نصف ليرة على كل كيلو غرام.. تثير جدلاً في درعا


صدر مؤخراً، عن دار العدل في حوران، قرار قضى بفرض رسوم مالية على السيارات الشاحنة الداخلة إلى المناطق المحررة والخارجة منها. وأثار هذا القرار ردود فعل متباينة، بين مؤيد له، ومعارض.

ففي حين يرى فريق أن القرار طبيعي، ويدخل في صلب عمل دار العدل كسلطة قضائية موجودة على أرض المحافظة، ويهدف إلى تحقيق الاستقلال المالي، وبالتالي استقلال القرار دون تأثيرات خارجية. يرى فريق آخر أن مبالغ الرسوم على قلتها، تثقل كاهل الطبقة المسحوقة من مزارعين وفلاحين وصغار التجار، بمبالغ إضافية فوق المبالغ الكبيرة التي يدفعونها لحواجز النظام والشبيحة لقاء دخول وخروج المواد. إضافة إلى أن هذه الرسوم في النهاية ستُستوفى أضعافاً مضاعفة من جيوب المستهلك، من خلال رفع أسعار المواد.

ويرى الناشط "أبو علي الدرعاوي" أن دفع رسوم على المواد الخارجة والداخلة إلى المناطق المحررة ومناطق النظام لا يتم إلا بين دول مستقلة ذات سيادة، كما أنه سيُفهم على أنه إقرار ضمني بخروج المناطق المحررة عن الجسم السوري، حسب وصفه.

ولفت إلى أن "جميع المواد الداخلة من مناطق النظام إلى المناطق المحررة سواء عن طريق السويداء أو عن طريق دمشق، هي في معظمها مواد تموينية ونفط وأدوية، ودفع رسوم إضافية عليها سيدفع التجار إلى زيادة الأسعار عليها، ما سيجعل التجار يسوقون مبرراً آخر لزيادة الأسعار، وتحميل المحكمة والفعاليات الثورية، المسؤولية عن ذلك، وبالتالي مساواتها مع النظام في المسؤولية عن الغلاء والظروف الصعبة التي يعيشها سكان المناطق المحررة.

وأضاف أن "المواد الخارجة من المناطق المحررة إلى مناطق النظام، هي في معظمها مواد زراعية وحليب، وكما هو معروف أن القطاع الزراعي في المناطق المحررة يتعرض لخسارات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية والمازوت ومواد المكافحة، لذا فإن  فرض رسوم جديدة هي خسائر إضافية تضاف إلى خسائر المزارعين في محاصيلهم الزراعية".

ويتساءل أحد سائقي الشاحنات، "ألا يكفي كل ما ندفعه على حواجز النظام والشبيحة ولصوص الطرق، حتى ندفع مبالغ إضافية أخرى داخل مناطقنا؟".

واقترح أن تكون هذه المبالغ عبارة عن رسوم  تدفع شهرياً على كل سيارة، وليس على كل حمل يومي.

فيما يرى عبد الناصر الخالد، 43 عاماً، وهو تاجر  مواد غذائية، أن المبلغ المدفوع على السيارات كرسوم هو مبلغ زهيد، ولا يشكل إلا جزءاً يسيراً مما يدفعه أصحاب السيارات لحواجز النظام والشبيحة، التي تفرض أضعاف هذا المبلغ، لافتاً إلى ضرورة أن يساهم التاجر أو صاحب النشاط الاقتصادي القادر ولو بجزء يسير من أمواله في دعم ومساعدة بعض الجهات الثورية لضمان استمرار عملها، إذا اقتضى الأمر.

عزام العبدالله، وهو مدرس سابق، رأى أن فرض رسوم رمزية لمساعدة محكمة دار العدل في ممارسة مهامها خطوة مقبولة، لكن على أن لا يرافق ذلك زيادة مباشرة في الأسعار، وعلى أن تقوم دار العدل ذاتها بتشديد الرقابة على الأسعار، وأن تقف بشكل جدي على تبعات قرارها وتأثيره في السوق.

فيما يرى سليمان المحمود، عسكري منشق، أن دار العدل تعتبر أمان وضمان للمواطن في المحافظة، وأن دعمها مالياً واجب على كل مواطن، وفي مقدمتهم أصحاب الفعاليات الاقتصادية والتجارية، موضحاً أن توقف عمل المحكمة لأسباب مالية، سيساهم في نشر الفوضى وزيادة الانفلات الأمني، ويضاعف من مستوى الجريمة والتشليح، وستنشأ عشرات الحواجز بهدف سرقة المواطن. 

كانت مواقع إعلامية قد نقلت عن الشيخ عصمت العبسي، رئيس دار العدل، قوله أن "هذه الرسوم هي من أجل دعم مؤسسة دار العدل، وتحقيق استقلاليتها"، لافتاً إلى أن الرسوم سيتم فرضها بشكل تدريجي على الأهالي في المناطق المحررة، كون الشعب السوري هو المسؤول عن إعادة بناء بلده ومؤسساته، وذلك ضمن الإنتاجية الموجودة في المناطق المحررة، وفق قاعدة "الغنم بالغرم"، كما قال.

وأضاف العبسي أن الرسوم ستكون 2000 ليرة سورية على كل سيارة تزن حمولتها أربعة طن، و4000 آلاف ليرة على كل سيارة تزن حمولتها من 7 إلى 10 طن، و 6000 ليرة على كل سيارة تبلغ حمولتها أكثر من ذلك، مؤكداً أن هذه الرسوم ستذهب لتغطية نفقات محكمة دار العدل وإطعام المساجين الموقوفين في المحكمة.

وأوضح أن الرسم لا يتجاوز النصف ليرة سورية على كل كيلو غرام من البضائع الداخلة والخارجة من وإلى المناطق المحررة، ولن يكون لها أي دور في رفع الأسعار.

وتأتي أقوال رئيس محكمة دار العدل، على عكس ما يراه البعض من أصحاب الفعاليات والنشاطات الاقتصادية، بأن هذه الرسوم ستكون مبرراً لرفع الأسعار في المناطق المحررة.

يشار إلى أن دار العدل أعلنت صباح الأحد في 29 من شهر تشرين أول، عن هروب نحو عشرين سجيناً جنائياً من سجنها في غرز، وذلك بسبب ضعف الإمكانيات المادية، وعجزها عن تأمين رواتب لحراس السجن ولموظفيها، كما أشارت بعض المصادر.

ترك تعليق

التعليق