زفاف جماعي في جنوب دمشق.. يثير البهجة والجدل في آن


تشارك أبناء وقاطني بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم في منطقة جنوب دمشق المحاصرة، عصر يوم الجمعة 4/11/2017، الفرح والسرور، بزفاف جماعي شمل 34 شاباً من السوريين واللاجئين الفلسطينيين، ساهمت به إحدى المؤسسات الخيرية العاملة في المنطقة.

ويعيش في منطقة جنوب دمشق المحاصرة 100 ألف مدني غالبيتهم مُحاصرون منذ ستة أعوام غير مشمولين بأي اتفاق هدنة أو تسوية مبدئية، وتنحصر حياتهم بمساحة 4 كيلو متر مربع لا أكثر.

واستهدف مشروع الزفاف الجماعي إزالة العقبات أمام الشباب، وتخفيف العبء المادي والتكاليف عنهم، والمُساهمة في توفير المُستلزمات الأساسية للعرسان، بحسب ما قاله لـ "اقتصاد"، الأستاذ أيمن الغزي، مدير هيئة فلسطينيي سوريا للإغاثة والتنمية.

وبحسب الغزي فإنّ كُلّ شاب من الـ 34، حصل على منحة 500 دولار أمريكي، صُرفت إلى العملة السورية، بـ 237500 ليرة سورية، قُدمّ منها 200 ألف ليرة للعريس، وبعض الهدايا وضيافة المنزل بقيمة 12500 ليرة، وسيُقدم المبلغ المُتبقي وقيمته 25 ألف ليرة، بعد أسبوع من حفل الزواج.

وعن المعايير المُتّبعة للموافقة على الشاب مُقدم طلب الاستفادة من المنحة المُساعدة على الزواج، أكّد الغزي أنهم لم يعتمدوا سوى أن يكون الشاب من قاطني جنوب دمشق المُحاصرة بغض النظر عن الجنسية إن كان لاجئاً فلسطينياً أو سورياً, أو إن كان عُنصراً في إحدى فصائل الثورة، مؤكداً أنّ لجنوب دمشق خصوصية تامة رُبما لن يفهمها إلا أكاديميون يبحثون في تفاصيل يوميات الحصار.

وإذا استثنينا قيمة المهور الُمُتفاوتة وغير المُحددة، يتكبد الشاب المقبل على الزواج في منطقة جنوب دمشق المحاصرة، 1500 دولار أمريكي مصاريف الخطوبة والتجهيزات المنزلية وحفل الزواج.

ولا يقل ثمن غرفة نوم العروسين المُستعملة عن 150 ألف ليرة، ويتبعها المُستلزمات المنزلية حيث يبلغ ثمن البراد المُستعمل 75 ألف ليرة، وثمن الغسالة "الحوضين" 25 ألف ليرة، بينما يبلغ قيمة خاتم الذهب "الحابس" 50 ألف ليرة، وكُلها في حدودها الدُنيا
ناهينك عن مخاوف الحصار التي تفرض على العريس تأمين مواد غذائية تكفيه لثلاثة شهور.

فادي عبد الرحمن، 35 عاماً، أحد الشباب المُستفيدين من منحة الجمعية الخيرية قال لـ "اقتصاد" إنّه كان عازفاً عن التأهل بسبب سوء الأوضاع المعيشية والمادية، فحصار دام لستة أعوام وما زال مستمراً، يكفي لأنّ يصل بالمحاصرين إلى حالة الإفلاس المالي المُطلقة.

ويُضيف عبد الرحمن أنّه وحين وصلت إلى مسامعه منحة الزفاف الجماعي، طلب من أحد أخوته اللاجئين في أوروبا مُساعدته بأي مبلغ يستطيع عليه، ليُكمل تكاليف زفافه، فهي وبحسب تعبيره، فرصة قد تُتاح لمرة واحدة فقط.

ويعزف الشباب عن الزواج بسبب سوء الأحوال الاقتصادية والغياب الكُلّي للعمل وعدم وجود المنشآت الصناعية والأسواق التجارية وكافة أشكال كسب الرزق، بالإضافة للأوضاع الأمنية غير المُستقرة والإشاعات المُتلازمة بين الفينة والأخرى وتضارب المشاريع المطروحة ما بين "مُصالحات وتسويات وتهجير"، وعجز الأهالي عن مُساعدة أبنائهم.

وبالرغم من مُساعدة جمعيات خيرية للشباب في تكاليف الزواج إلّا أنّ الشاب عبد المُعطي، 27 عاماً، وما زال أعزباً، لم يُرحب بمشروع الزفاف الجماعي بسبب كاميرات التوثيق المُلاحقة للعريس طيلة الحفل، دون أن ينفي مدى أهميته للمُحاصرين الذين من حقهم أن يعيشوا ويفرحوا، فهم ما زالوا أحياء بالرغم من كُل المآسي التي تعرضوا لها.

بين قبولٍ ورفض، وطموحات تكوين الأسرة وسوء الأحوال المعيشية، تبقى المُساعدات المالية والعينية التي تسند مشروع زواج الشباب وتشجعهم لزارعة البسمة على وجوه أهالي وأقارب وأصدقاء العرسان، شباباً وإناثاً، قبل الزوجين.

ترك تعليق

التعليق