درعا قد تتحول إلى محافظة مستوردة لزيت الزيتون


بدأت في مناطق درعا المحررة، عمليات قطف الزيتون للموسم الزراعي الحالي، وذلك في ظل تراجع ملحوظ في الجودة والإنتاج، مقارنة مع المواسم الماضية.

ويشير المهندس الزراعي صلاح الدين المحمود إلى أن "إنتاج الزيتون هذا العام ليس بالمستوى المطلوب، لا من حيث الكمية، ولا من حيث الجودة"، لافتاً إلى التراجع الكبير الذي تشهده هذه الزراعة عاماً بعد عام، نتيجة الظروف التي تعيشها البلاد.

وعزا المحمود أسباب تراجع هذه الزراعة إلى النقص الحاد في كميات الهطل المطري خلال فصل الشتاء، وانخفاض منسوب المياه في السدود والآبار، نتيجة الاستنزاف الجائر، إضافة إلى غياب العناية والاهتمام، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة ومواد مكافحة ومحروقات، مبيناً أن المزارعين لجأوا إلى قص أعداد كبيرة من أشجار الزيتون، وبيعها حطباً بعد أن انتشرت فيها الأمراض والذبول.

وأضاف أن "حقول الزيتون التي كانت مكتظة ودائمة الخضرة، أصبحت شاحبة ويابسة ومليئة بالفراغات، نتيجة تواصل قلعها من قبل الفلاحين على مدى السنوات الماضية، وذلك لاستخدامها في التدفئة والطهي"، موضحاً أن محافظة درعا ستتحول من محافظة مكتفية ذاتياً ورافدة للمحافظات الأخرى بهذه المادة، إلى محافظة مستوردة للزيت، إذا ما استمرت الحرب أعواماً أخرى.  

وأشار إلى أن "إنتاج محافظة درعا من الزيتون انخفض من 70 ألف طن في أعوام ما قبل الثورة، إلى نحو 20 ألف طن وأقل من ذلك خلال سنوات الثورة. كما انخفض إنتاج الزيت من 13 ألف طن من الزيت ذي النوعية الجيدة، إلى نحو 4 آلاف طن سنوياً"، لافتاً  إلى تناقص عدد الأشجار نتيجة التحطيب من نحو 6 ملايين و 275 ألف شجرة، إلى أقل من خمسة ملايين شجرة.

من جهته، أشار أبو عماد اللافي، 50 عاماً، وهو مزارع يملك حقلاً من الزيتون، إلى أن نسبة كبيرة من أشجار الزيتون في حقله أصيبت ببعض  الأمراض والآفات الزراعية، ولم يتمكن من تقديم المكافحة  المناسبة لها لعدم توفر مواد المكافحة في المناطق المحررة، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يستهلك مونته من زيت الزيتون قبل حلول الموسم، وذلك لقلة الكميات التي مونها العام الماضي، بسبب ضعف الإنتاج وتراجعه مقارنة بالأعوام السابقة.

فيما أكد أبو غياث، 62 عاماً، وهو مزارع قديم يملك مزرعة زيتون مترامية الأطراف، أن الزيتون لم يعد يشكل موسماً ثانياً لأهالي درعا بعد موسم المحاصيل الحقلية، وذلك بسبب ظروف الحرب التي تعيشها البلاد، وما سببته من هجرة لنحو نصف سكان المحافظة، مبيناً أن المزارع الذي بقي في أرضه، لم يعد يستطيع الاهتمام بأشجاره، أو الوصول إليها خوفاً من القنص والاستهداف في الكثير من المناطق، رغم الهدنة.

ولفت أبو غياث إلى "غياب الطقوس الاحتفالية التي كانت ترافق عمليات قطاف الزيتون، ولمة العائلة التي كان يشارك كل أفرادها في أعمال القطاف"، مشيراً إلى أن الحرب شتتت العائلة الواحدة بين نازح ومهجر ومعتقل وشهيد، فخيم الصمت على عمليات القطاف، وتحول الفرح والضحك والهرج والمرج، إلى نحيب صامت تستفزه الذكريات الجميلة.

وأضاف أن "بعض الأسر تخلت عن عمليات القطاف، وأوكلت هذه المهمة لورشات من الشباب، باتت مختصة بهذا العمل الذي أصبح مصدر رزق موسمي للكثير منهم".

ولفت راغب، 20 عاماً، وهو طالب جامعي، إلى أنه شكّل ورشة هو ومجموعة من أصدقائه، تعمل في قطاف الزيتون وبعض الأعمال الزراعية الموسمية الأخرى، مشيراً إلى أن العامل منهم يعمل 8 ساعات مقابل 2000 ليرة سورية يومياً، فيما تعمل بعض الورش على الإنتاج وتتقاضى ما بين 35 و 40 ليرة  سورية عن قطاف كل كغ.

أبو صالح، 49 عاماً، وهو صاحب معصرة في إحدى القرى المحررة، أشار إلى أن الحركة مازالت في بدايتها والكميات الواصلة إلى معصرته قليلة بالمقارنة مع بداية موسم العام الماضي، مبيناً أن إنتاج الزيتون هذا العام منخفض جداَ، سواء من حيث الثمار، أو من حيث الزيت.

وأوضح أنه "في العام الماضي كانت كل 85 كغ من ثمار الزيتون تعطي صفيحة زنة 16كغ  من الزيت، أما في هذا العام فإن كل 95 أو 100 كغ تعطي هذه الكمية"، موضحاً أن كمية ثمار الزيتون التي تعطي /تنكة/ واحدة سعة 16 كغ، تختلف من مكان إلى آخر وهي تزداد وتنقص تبعاً لنوعية الزيتون، ومدى العناية والاهتمام به.

ولفت إلى أن"سعر الكغ من زيتون المائدة يباع هذا العام ما بين 250 و 300  ليرة سورية، فيما بلغت أجرة عصر الكيلو غرام  من الزيتون نحو 30 ليرة سورية وهي أجرة مرتفعة بالمقارنة مع العام الماضي، بسبب ثبات سعر المازوت على أكثر من 450 ليرة سورية للتر".

وأضاف أن "صفيحة زيت الزيتون سعة 16 كغ تباع في المعصرة بنحو 27 ألف ليرة سورية، فيما كانت في العام الماضي 20 ألف ليرة سورية، وفي العام الذي سبقه بـ 12500 ليرة سورية".

مصدر في مناطق سيطرة النظام، أشار إلى أن مؤسسات النظام قررت فتح معاصر الزيتون في مناطقها مطلع الشهر القادم، لافتاً إلى أنه تم تحديد أجرة عصر الكغ من الزيتون ما بين 15 و 18 ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق