حكومة "الإنقاذ".. هل تملك مؤهلات النجاح؟، وما طبيعة العلاقة مع ضرتها "المؤقتة"؟


في مطلع الشهر الحالي، أُعلن في منطقة باب الهوى على الحدود السورية - التركية عن تشكل حكومة الإنقاذ، وذلك عقب اجتماعات عديدة تمخضت عن المؤتمر السوري العام الذي جرى في آب المنصرم، ليتم تكليف محمد الشيخ بتشكيل الحكومة التي تألفت من إحدى عشرة حقيبة وزارية برئاسة الشيخ ذاته.

الحقائب الوزارية التي تم الإعلان عنها شملت الاقتصاد والعدل والتربية والتعليم والداخلية والصحة والزراعة والشؤون الاجتماعية والمهجرين إضافة لوزارة الإسكان والإعمار ووزارة الإدارة المحلية.

والسؤال هنا؛ إلى أي مدى ستنجح هذه الحكومة في أداء مهامها المعقدة؟، وما علاقتها بضرتها (المؤقتة) التي صرح رئيسها مندداً ومتوعداً؟، وهل تشهد إدلب حكماً جديداً أبرز سماته الاستقلالية ومصارعة البقاء من خلال التستر خلف إدارة مدنية تشكلت على عجل؟

وزراء مختصون

الدكتور "أحمد الجرك" الذي تسلم حقيبة وزارة الصحة لدى حكومة الإنقاذ قال لـ "اقتصاد"، إن الحكومة "أُنشئت  لخدمة الشعب السوري المنكوب حيث  تحاول تقديم تنظيم يحفظ الأمن والعدل والصحة في المجتمع".

الجرك أكد أن وزراء حكومة الإنقاذ من الأكاديميين والمتخصصين في مجالهم، لافتاً إلى أن للحكومة جدول أعمال خاص بكل وزارة حيث يجري العمل على وضع الملفات الأهم فالأقل أهمية بالتفعيل.

وقال الجرك "الأمر ليس بهذه السهولة التي نتكلم بها. هناك الكثير من العقبات التي تعترض هذه المهام الكبيرة"، مبشراً بأن الأسابيع القادمة ستشهد تنظيماً يتعلق بالأمن والقضاء والإدارة المحلية والتعليم عبر تنظيم المؤسسات الموجودة وتفعيل المؤسسات التي لم تنطلق حتى الآن.

فكرة إدلبية

إحدى أبرز النقاط التي يمكن ملاحظتها في تشكيلة الحكومة كون أغلب وزرائها من محافظة إدلب مع أنها أُنشئت لتشمل كافة المناطق المحررة شمالي سوريا.

الناشط الصحفي "عبد الرزاق الصبيح" عزا هذه الهيمنة إلى أن فكرة الحكومة بشكل أساسي خرجت من إدلب كما أنها خارج المحافظة لم تلق قبولاً كبيراً.

ومن وجهة نظر "الصبيح": "لم يشارك في مشاوراتها أحد من خارج ادلب، وهذا كان أحد عيوبها". الأمر الذي برره الجرك وزير الصحة بالقول: "أغلب الوزراء من إدلب، بحكم وجود الرئاسة بإدلب ومن جهة ثانية عدد سكان إدلب هو الأكبر في المناطق المحررة".

تبرز نقطة أخرى متعلقة بالأولى؛ على اعتبار أن تشكيلة الحكومة إدلبية صرفة هل يعتبر هذا الاستحقاق بمثابة مؤشر لعمل استقلالي في إدلب؟.. الناشط "الصبيح" أجاب عن هذا التساؤل: "لا أعتقد ذلك فهي لا تعدو أن تكون إدارة مدنية خدمية فقط، ومهمتها تنحصر في محاولة تقديم خدمات وتنظيمها في المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد".

وتابع: "هي بدأت عملها قبل أن تبدأ لأنها تعتمد على مؤسسات مهيكلة جاهزة وتعتمد على تشكيلات ثورية حاولت استقطابها ونجحت في استقطاب بعضها".

ماذا عن العلاقة مع "المؤقتة"؟

الإعلان عن حكومة الإنقاذ في إدلب أدى لتشكل صورة ضبابية حول مصير الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور جواد أبو حطب، إذ تبرز علامات استفهام كثيرة حول هذه النقطة؛ هل ستكون العلاقة تنافسية أم أن هناك عوامل معينة ستؤدي إلى اندماج الحكومتين أم ستأكل إحدى الحكومتين الأخرى؟

وزير الصحة أحمد الجرك أكد أن العلاقة مع الحكومة المؤقتة ليست تنافسية على الإطلاق بل هناك محاولات لتليين الخلافات للتوصل لحل يرضي الطرفين لخدمة المجتمع. واستطرد: "هناك محاولة لجعل الحكومتين حكومة واحدة".

عبد الرزاق الصبيح توقع أن يكون هناك تنافس بين الحكومتين في الأيام المقبلة لاسيما بعد تسليم معبر باب السلامة لحكومة أبو حطب، ومحاولتها الظهور أمام الخارج والداخل.

أما بالنسبة لاندماج الحكومتين - يشير الصبيح - "هذا الأمر يعود للوضع في المنطقة، وليس مستبعداً، لأن عدداً من الشخصيات عملت مع الحكومتين وشاركت في تشكيلهما".

الناشط المدني "حميد بعاج" أبدى وجهة نظر مختلفة حول الموضوع.

بعاج قال لـ "اقتصاد": "لا أعتقد أن حكومة الإنقاذ ستحظى بأي دعم أو اعتراف دولي وبالتالي أستبعد أي علاقة بين الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ"، معتبرا أن حكومة الإنقاذ "ستنتهي قريباً ولا مستقبل لها".

وتابع: "لن تستطيع العمل كونها بلا شرعية دولية أو إقليمية ولو افترضنا أنها ستبدأ العمل فهي لن تستطيع نزع الصبغة العسكرية عنها. فهي في النهاية حكومة تمثل هيئة تحرير الشام ولا تمثل إدلب وما حولها".

زبدة القول

في ظل الوضع المعقد الذي تشهده المناطق المحررة شمالي سوريا، يتوقع البعض فشل حكومة الإنقاذ في أداء مهمة تعتبر أكبر منها، وربما من جميع مكونات المنطقة، وهي إخراج الشمال السوري من عقدة الصراع المحموم بين الأطراف الدولية المتصارعة. لكن في نفس الوقت، يلح هؤلاء على اقتراب نشوء نوع من التنظيم سيطال المؤسسات الخدمية فقط، إذ لا يمكننا اعتبار التشكيلة الوزارية التي أُعلن عنها، حكومة بمعنى الكلمة، لأنها سوف تصطدم بالواقع المعقد في الداخل، وترتكز هذه المؤسسة على الموقف التركي، وتحاول الاستفادة من موقف تركيا الأخير ومن الخطوات اللاحقة لتركيا.

ترك تعليق

التعليق