أسواق إدلب الالكترونية


في السنوات الأخيرة التي مرت على الشمال السوري، كان القصف والقتل هو سيد الموقف، ولم تنعم بلداته براحة مطلقة طيلة هذه السنوات، وكانت الأسواق التي تعج بالكثير من الناس، هدفاً رئيساً لطائرات الغدر.

ومع توفر خدمات الانترنت وبأسعار مقبولة، وانتشار ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي، أُنشئت الكثير من الأسواق في هذا العالم الأزرق.

لم يعد "عبد الله"، صاحب محل جوالات، يتكلف عناء الذهاب إلى السوق لبيع الأغراض التي يشتريها من زبائن محله، ويقول لـ "اقتصاد": "يكفي أن أقوم بتصوير الجوال الذي أريد بيعه عدة صور وأنشرها على مجموعة بيع الجوالات على فيسبوك، وأنتظر الزبون بالتعليقات".

وبهذه الطريقة يمكن لأعداد كبيرة من الناس أن تشاهد "الجوال"، ويستطيع "عبد الله" أخذ السعر الذي يناسبنه، فالمسألة عرض وطلب، حسبما يوضح "عبد الله".

وتشهد التعليقات على المنشور الذي يحوي السلعة، حالة من المبازرة والأخذ والرد، إلى أن يشتري زبونٌ ما، ويقوم بالتعليق "اشتريت"، فيرد البائع على تعليقه "بعتك"، وبعدها يصبح التواصل على الخاص لتحديد موعد ومكان اللقاء الذي سيتم فيه تسليم السلعة.

وتتميز تجارة الـ "فيسبوك" بسهولة التعامل فيها، وإيجاد الزبون المناسب والاستغناء عن السماسرة، كما أن سرعة التواصل والتبادل عبره، تمنح البائع والشاري عروضاً أفضل، والبحث عن المادة التي ترضي الزبون، وبأقل عناء، ودون التعرض للخطر الذي قد يطال الأسواق العادية في حال استهداف الطيران، أو حالات سرقة أو ما شابه ذلك.

لم يطل بحث "أبو عبيدة" القادم من ريف دمشق، لإيجاد غرفة نوم تناسبه، حيث أوضح لـ "اقتصاد": "قمت بالبحث عن مجموعة تعرض غرف النوم المستعملة في المنطقة التي أسكن فيها، (بنش). وعندما لم أجد طلبي بين السلع المعروض قمت بنشر منشور ووضعت المواصفات التي أريدها وسقف السعر الذي يمكنني دفعه".

"ساعات قليلة وكان طلبي موجود في أحد التعليقات على المنشور، وقمت بالاتفاق مع البائع على موعد ومكان التسليم"، قال "أبو عبيدة".

وتتنوع الأسواق على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث تنقسم لنوعين من حيث مسمياتها ومحتواها؛ الأسواق العامة لمنطقة معينة، مثلاً "سوق أريحا" أو "سوق بنش"؛ إذ يوجد لكل منطقة سوق باسمها على "فيسبوك"، أما النوع الثاني فهو لأسواق مختصة بسلع معينة، كسوق السيارات أو الموبايلات أو سوق الغرف المستعملة.

"بشر"، من أهالي بنش بريف إدلب، يدير إحدى هذه المجموعات، "سوق بنش"، والتي ينشر فيها جميع معلومات عن أنواع البضائع من سيارات وأدوات منزلية وأي شيء يمكن أن يُباع ويُشترى.

ويقول "بشر"، إنه أنشأ المجموعة منذ ثلاث سنوات تقريباً بغرض تيسير الأمر للبائع وللمشتري.

ويتابع: "بدوري كمشرف للمجموعة أراقب السلع المنشورة وعمليات البيع، خوفاً من حالات نصب أو تحايل، كما أقوم بحذف المنشورات المخالفة كإعلانات المهربين لتركيا، فهي ممنوعة في مجموعتنا".

عملية البيع على الانترنت سهلة ومريحة، وتتميز عن السوق الواقعية في بعض الأحيان؛ لكنها تتعرض في أحيانٍ أخرى، لأمور تعرقلها وتجعلها تفقد شيئاً من مميزاتها، فقد يدخل أشخاص على بيعة معينة بهدف التسلية، ويؤثرون سلباً على البيعة بارتفاع أو انخفاض سعرها.

ولا تُتيح التجارة الالكترونية معرفة جودة المنتح المباع بدقة، لأن العرض يكون عبر الصور التي لا تنقل جودة المنتج تماماً كمعاينته على أرض الواقع.

ولكن في كل الأحوال، فقد غدت هذه الطريقة في التسوق هي الأكثر رواجاً في مدن وأرياف الشمال السوري المحرر، وما ساعد على انتشارها، أنها قصرت المسافات بين المدن والأرياف النائية، واستطاعت إنعاش التجارة والأسواق بعد أن خربتها طائرات الأسد.

ترك تعليق

التعليق