مصابو الفشل الكلوي من السوريين في الأردن.. أمام مصير مجهول


أبلغ الهلال الأحمر القطري، العشرات من مصابي الفشل الكلوي ممن هم خارج مخيمات اللجوء في الأردن، بتوقف دعم علاجهم لحين تأمينهم مرة ثانية، وبات عليهم تغطية تكاليف غسيل الكلى على نفقتهم الخاصة اعتباراً من يوم الأربعاء ١-١١-٢٠١٧.
 
وتصل تكلفة جلسة الغسيل الواحدة إلى ٥٠ ديناراً أردنياً أي ما يعادل الـ 35 دولاراً تقريباً، بينما بلغ عدد اللاجئين السوريين الذين يتلقون علاج غسيل الكلية في جميع وحدات الديلزة (الغسيل الكلوي) 120 مريضاً من أصل 4767 مريضا أردنياً حتى نهاية العام الماضي 2016، وفق تقرير سنوي خاص بوبائية الفشل الكلوي في الأردن.

وقالت اللاجئة "أم عبد الله" التي دأبت على غسل كليتيها منذ سنوات بمعدل مرتين في الأسبوع في المشفى الايطالي في عمان، في تصريح لـ"اقتصاد"، إن مندوباً عن الجمعية الإسلامية المشرفة على العلاج أبلغ اللاجئين واللاجئات الذين يغسلون كِلاهم في المشفى المذكور أن الدعم قد توقف عنهم دون إبداء الأسباب.

وبدورها كشفت الناشطة "فريال محمد" التي تعمل كمتطوعة ومنسقة في المجال الطبي وتقديم الخدمات لمرضى زراعة الكلى من اللاجئين السوريين، أنها تواصلت مع المدير الإقليمي لمنظمة سامز سابقاً، الدكتور "مجد إسرب"، بعد نشره مناشدة لصالح دعم المرضى السوريين في الأردن، فأبلغها-كما تقول- بتأمين التغطية المالية للمرضى ريثما يعود الهلال الأحمر القطري للتغطية لثمانية أشهر قادمة، مما سيجعل اللاجئين السوريين أمام معاناة جديدة بعد انقضاء المدة المحددة.

 وأشارت محدثتنا إلى أنه لا مشكلة حالياً، ولكن مفوضية اللاجئين المخولة بتغطية نفقات علاج المرضى السوريين–حسب قولها- لم تُبدِ أي ردة فعل، واكتفت بإبلاغ عدد من المرضى السوريين الموجودين في مخيم الزعتري بتوقف الدعم المالي المقدم لتغطية علاجهم بسبب توقف الدعم الدولي، لحين تأمينهم مرة ثانية، رغم أن المصابين بالفشل الكلوي في مخيمات اللجوء في الأردن لا تتعدى نسبتهم الـ 15%.

ولفتت الناشطة "فريال محمد" إلى أن مفوضية اللاجئين دأبت منذ سنوات على إيقاف الدعم عن ملفات العديد من الأمراض بدءاً من مرضى السرطان ثم التلاسيميا ثم غسيل الكلى ثم مرضى زراعة الكلية وحالياً تكتفي بتغطية جزء بسيط جداً من الخدمات الطبية، بينما تقوم المنظمات السورية والأجنبية بتحمل العبء الأكبر. كما أوقفت المفوضية دعم مرضى غسيل الكلى عام ٢٠١٤ ومن ثم تابع الهلال الأحمر القطري المهمة لغاية تاريخ ٣١-١٠ -٢٠١٧.

ووقع مرضى الفشل الكلوي من اللاجئين السوريين بعد ذلك، ضحايا الشد والجذب بين الدول والمنظمات، وفي حين تتذرع المفوضية العليا للاجئين بأن الدول التي تعهدت بتقديم الدعم للاجئين لم تلتزم بكلامها، توقفت الدول الخليجية عن دعمها، واكتفت الكويت بتقديم مبلغ بسيط لا يتجاوز النصف مليون دولار في كثير من الأحيان، بينما صبت المملكة العربية السعودية جلّ اهتمامها على دعم المشفى السعودي داخل مخيم الزعتري وهو عبارة عن عيادات طوارىء لا تتضمن إجراء عمليات، أما الإمارات العربية المتحدة –كما تقول الناشطة فريال- فتكتفي أيضاً بإدارة وتمويل المشفى الإماراتي الأردني في المفرق (شمال الأردن) الذي يستقبل يومياً ٦٠٠ مريض من مختلف الجنسيات، وتساعد قطر بعلاج اللاجئين عبر الهلال الأحمر القطري الذي توقف حالياً بسبب نقص التمويل.

 محدثتنا أكدت أن الهلال القطري أبلغ عدداً من المرضى منذ شهر تقريباً بخفض عدد جلسات الغسيل، فالمريض الذي يحتاج إلى ثلاث جلسات أسبوعياً سيتم تغطية جلستين مجاناً فقط من الهلال القطري، والجلسة الثالثة من المريض وهذا ما جعل عدداً من المرضى-كما تؤكد- يوقفون الجلسة الثالثة لعدم إمكانيتهم تغطية نفقتها بينما رفضت المفوضية أن تغطي الجلسة الثالثة، ومثل هذا الأمر قد يؤدي إلى تدهور الوضع الصحي للمريض وربما وفاته، فمرض الفشل الكلوي مزمن، لا شفاء تام منه في أغلب الأحيان سوى بزراعة كلية جديدة.

 وبينت المتطوعة السورية أن تكلفة عملية زرع كلية في الأردن في حال تم تأمين المتبرع يصل إلى ١٠ آلاف دينار وهذا مبلغ خيالي بالنسبة للسوريين ليس بمقدورهم تغطيته وأشارت فريال إلى أن المنظمة الطبية السورية الأمريكية المعروفة اختصاراً بـ"سامز" سلّمت إدارة علاج اللاجئين للهلال القطري لأنه على تواصل دائم مع المرضى ويقوم بتوزيع المشافي، وتكفلت سابقاً بدفع المبلغ المالي المطلوب لتغطية ١٢٠ مريضاً خارج المخيمات حيث يتطلب تغطية هؤلاء ٧٠ ألف دولار شهرياً تقريباً، بينما اعتذرت المفوضية عن تقديم أي دعم بزغم خطورة الوضع الصحي للعديد من المرضى وحالات هذا المرض الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى الوفاة في حال قصور العلاج أو الإهتمام الطبي.

ومثّل قرار توقيف الدعم مطلع تشرين الثاني الحالي أسوأ ما كان ينتظره مصابو الفشل الكلوي من اللاجئين في الأردن في ظل عجز المنظمات والجمعيات المحلية والجهود الفردية عن تغطية هذا العدد من المرضى، علاوة على حاجتهم لأدوية إلى جانب الغسيل.

 ولفتت محدثتنا إلى أن "إيجاد كفيل لمرضى غسيل الكلى كان بفضل تواصل الأطباء السوريين الموجودين في الأردن، رغم علمهم بخطورة هذا الموضوع وهذا ما أثمر بشكل مباشر في إيجاد غطاء، بينما عجزت المفوضية والمنظمات الشريكة لها عن إيجاد حلول"، معربة عن أملها بأن تتكفل دول الخليج بتغطية الملفات الطبية المزمنة بدلاً من التركيز على توزيع الحقائب المدرسية والطرود الغذائية التي تكلف الملايين ولكنها لا تغير من الواقع شيئاً، داعية إلى إغلاق ملف طبي مزمن مثل ملف مرضى غسيل الكلى أو السرطان الذي هو أكثر أولوية وينقذ حياة العشرات من السوريين الذين لا حول لهم ولا قوة.

وتقدّر إحصائيات منظمة الصحة العالمية نسبة المصابين بالمرض الكلوي المزمن بين البالغين نحو 10 % من سكان العالم٬ -بحسب ممثلها في عمان الدكتور "باسل اليوسفي"- الذي أشار إلى أن "ارتفاع الضغط الشرياني وداء السكري يشكلان العاملين الأكثر خطورة في التسبب بحالات أمراض الكلى، إذ أنهما مسؤولان عن حوالي ثلث حالات مرض الكلى المزمن والفشل الكلوي".


ترك تعليق

التعليق