شجرة "المحلب" في إدلب.. زراعة بمردودٍ مغرٍ


 تُزرع شجرة "المحلب" في إدلب، وبشكل خاص في مناطق أريحا وجبل الزاوية. وتُستخدم ثمارها - وهي ثمار صغيرة الحجم- في صناعة الأدوية والطب العربي، وكذلك كمنكهات للمعجنات، حيث تعطي طعماً خاصاً للمعجنات "بهارات".

الأراضي التي تُزرع فيها أشجار المحلب مشابهة للأراضي التي يزرع فيها الزيتون والكرز. وتُزهر أشجارها في الربيع، ولها رائحة ذكية جذابة، وتنضج ثمارها في شهري أيار وحزيران، حيث يتم القطاف عادةً.

ثمرة المحلب الناضجة، وهي ماتزال باللون الأخضر، تُعتبر ذات نوعية جيدة والأفضل، لأن التاأخر في القطاف مع ميل الثمرة للون الأحمر يجعل قشرة الثمرة أقل صلابة، وبالتالي عرضة أكثر للتلف، وتعيبها الرطوبة، وتصبح الحبة أكثر ليونة.

لذلك، عند نضوج ثمرة المحلب تكون أفضلها الحبة الكبيرة، ولونها أخضر، وهو الوقت الأفضل لجني المحصول، لأن التأخر في القطاف يؤدي إلى تصبغ حبات قلب المحلب "النواة" باللون الأحمر، وهذا ما يفقد الثمرات ميزاتها التجارية وتصبح أقل سعراً، وأقل جاذبية للاستهلاك والشراء، لأنه عند تصبغها ستحتاج لمعالجات أخرى تزيد تكاليف التحضير.

(شجرة محلب صغيرة العمر والحجم)

طريقة القطاف

يكون القطاف عادةً إما بمد شوادر تحت الشجرة، حيث يقوم المزارعون والعمال بقطافه، أو عبر طريقة أكثر جدوى وسرعة وهي وضع "حراجية"، وهي عبارة عن كيس قماش يوضع حول الخصر، لتعبئته بثمار المحلب بشكل مباشر وتفريغها بعد امتلائها في أكياس خاصة.

كمية الإنتاج المقدرة من كل شجرة تعود لحجمها وعمرها ومقدار أزهارها ونضجها، فهناك أشجار ثمارها أكبر حجماً من غيرها وبناء على ذلك تختلف الكمية المقدرة لإنتاج الشجرة.

الوقت الأفضل للقطاف من الصباح الباكر حتى المساء، وبشكل يومي، حتى الانتهاء من أشجار الحقل كلها بشكل متلاحق.

(شجرة محلب كبيرة)

الفلاحون نوعان

الفلاح الذي يقطف الثمار بيده مع عائلته ويذهب للسوق بشكل مباشر ويومي، وبيع المحصول الأخضر، وهم عادةً أصحاب المحاصيل القليلة والحقول الصغيرة.

أو الفلاح الذي يأخذ محصوله للمنزل ويقوم بنشر الثمار على سطح المنزل للتشميس حتى يجف الثمر"التيبيس"، ويتم جفاف العيدان والأوراق التي لا لزوم لها نتيجة عملية القطاف.

وتستمر عملية "الفرد" أو "التشميس" قرابة الأسبوع حتى الجفاف التام للثمار، ويقوم بعدها الفلاح بعملية "دق الثمار" بواسطة عصي مختارة لتناسب هذه العملية. ويتم في هذه العملية فصل نواة المحلب اليابس عن العيدان والأوراق والقشرة عبر الفرز بغربال خاص، حيث تسقط الحبوب النظيفة تحت الغربال، وهو الهدف، أي الوصول لنواة هذه الحبوب، وبعد الغربلة يقوم الفلاح ببيع المحصول.

هناك بعض الفلاحين ممن يقوم بعملية "التضمين" للحقل المزروع بالمحلب مقابل مبلغ نقدي مقطوع أو نسبة يتفق عليها بعد معاينة المحصول والأرض من ذوي الخبرة، وغالباً ما يلجأ لذلك الفلاح الذي لا يملك أيدٍ عاملة خاصة به، أو لأن عملية استخدام أيدٍ عاملة تكون غير مجدية اقتصادياً بالنسبة له.

(ثمار محلب ناضجة)

الحصول على النواة

عملية الحصول على نواة ثمار المحلب يتم من قبل تجار المحلب، حيث يكون لديهم آلات خاصة لاستخراجها.

أما بالنسبة لأسعار المحلب حسبما يقول "أبو محمد" من مزارعي المحلب، فاليابس يُباع بـ "الرطل" بسعر (40) دولار، وقد يصل سعر كيس محلب وزن (50 كغ) لـ  10000 دولار، كما حصل في بعض عمليات البيع من جانب فلاحين في أريحا لصالح تاجر في حماه. والأسعار تختلف من عام لآخر، وحسب العرض والطلب.

أغلب المحصول يتم تصديره إلى دول الخليج "السعودية خاصةً". والاستخدامات لهذه الثمرة تكون في معامل الأدوية والبهارات.

على العموم، هناك أشخاص لديهم رأس مال يقومون بشراء كميات من المحلب الأخضر وتخزينه وتيبسيه ومن ثم البيع بهدف مضاعفة الأرباح.

وهناك بعض المزارعين ممن لديه كميات قليلة يعمل على شراء كميات إضافية لمحصوله والتخزين والتيبيس ثم البيع والإتجار به.

من استخدامات المحلب

كبار السن يستخدمون قلب المحلب بطحنه وإعطائه للكفل الرضيع، بكمية بسيطة جداً، وذلك للطفل الذي يعاني من المغص والغازات، "بمقدار رأس ملعقة شاي". كما أن للمحلب ميزة طرد الغازات ومسكن للمغص.

حتى أن الكمية الصغيرة التي تُعطى للرضيع تمنح قيء الرضيع رائحة لطيفة غير مقززة.

كما يُستخدم المحلب أيضاً في نكهات المعجنات وبشكل خاص المالحة منها.


ثمار أشجار المحلب تبقى كمثيلاتها من ثمار أو مقدرات الوطن، غائبة ومغيبة، بشكل متعمد، عن الاهتمام، وتصارع كأصحابها واهالي الوطن، التهميش وغياب الاهتمام والتدمير، فأغلب السوريين لا يعرفون شيئاً عن المحلب وفوائده، فكل شيء كان وما يزال مهمشاً، وصار أكثر تهميشاً.

ترك تعليق

التعليق