قصة سكان دمشق مع الموز


تشهد أسعار فاكهة الموز في أسواق العاصمة دمشق تفاوتاً واضحاً بين سوق وآخر ومنطقة وأخرى، بشكل لم يَعد يطرح إشارات استفهام لدى المُستهلك حول الخلل في تنظيم عمليات البيع والتسعير وآليات الرقابة التموينية المُعتمدة في كل دول العالم ذات المؤسسات المُرتبطة فيما بينها، والتي تأخذ على عاتقها حماية المُستهلك من الغش وضمان حقه في الحصول على حاجته بسعرها ومواصفاتها الحقيقية.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لدى "نظام الأسد" أعلنت مطلع الشهر الحالي عن نيّتها استيراد فاكهة الموز من لبنان وطرحه في صالاتها، مُبشرةً أنّ السعر القادم لن يتجاوز 400 ليرة سورية فقط لا غير.

ارتفع سعر الموز خلال السنوات الماضية وتجاوز الكيلو الواحد منه أكثر من 1000 ليرة سورية أي ما يُعادل أجرة موظف في المؤسسات العامة أو عامل في القطاع الخاص ليوم كامل، مما أدى إلى انخفاض الطلب على المادّة، وتفضيل السكان تأمين الحاجيات المعيشية الأساسية عوضاً عنه بحسب السيد (ف . ض)، أحد سكان باب مصلى وسط دمشق.

ويُضيف السيد (ف . ض) أنّه وبمجرد الإعلان عن تأمين أيّة مادة استهلاكية وعرضها في صالات "المؤسسة السورية للتجارة" يتشكل هاجس فوري لدى المُستهلك بارتفاع جديد للأسعار وانعدام توفر المادة في الأسواق في المستقبل القريب على غرار مادة "المتة" المفقودة منذ الإعلان عن توفرها وانخفاض خُلّبي في سعرها مطلع الشهر الماضي.

قرار استيراد فاكهة الموز من لبنان أُخذ على محمل السخرية في الشوارع الدمشقية، حيث يُفضل السكان تخفيض أسعار مُستلزمات الحياة المعيشية الرئيسية وتأمينها وتخفيض فواتير الطاقة الكهربائية وأجور الانترنت، باعتبار ذلك أولى بكثير من تخفيض سعر مادة الموز.

وبحسب السيدة (ن . ق) القاطنة في حي جرمانا، فإنّ بعض سكان العاصمة يرون فاكهة الموز مادة أساسية ضرورية جداً للأطفال وكبار السن والمرضى، لكن غالبية السكان تراها مادة رفاهية استثنائية يُمكن الاستغناء عنها ببساطة.

وتُشير السيدة أنّ الموز بات حكراً على شريحة مُعيّنة من أصحاب الدخل العالي، وضُمّ للمواد المحذوفة كالمكسرات واللحوم الحمراء والحلويات من موائد غالبية السكان الذين يعجزون عن شراء النخب الأسوأ من الموز المتوفر في الأسواق.

ارتفاع سعر الموز جاء نتيجةً لإيقاف استيراده من لبنان عام 2014 والإبقاء على استيراده من اليمن والإكوادور، وبموجب القرار الحالي يُحصر استيراد المادة من لبنان فقط لقربها وانخفاض تكاليف الإنتاج فيها.

التاجر في سوق الهال بدمشق (ج . ع) بيّن لـ "اقتصاد" أنّ استيراد الموز وتخفيض سعره مع دخول موسم الحمضيات في كل عام جعل المزارعين يوقنون بأنّ حرباً تُشن ضدهم لضرب مواسمهم وإعادة رؤوس أموالهم إلى ما دون الصفر، خاصةً مع استمرار انقطاع طريق العراق البلد الذي يُعد أهم مستوردي الحمضيات من سوريا.

ويؤكّد التاجر أنّه وكما في كل موسم منذ عام 2012 سعر مبيع الحمضيات في الأسواق لا يُغطي نفقات الإنتاج والمواصلات.

وكانت قد انتشرت زراعة فاكهة الموز في الساحل السوري منذ التسعينيات، حينها تم استيراد غراسها من البلدان المُنتجة لها وأثبتت نجاحها، لكنّها لم تتوسع بسبب استمرار السماح باستيراد المادة وعدم قدرة المُنتج المحلّي على المنافسة، وتراجعت بنسبة90% بعد انطلاق الثورة السورية في عام 2011 بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة المطلوبة نتيجة انعدام استيرادها وارتفاع أسعار المحروقات والمُبيدات ومُستلزمات البيوت البلاستيكية وصعوبة تأمينها.

وبلغ إجمالي الإنتاج المحلي في عام 2014، "150" طُناً. وفي عام 2015، "130" طُناً. لتنعدم بعدها الإحصائيات الرسمية لمقدار الإنتاج والاستهلاك بسبب تصنيفها كفاكهة ثانوية لدى السكان.

ويُسجل سعر كيلو الموز في صالات "المؤسسة السورية للتجارة" 900 ليرة سورية، بينما يُسجل في الأسواق 1200 ليرة، ويبلغ راتب العامل في القطاع الخاص 26 ألف ليرة، بينما يصل في القطاع العام إلى 40 ألف ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق