الإقامة الجديد في مصر بالنسبة للسوريين عن الفترة التي سبقت 16/2/2017 حددت للسوري بـ  153 جنيهاً مصرياً، بينما للفلسطيني السوري بقيت عن أول 3 أشهر 1050 جنيه مصري وعن كل 3 أشهر بعدها 500 جنيه مصري.

السفارة الفلسطينية في القاهرة لا تقدم لهم أية خدمات كانت ماعدا منحهم جواز سفر فلسطيني صادر عن السلطة الفلسطينية، ولكنه لا يقدم لهم من الناحية العملية أية مزايا أو تسهيلات حتى بالإقامة.

السفارة السورية بالقاهرة أيضاً لا تقدم لهم أية خدمات ماعدا تجديد وثائق السفر الصادرة عن الجمهورية العربية السورية لا أكثر.

الفلسطينيون السوريون في مصر لا يوجد أي تجمع يمثلهم أو ينظمهم أو يتحدث بمشاكلهم وهمومهم ومطالبهم المحقة، فهم بالفعل لاجئون منسيون لا صوت لهم ولا حقوق.

المشكلة الأكبر هنا يقع بها الفلسطينيون السوريون الذين يدخلون بشكل غير شرعي عبر السودان، هؤلاء لا وسيلة قانونية متاحة لقوننة وضعهم عبر مفوضية اللاجئين أسوة بالسوريين، الذين يدخلون بشكل غير شرعي، مما يجعل إقامتهم غير قانونية ولا سبيل لقوننتها، وبالتالي لن يتاح لهم تسجيل أبنائهم بالمدارس، أو الجامعات المصرية، وحتى في حال رغبتهم بمغادرة مصر فليس أمامهم طريق إلا العودة إلى سوريا، وفي حال كان دخولهم بقصد إجراء مقابلات لم شمل لدى السفارات الأوروبية في القاهرة، في هذه الحالة أمامهم حل وحيد وهو مراجعة مجمع التحرير على شباك الدخول الاعتباري حيث يتقدمون بأوراقهم وثبوتياتهم وينتظرون موافقات إدارية وأمنية قد تطول لأشهر ليصدر لهم بعدها ختم دخول اعتباري واقامة مؤقتة لمدة أسبوع يكلفون بمغادرة مصر بعدها.
 
لذلك إذا كنت فلسطينياً سورياً، إياك والدخول غير الشرعي إلى مصر فلا وسيلة لقوننة وضعك والبقاء بقصد الإقامة في مصر.

مما لاشك فيه أن السوريين عانوا كثيراً في لجوئهم ونزوحهم من سوريا، ولكن معاناة الفلسطينيين السوريين مضاعفة حيث لا توجد جهة تمثل مصالحهم وتدافع عنهم وتحميهم أو تقدم لهم أية خدمات تذكر حتى الدول الأوروبية في برامج استقبال اللاجئين لا تضعهم في حسبانها ولا ضمن الحصص المخصصة لهذه الدول في برامجها، ويستوجب وضع هؤلاء اللاجئين المنسيين تحركاً كبيراً من قبلهم أولاً، للضغط  على الأونروا و مفوضية اللاجئين، لتحمل مسؤولياتها تجاههم، والتواصل مع السلطات المصرية لإيجاد حلول ومخارج قانونية تضمن لهم الحصول على أبسط حقوقهم في الإقامة والتعليم والسكن والعمل والطبابة، وبرامج إعادة التوطين، على اعتبار أنهم لاجئون للمرة الثانية، وعانوا كما عانى السوريون من ويلات القتل والقصف والتهجير ودمار بيوتهم ومساكنهم. بكلمتين، إنهم لاجئون منسيون.

ترك تعليق

التعليق