الليرة، تتحسن دولارياً، وتفقد قيمتها سلعياً


نظرياً، فإن تحسن قيمة الليرة مقابل الدولار يعد مؤشراً جيداً لتحسن الوضع المعيشي للسكان. لكن عملياً، فإن الواقع يقول عكس ذلك، فالليرة تتحسن دولارياً، وتفقد قيمتها سلعياً، مقارنة بالعام الماضي.

ارتفاع تكاليف المعيشة

رغم انخفاض سعر الدولار مقارنة بالعام الماضي، إلا أن تكلفة المعيشة تكاد تتضاعف هذا العام في ريف حمص الشمالي، حيث يعتبر السواد الأعظم من سكان الريف الحمصي من أصحاب الدخل المعدوم، فغالبية العوائل يعيلها من اغترب منهم، فيرسل لهم حوالات دولارية. والبعض منهم ما يزال على رأس عمله في دوائر دولة النظام، ويتقاضى راتباً لا يصل إلى 100 دولار في أحسن الأحوال. والقلة القليلة يعمل في مؤسسات المعارضة التي تقدم رواتب مغرية دولارياً، متوسط دخل العاملين فيها مؤسسات 300 دولار تقريباً.

لكن سعر صرف الليرة يعتبر عاملاً ثانوياً بالنسبة لمعدل ارتفاع وانخفاض الأسعار في ريف حمص الشمالي. فالعمولة التي يتقاضاها النظام على المعابر، وجشع التجار المسيطرين على المعبر، هما العامل الرئيس في تحديد سعر أي سلعة.

فتكلفة التدفئة ترتفع إلى الضعف على أقل تقدير مقارنة بالعام الماضي. محمد رزوق من سكان مدينة الرستن تحدث لـ "اقتصاد": "في العام الماضي كان سعر طن الحطب الواحد 60 ألف ليرة وسطياً أي ما كان يعادل 110 دولار حينها، أما اليوم فسعر طن الحطب 110 آلاف ليرة ما يعادل 230 دولار، ورغم انخفاض سعر الصرف ربما 50 ليرة، زادت أسعار المواد الضعف، مما زاد العبء أكثر فأكثر".

ومنذ خروج المنطقة عن سيطرة النظام أصبحت العملة الرئيسية للسكان هي الدولار، أما الليرة فتحولت إلى عملة ثانوية يتم الحصول عليها من محلات الصرافة قبل التوجه لشراء الحاجيات.

التجار هم المستفيدون

لكي تكون قادراً على ممارسة أي عمل تجاري في ريف حمص الشمالي لا يمكنك ولا بأي شكل من الأشكال الاعتماد على الليرة السورية، فالتجار يتعاملون فيما بينهم بعملة الدولار، ليوفروا على أنفسهم عناء التحويل من الدولار إلى الليرة، ثم شراء البضاعة ثم التحويل مرة أخرى من الليرة إلى دولار. فلا يمكنك أن تكون تاجراً وتحمل في محفظتك ملايين الليرات السورية. لذا فالتعامل يتم بالدولار غالباً.

لكن على امتداد السنوات الثلاث الماضية، كان سعر الصرف المتزايد ضد تجار التخزين، فكانوا يخسرون مئات الآلاف بسبب ارتفاع سعر الصرف، فبعد التخزين والبيع والذهاب لقلب العملة يكون قد خسر التاجر 20 ليرة في الدولار الواحد شهرياً.

صفوح الأحمد من تجار مدينة الغنطو قال لـ "اقتصاد": "تعتمد تجارتي على تخزين كميات من محصول البطاطا في البرادات لحين ارتفاع سعرها، فبعد عملية البيع بعد مضي 3 أشهر على الأقل يكون الدولار ارتفع فيقاسمني أرباحي وغالباً حصته أكثر من حصتي، لكن هذا العام يبدو الأمر مختلفاً قليلاً، فقد ربحت 70 ليرة من الدولار لوحده ناهيك عن ارتفاع سعر البطاطا".

هذا وقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية والمحروقات بنسبة الثلث تقريباً، والحطب والتمز (البيرين) بنسبة الضعف. ومع انخفاض سعر الدولار زادت الأسعار بثلث آخر، ليزداد فقر الفقراء وغنى الأغنياء. فتحسن الليرة لم يكن بسبب تحسن الناتج القومي في سوريا، وإنما كان بسبب إحدى ألاعيب البنك المركزي وتجاره الموالين له.

ترك تعليق

التعليق