معبر نصيب الحدودي.. مفاوضات ماراثونية، ومراوحة في المكان


مازالت المفاوضات المتعلقة بفتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، تراوح مكانها، وذلك رغم المحاولات الجادة، والضغوط الكبيرة التي تبذلها بعض الجهات الدولية، لتحقيق صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف.

ويشير الناشط والمحامي أبو قيس الحوراني إلى أن "ملف معبر نصيب الحدودي يعد من أعقد الملفات التي تشهدها المنطقة الجنوبية، وذلك لتطابق وجهات نظر طرفي التفاوض في سوريا، (النظام والمعارضة)، بأن السيطرة على المعبر هو اعتراف بسيادة الآخر، وهو ما لا يريده أي طرف من الطرفين، رغم الضغوط الكبيرة التي تمارس عليهما من قبل بعض الدول".

وأضاف: "أهم نقاط الخلاف التي تعيق التوصل إلى اتفاق فعلي حول إعادة تشغيل المعبر، تتمثل في أن نظام الأسد يشترط  لتشغيل المعبر أن يُرفع علم النظام على مؤسساته، وأن تكون إدارته خاضعة له حصرياً، فيما ترى الفصائل المسلحة أنها الأحق في إدارة المعبر، بالتعاون مع مجلس محافظة درعا، ولو تطلب ذلك إشرافاً دولياً، كونها تسيطر على المنطقة، وقدمت تضحيات كبيرة في سبيل ذلك".

ولفت إلى أن الجانب الأردني يرى ضرورة التوافق بين الأطراف السورية /النظام والمعارضة/ على صيغة معقولة، تضمن الحفاظ على أمن حدوده الشمالية كشرط أساسي لفتح المعبر، مشيراً إلى أن محاولات عديدة وضمانات كبيرة، قدمها مجلس محافظة درعا الحرة والفصائل المسلحة خلال العامين السابقين، لإعادة فتح المعبر، لكنها لم تقنع الجانب الأردني الذي بقي متمسكاً بالرفض". 

وأكد أن "فصائل المعارضة التي تسيطر على معظم محافظة درعا ومن ضمنها المعابر الحدودية مع الأردن، لن تسمح بوجود للنظام في هذه المنطقة، دون أن يكون لها اليد العليا في تشغيل المعبر، لأن السماح بمجرد تواجد ضئيل لمؤسسات النظام هو قرار شعبي وسيادي، معني به كل سكان الجنوب السوري، الذين قدموا تضحيات كبيرة في سبيل تحرير هذه المعابر من قبضة النظام".

فعاليات ثورية وناشطون طالبوا الفصائل المسلحة بعدم التفريط بالمعبر أو تسليمه للنظام، ودعوا للعمل على استخدامه كورقة ضغط هامة لتحصيل بعض المكاسب الثورية التي يسعى إليها كل فرد من أبناء المحافظة، والتي يأتي في مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين، والكشف عن مصير المغيبين، وإعادة المهجرين إلى قراهم.

ويقول الناشط الإعلامي محمد الدرعاوي، إن "إطلاق سراح المعتقلين وعودة المهجرين إلى ديارهم مطلب شعبي، قبل أن يكون فتح المعبر مطلباً اقتصادياً وتجارياً"، مشيراً إلى أن إطلاق سراح المعتقلين، وعودة المهجرين إلى ديارهم، يأتي على رأس أولويات أهالي محافظة درعا، وقبل التفكير حتى بلقمة خبزهم، على حد وصفه. 

شهود عيان من أهالي درعا يرون أن فتح معبر نصيب، سيجلب الخير لمحافظة درعا والجنوب السوري، إضافة إلى أنه سيحسن من أوضاعهم الاقتصادية من خلال عمليات تصدير منتجاتهم الزراعية، وتأمين فرص عمل جديدة، لكنهم لايرغبون بأن يعود إلى النظام بأي شكل من الأشكال.

وقال "أبو عطية"، 56 عاماً، وهو مزارع، "أنا مع فتح المعبر لأن فتحه سيرفع أسعار المحاصيل الزراعية التي تكبدنا خسائر كبيرة عبر بيعها بأسعار رخيصة بسبب إغلاق طرق التصدير. ولكن ليس عن طريق النظام، الذي قتل أولادنا وهدم بيوتنا وحرق محاصيلنا".

فيما أكد أحمد العيد، 40 عاماً، وهو سائق سيارة نقل صغيرة بين الأردن وسوريا، أن فتح المعبر سيعيد له فتح أبواب رزقه، التي أُغلقت منذ إغلاق المعبر في العام 2015، لافتاً إلى أنه يؤيد ويتمنى أن يُفتح المعبر بغض النظر عن الجهة التي ستشغله غير النظام، لأن الأمور طالت كثيراً وظروف الحياة أصبحت صعبة جداً، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن "آلاف الأسر التي كانت تستفيد من تشغيل المعبر، تقطعت بها السبل بعد إغلاقه لعدم تمكن معيليها من الحصول على فرص عمل ثابتة".

مصدر مطلع، أكد  أن إغلاق المعبر تسبب بخسائر اقتصادية كبيرة، أبرزها كانت لمؤسسة محافظة درعا الخاضعة للنظام، التي كانت تجني مبالغ كبيرة من الرسوم والضرائب والخدمات التي كانت تدخل في الموازنة الاستثمارية، لافتاً إلى أن خسائر النظام اليومية نتيجة إغلاق المعبر تُقدّر وفق تقارير اقتصادية، بنحو 15 مليون دولار يومياً.

وأضاف أن "أبرز الخاسرين من إغلاق المعبر هو الجانب الأردني، الذي يسعى حثيثاً لإعادة فتحه، حيث قدرت خسائره السنوية بأكثر من 800 مليون دولار، فيما تصل خسائر لبنان اليومية إلى أكثر من مليوني دولار، نتيجة توقف تجارة الترانزيت عبر المعبر إلى الدول العربية".

يشار إلى أن معبر نصيب الحدودي، يقع على الاوتستراد الدولي دمشق – عمان، ويبعد عن مدينة درعا نحو 20 كم، وقد سيطرت عليه الفصائل المسلحة في الجنوب السوري في شهر نيسان من العام 2015 بعد معارك طاحنة مع قوات النظام، ومازال منذ ذلك الحين تحت سيطرتها، الأمر الذي دفع بالجانب الأردني لإغلاقه أمام عبور السيارات والأشخاص.

ويُعد المعبر أحد أهم المعابر البرية في الشرق الأوسط، وهو المعبر البري الوحيد الذي يربط سوريا بالأردن والدول العربية جنوباً.

وقد تسبب إغلاقه منذ بداية العام 2015 بخسائر اقتصادية كبيرة لعدد من الدول والفعاليات الاقتصادية فيها.

ترك تعليق

التعليق