في إدلب.. مئات الأسر دون مصادر دخل جراء "تجفيف الدعم" الذي طال الفصائل المسلحة


أمضى الثلاثيني "أبو حسام" قرابة خمس سنوات كمقاتل في ظل الحرب السورية التي اندلعت نهاية 2011. واليوم يعاني (أبو العيال) من شبح الفقر الذي شرع بمطاردته جراء تقلص راتبه عقب تجفيف الدعم الذي يُمارس ضد المعارضة المسلحة في سوريا.

بدت علامات الحزن والقلق ظاهرة في تجاعيد وجهه النحيل. في ظل سنوات الحرب الطويلة غدا أباً لثلاثة أطفال، وعليه منذ الآن أن يبحث عن مورد جديد لإطعامهم وسد احتياجاتهم الضرورية على أقل تقدير.

"قبل انضمامي للجيش الحر كنت طالباً في الجامعة، لذلك لم يتسن لي تعلم أي صنعة"، يتحدث أبو حسام لـ "اقتصاد". ويتابع: "أبحث الآن عن أي عمل يسد بعض احتياجات أسرتي. لم يكن الراتب الذي يعطوننا إياه كافياً، لكن الحجرة تسند جرة، كما يقول المثل".

في 25 تموز المنصرم أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بوقف البرنامج المخصص للمعارضة السورية الذي أطلقه سلفه "باراك أوباما" في 2013 واصفاً إياه بأنه "ضخم وخطير وغير فعال"، ما جعل آلاف المقاتلين يفقدون موردهم المالي الذي يعتبر المصدر الوحيد بالنسبة لمعظمهم.

"جميل"، وهو شاب آخر كان يقاتل في صفوف المعارضة على مشارف دمشق، قال لـ "اقتصاد": "كانوا يعطون العازب بين 75 و 100 دولار بينما يتقاضي المتزوج 150 دولار. منذ أشهر لم نقبض دولاراً واحداً".

خلال الحرب تعرض جميل لإصابة كبيرة في القدم جعلته بحاجة لعدد من العمليات الجراحية. ولحسن حظه أنه غير متزوج وإلا "كنت سأحمل هموماً كبيرة لا طاقة لي على حملها نتيجة للغلاء وصعوبة المعيشة في المناطق المحررة".

أغلب المتزوجين أو من يعيلون أسرهم من العسكر الذين توقفت رواتبهم باتوا اليوم يبحثون عن أعمال جديدة. البعض حالفه الحظ في الحصول على فرص مقبولة بينما يكافح عدد لابأس به للحصول على بعض المال من أقاربهم أو معارفهم في بلاد الاغتراب.

تزوج "أبو وسيم" (24عاماً) منذ مدة قصيرة. كان بإمكانه الاعتماد على راتبه الذي يتقاضاه من الفصيل التابع للجيش الحر الذي يعمل تحت رايته، لكن توقف الدعم جعل الرجل يقع في مأزق كبير ما جعله يطرق باب أحد معارفه اللاجئين في تركيا طلباً لبعض الدعم المالي.

"أحوال معارفي المادية جيدة في استنبول لذلك أحصل منهم على حوالات مالية كل فترة. إنها تسد حاجتي في هذا الوقت العصيب".

عشرات المقاتلين افتتحوا محلات لممارسة مهن مختلفة كتصليح السيارات والدراجات النارية ومطاعم لتقديم الوجبات الشعبية كالفول والفلافل والمعجنات، إضافة لانخراط العديد منهم في مشاريع تجارية صغيرة افتتحوها بالدين أو بما كان متوفراً معهم من المال.

مع أن "جمال" (26 عاماً) لم يترك رباطه الأسبوعي على إحدى جبهات محافظة إدلب، إلا أن الشاب المقبل على الزواج انضم لأحد معامل الحلويات ممارساً صنعته القديمة التي تعلمها قبل الثورة.

ومن عمله اليومي في صناعة (الكاتو) والحلويات الشرقية، يسعى جمال لتأمين مبلغ من المال يكفيه لتجهيز عروسه التي تنتظره بفارغ الصبر كما يقول لـ "اقتصاد". "أمضيت سنوات طويلة كمقاتل ولن أترك هذا الطريق لكن ظروف الحياة وتوقفهم عن إعطائنا مستحقاتنا كل ذلك جعلنا في حاجة لعمل إضافي".

ترك تعليق

التعليق