كلما اشتد البرد.. أسعار وسائل التدفئة في درعا تزداد اشتعالاً
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 22 تشرين الثاني 2017 --
- 0 تعليقات
يبدو أن فصل الشتاء سيكون قاسياً هذا العام على أهالي محافظة درعا، وذلك في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية، التي تزداد سوءاً عاماً بعد عام، بالتزامن مع الارتفاع المضطرد لأسعار وسائل التدفئة هذا الموسم، والتي وصلت إلى مستوى غير مسبوق.
ويقول أبو سامر، 53 عاماً، وهو أحد تجار المواد الصحية والمدافئ، إن هذا العام صعب جداً على الأهالي، بسبب تراجع مصادر الدخل، وتوقف المساعدات الخارجية والإغاثية عن كثير من الأسر، التي كانت غالباً ما تحصل على تحويلات ومساعدات مالية، مخصصة لفصل الشتاء.
وأضاف أنه، وبسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية للناس وازديادها سوءاً، لم يجلب مدافئ مازوت هذا العام، لأن الإقبال عليها قليل جداً، بسبب ارتفاع سعر المازوت، الذي وصل إلى حد لم تشهده المناطق المحررة منذ بداية الثورة، مشيراً إلى أن معظم السكان تحولوا في كل المناطق المحررة، إلى استخدام مدافئ الحطب، كأهون الشرين، باعتبار الحطب أقل تكلفة من المازوت.
وأضاف أن سعر طن الحطب أيضاً بدأ يشهد ارتفاعاً ملحوظاً مع اقتراب موسم الشتاء، واشتداد البرد، لافتاً إلى أن سعر الطن في بداية طرحه في الأسواق قبل نحو شهر بلغ 60 ألف ليرة سورية، لكنه الآن وصل إلى 80 ألف ليرة سورية في ريف درعا الغربي، وتجاوز ذلك في بعض المناطق ليصل إلى أعتاب 100 ألف ليرة سورية.
ولفت إلى أن مدافئ المازوت موجودة في المحال التجارية من العام الماضي، وأسعارها مازالت على حالها، وهي تتراوح حسب الجودة ما بين 10 آلاف و 25 ألف ليرة سورية للأنواع المستخدمة في معظم المناطق المحررة، فيما تبدأ أسعار مدافئ الحطب وهي ذات جودة متدنية، من 3800 ليرة سورية وصولاً إلى 8 آلاف ليرة سورية.
وأضاف أن "سعر البوري يتراوح ما بين 500 و 550 و 600 ليرة سورية، فيما يبلغ سعر الكوع ما بين 450 و 500 ليرة سورية"، مؤكداً أن النوعيات الممتازة من المدافئ ذات الأسعار العالية غير متوفرة، لعدم وجود من يستخدمها، فيما لا تتوفر مدافئ الغاز ولا الكهرباء، لعدم إقبال الناس عليها، نظراً لعدم وجود كهرباء لتشغيلها، ولعدم جدوى الغاز في عمليات التدفئة، إضافة إلى خطورته.
من جانبه، أشار ماجد عبد العزيز، 35 عاماً، وهو صاحب ورشة حدادة، إلى أن "كثيراً من الأهالي المقتدرين يفضلون تفصيل مدافئ حطب، بسبب رداءة المدافئ الموجودة في الأسواق، وسوء صناعتها"، لافتاً إلى أن كثيراً من هذه الأنواع المطروحة في الأسواق تستخدم لفصل واحد فقط.
وأضاف أن سعر المدفأة المصنعة لديه يتراوح ما بين 12 و 15 ألف ليرة سورية، وذلك حسب نوعية الحديد المستخدم في صناعة المدفأة، مرجعاً ارتفاع أسعار المدافئ إلى ارتفاع أسعار الحديد والمواد الأولية التي يتم نقلها من دمشق إلى المناطق المحررة، والرسوم الكبيرة التي يتم دفعها على حواجز النظام، التي تتقاضى آلاف الليرات السورية للسماح بدخولها إلى المناطق المحررة.
ولفت إلى أن كثيراً من المواطنين لجأوا إلى تحويل مدافئ المازوت القديمة إلى مدافئ حطب، من خلال إدخال بعض التعديلات عليها، وذلك بهدف توفير بعض المال، مشيراً إلى أن أجرة تحويل المدفأة يبلغ ما بين 1500 و 2000 ليرة سورية.
ويقول محمود الخليل، 38 عاماً، وهو عسكري منشق، "لم يعد لدينا ما نتدفأ به، فليس لدينا مال نشتري به وقوداً، وليس لدينا مصادر رزق تكفي احتياجاتنا، وكل ما ننتجه بالكاد يكفي للقمة أبنائنا".
ولفت إلى أنه وبسبب ظروفه المالية السيئة، أقدم على بيع الكثير من مقتنيات منزله وأثاثه، لتأمين بعض المال، للإنفاق على الطعام والشراب والعلاج.
وأضاف أنه باع البراد والغسالة العام الماضي، لشراء بعض الحطب بثمنها، فيما باع هذا العام غرفة نومه، ليتمكن من شراء بعض الوقود بثمنها.
فيما أكد سعيد عبد الفتاح، 49 عاماً، وهو نجار بناء، أنه لجأ إلى تجفيف روث الحيوانات، وصناعة ما يعرف بـ "الجلة"، للاستفادة منها كوقود خلال فصل الشتاء.
وقال: "أرسل لي أخي المغترب مبلغاً من المال كمساعدة قبل ثلاثة أعوام، فاستثمرته في شراء بقرة، للاعتماد على حليبها في تأمين بعض المصاريف، بعد أن فقدت عملي كموظف"، مشيراً إلى أن البقرة تعطيه يومياً نحو 15 كغ من الحليب، يبيعها بحوالي 2300 ليرة سورية، يجتزئ قسماً من المال لشراء العلف، وينفق الباقي على احتياجات أسرته.
ولفت إلى أنه، ومنذ عامين، بات يعتمد على روث البقر في تأمين وقود التدفئة، وذلك بخلط الروث مع التبن وتجفيفه تحت أشعة الشمس خلال فصل الصيف وتخزينه في أماكن خاصة لاستخدامه في فصل الشتاء.
ويقول علي العاصي، 44 عاماً، وهو معلم مدرسة مفصول من عمله، إن تأمين وقود الشتاء، أصبح الشغل الشاغل لعامة الناس هذه الأيام، مشيراً إلى أن الأسرة تحتاج على الأقل إلى 300 ألف ليرة سورية ثمن مازوت أو إلى 200 ألف ليرة سورية ثمن حطب، وهذه المبالغ يعجز عن توفيرها حتى "المرتاح مادياً"، في هذه الظروف.
وأشار إلى أن "هناك الكثير من الأسر باتت تعتمد على المدافئ البسيطة المصنعة محلياً، وباتت تستخدم فيها كل ما هو قابل للاحتراق، بغض النظر عن أضراره، حيث تستعمل الورق والكرتون والبلاستيك والإطارات والملابس والأحذية وغيرها، وذلك لعدم تمكنها من تأمين مواد تدفئة مقبولة بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي وصلت إلى أدنى مستوياتها".
التعليق