في الغوطة: تأخر في دفع رواتب المدرّسين، ومديرية التربية والتعليم تكشف الأسباب


لم يستطع الأستاذ "ياسين"، وهو مدرّس لغة عربية في إحدى مدارس مدينة دوما، الإنتظار طويلاً من أجل قبض مستحقاته المالية من مديرية التربية والتعليم، فقام باستدانة مبلغ من المال ليستطيع تأمين جزء خجول من حاجيات عائلته الأساسية.

وقال: "إذا تم دفع الرواتب خلال يومين فقط فإن 90% من الراتب سيذهب لقاء المبلغ الذي استدنته من أحد الأشخاص قبل أسبوع، ولك أن تقيس المعاناة المادية خلال أيام الشهر المتبقية".

فكل يوم يمر على الغوطة الشرقية وأسواقها وموادها الغذائية يزيد من معاناة السكان المحاصرين، تقول الآنسة "أسماء" وهي معلمة صف في إحدى المدارس داخل الغوطة، إنه لو تم دفع المستحقات الشهرية للمدرسين في موعدها لكان ذلك أفضل، فعلى سبيل المثال: سعر عبوة الزيت يقفز خلال يوم واحد فقط 1000 ليرة سورية، حتى وصل ثمنها إلى 11000 ليرة سورية، "فلو اشتريتها قبل أسبوع لكنت قد وفرت من ثمناً على الأقل ربما 3 آلاف ليرة سورية، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي المواد الغذائية والحطب وغاز الطبخ وغيره".

حاول "اقتصاد" معرفة الأسباب والخلل في تأخر دفع الرواتب للمدرسين والعاملين في السلك التعليمي في مدارس الغوطة.

التقينا بالأستاذ "ياسر برخش"، رئيس دائرة التوجيه والمناهج في مديرية التربية والتعليم بريف دمشق التابعة للحكومة السورية المؤقتة، الذي شرح لـ "اقتصاد" آلية العمل والعوائق التي تقف أمام العملية التعليمية داخل الغوطة، فقال: "في البداية لا بد لنا أن نعرض عدد من الأمور حتى تصل الصورة الصحيحة لذهن المتابع، فهناك عدم توازي على الإطلاق بين راتب أي موظف (سواء كان يعمل ضمن جهات محلية أو منظمات عمل مدني) وأسعار المواد المعيشية بكافة أشكالها، فعلى سبيل المثال، الحد المتوسط لتعويضات المدرسين تتراوح بين 40 ألف و 45 ألف ليرة شهرياً، وهذا الرقم يكاد لا يكفي عائلة سوى أقل من أسبوع في ظل تقلبات أسعار السوق المخيفة بين ساعة وأخرى، إضافةً إلى أن كتلة الرواتب الشهرية تتجاوز 250 ألف دولار شهرياً ولا يوجد ميزانية مستقرة ومستمرة للتعليم ضمن برامج عمل الحكومة المؤقتة، ولذلك فإن وزارة المالية في الحكومة المؤقتة لا تستطيع تقديم أي شكل من أشكال الدعم للعملية التربوية داخل الغوطة، مما يساهم في تعقيد الأمور بشكل أكبر".

وكشف الأستاذ "برخش" عن أن التأخر في دفع تعويضات المدرّسين ليس كما يشاع له، بل هو تأخر بسيط نتيجة تثبيت القوائم الاسمية للمدرسين في بداية كل عام دراسي بالإضافة إلى حساب ساعات النصاب المدرسية لكل مدرّس وما يحتاجه ذلك من وقت في إنجاز تلك القوائم، وأن التعويضات سيتم دفعها خلال وقت قريب وذلك لقاء عشرة أيام من شهر أيلول بالإضافة إلى شهر تشرين الأول كاملاً.

وأضاف: "أما بالنسبة لتعويضات المدرسين فهي تتم عن طريق استجرارها من مشاريع الدعم المستقلة عبر الجهات المانحة، لذلك فإن مشروع تعويضات المدرسين مستقل تماماً عن مشروع رواتب الإداريين داخل مديرية التربية والتعليم". مؤكداً أن هناك أكثر من 2800 مدرّس في الغوطة الشرقية لجميع المراحل التعليمية، مضيفاً: "خلال الفترة الماضية سعينا جاهدين لرفع الحد الأدنى من تعويضات الحصة الدرسية للمدرّس، لكن دائماً تواجهنا مشكلة تتعلق بأن الجهة الداعمة تحدد الكتلة المالية وهذه الكتلة يتم تقسيمها على المدرّسين حسب الشرائح المعتمدة، حيث قمنا بتقسيم شرائح المدرسين إلى ثلاث شرائح (شريحة الخريج الجامعي، شريحة المعهد المتوسط، شريحة الثانوية العامة) وهذه الشرائح تختلف بين بعضها من ناحية التعويضات المالية. وقبل ثلاث سنوات كان التعويض المالي للحصة الدرسية الواحدة 200 ليرة سورية للخريج الجامعي، و 175 ليرة سورية لخريج المعهد، و 150 ليرة سورية لحملة الشهادة الثانوية من المدرّسين، ولذلك فإن المدرّس الأوفر حظاً يتقاضى 50 ألف ليرة سورية في الشهر، فماذا ستكفي من مصاريف له ولعائلته؟".

ويبقى سكان الغوطة الشرقية بجميع شرائحهم سواء الموظفين أو العاملين في مهن وليدة الحرب أو العاطلين عن العمل يدفعون ضريبةً يومية تتمثل بالمعاناة الدائمة جراء الحصار الذي فرضته قوات النظام عليهم بكافة أشكاله.

ترك تعليق

التعليق