حركة حذرة من إعادة الإعمار، تبدأ في درعا


على الرغم من هشاشة الوضع الأمني الآيل للانهيار في أي لحظة، والارتفاع النسبي لأسعار مواد البناء، تشهد عدة مناطق في الجنوب السوري، أعمال بناء وترميم متواصلة، وذلك بعد أن عادت إلى الظهور من جديد، مواد البناء، التي كانت قد فُقدت من الأسواق في فترات مُطولة خلال السنوات الماضية. 

ويقول الناشط محمد الحوراني إن الأهالي العائدين من مناطق النزوح وبعض دول اللجوء، بدأوا بترميم منازلهم وذلك بعد أن توفرت  في المناطق المحررة جميع مواد البناء من حديد واسمنت ورمل وبحص وبلوك، رغم أسعارها المرتفعة.

وأضاف أن "عودة آلاف النازحين من محافظة السويداء ومن بعض قرى ريف درعا إلى منازلهم بالتزامن مع الهدوء النسبي للهدنة، التي بدأت في التاسع من تموز الماضي، حركت سوق مواد البناء بشكل ملحوظ، رغم الظروف الاقتصادية السيئة لغالبية السكان".

ويشير "أبو عثمان"، 54 عاماً، وهو تاجر مواد بناء، إلى أن مواد البناء باتت متوفرة في جميع قرى محافظة درعا تقريباً، وهي تصل من دمشق وريف دمشق عبر حواجز النظام عن طريق  كفر شمس وداعل، مقابل مبالغ كبيرة  تصل إلى 150 ألف ليرة سورية على السيارة الكبيرة، تدفع عليها كأتوات ورشوات ورسوم، ما يجعل أسعارها مرتفعة بهذا الشكل في الأسواق، لافتاً إلى أن أسعار المواد لا تثبت على سعر واحد لساعات طويلة، بسبب انخفاض وارتفاع صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي. 

وأضاف أن سعر طن الاسمنت وحسب جودته يبدأ من 52 ألف ليرة سورية ويصل إلى 60 ألف ليرة سورية، فيما يصل سعر طن الحديد إلى 360 ألف ليرة سورية ومتر البحص إلى 14 ألف ليرة سورية ومتر الرمل كذلك، فيما يصل سعر البلوكة الواحدة إلى  ما بين 175 و 200 ليرة سورية، ويتراوح سعر السيراميك ما بين 3500 و 5 آلاف ليرة سورية.

وأوضح  أن "أسعار هذه المواد تخضع للزيادة والنقصان حسب بعد المنطقة أو قربها من مصدر إنتاج المادة، وتكاليف نقلها وعدد الحواجز التي تمر بها والأوضاع الأمنية". 

من جهته، أكد معتز الحسن، 33 عاماً، وهو صاحب سيارة نقل مواد بناء في ريف درعا الغربي، أن بعض المناطق في ريف درعا الغربي بدأت تشهد ظهور بعض الكسارات، التي تحول الصخور إلى رمل وبحص، تُستخدم في عمليات الفرش والصبة والاكساء، يُباع المتر منها بما يقارب الـ 12 ألف ليرة سورية، لافتاً إلى أن هذه المشاريع وفرت بعض احتياجات المناطق المحررة، رغم أنها أقل جودة من تلك التي يتم نقلها من ريف دمشق، بسبب اختلاف الصخور المستخدمة.

ولفت إلى أن "هذه الكسارات والأعمال المتعلقة بها، وفرت عدداً من فرص العمل لسيارات النقل والجرارات والعمال المياومين، بعد أن توقفت الأعمال في مجال البناء فترة طويلة".

وأشار إلى أن "بعض أصحاب المكاسر في مناطق درعا المحررة بدؤوا بعمليات تدوير مواد البناء الناتجة عن أعمال التخريب والهدم التي ارتكبتها قوات النظام وذلك لاستخدامها في عمليات البناء والترميم"، لافتاً إلى أن المواد الناتجة عن إعادة التدوير، تُباع بأسعار أقل من أسعار المواد  الجديدة رغم الجهود الكبيرة، التي تبذل في عمليات إعادة تدويرها". 

ويقول محمد سامر، 38 عاماً، وهو صاحب محل لبيع الأدوات الصحية، إنه بدأ يشاهد من جديد عمال البناء وجبالات الاسمنت، تعود للظهور في العديد من المناطق المحررة، مشيراً إلى أن حركة بيع الأدوات الصحية والكهربائية بدأت تتحرك لكن ببطء شديد.

فيما أكد "أبو مظهر العزاوي"، العائد حديثاً من الأردن إلى درعا، أنه يتمنى العودة للسكن في منزله في درعا البلد، لكن حجم الخراب الذي حل بمنزله كبير جداً ما جعله يستأجر منزلاً بصورة مؤقتة، في إحدى القرى، بنحو 35 ألف ليرة سورية.

ولفت إلى أنه يتواصل مع أبنائه اللاجئين في تركيا وألمانيا لتأمين بعض المبالغ اللازمة لإعادة بناء غرفتين مع منافع، لإيواء ما تبقى من أسرته، موضحاً أن بناء الغرفة الواحدة أصبح يكلف أكثر من مليون ليرة سورية هذا عدا عن ثمن الأرض.

فيما أكد عبد السلام العيسى، 45 عاماً، أن الخراب في منزله في حي طريق السد، كان جزئياً، وهناك بعض الغرف التي مازالت قائمة، لكنها تحتاج إلى أعمال ترميم كبيرة قبل حلول الشتاء، مشيرا إلى أن إغلاق بعض الثقوب والتصدعات في بعض الغرف كلفه أكثر من 150 ألف ليرة سورية، وهي كامل ما كان في حوزته من أموال.

وعبّر عن أمله في أن يستمر الهدوء وأن تتوقف المعارك، ويعود المهجرون إلى ديارهم، وإلى ممارسة حياتهم الطبيعية بعد أكثر من ست سنوات من التشرد والعذاب.

ترك تعليق

التعليق