700 ألف ليرة تكلفة المونة في ريف حمص.. تعرّف على بنودها


لا يختلف اثنان على أن المرأة السورية، ربة منزل ممتازة، ويشهد لها بذلك كل أفراد عائلاتها، وحتى نساء البلدان الأخريات. فلا يوجد شي لا تستطيع المرأة السورية أن تقوم به. وجرت العادة في المحافظات السورية، أن يكون هناك وقت في السنة، يقال له وقت "المونة"، أو موسم "المونة". وكثيراً ما تغطي المونة حاجة أهل البيت لستة أشهر وأكثر.

(تجفيف الفليفلة الحمراء)

وكانت تُحفظ سابقاً في بيت يسمى "بيت المونة"، وهو عبارة عن غرفة، تتوفر فيها شروط التخزين بعيداً عن أشعة الشمس. وقبل قيام الثورة السورية في العام 2011، كانت 80% من العائلات السورية، قادرة على صناعة "المونة" الشتوية. أما الآن، وفي ظل الحرب التي يشنها النظام وميليشياته على الشعب السوري، فقد انخفضت نسبة الأسر السورية القادرة على تجهيز "المونة" إلى 50% في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وإلى 20% في المناطق المحررة والمحاصرة، كمنطقة شمال حمص، وذلك بسبب انخفاض الدخل، وتردي الأوضاع الاقتصادية، والارتفاع الجنوني للأسعار.

(رب البندورة)

وقال سكان محليون في عدة بلدات من ريف حمص الشمالي لمراسل "اقتصاد"، إن تكلفة صناعة "المونة" للشتاء في العام الحالي تتراوح ما بين (600 - 700) ألف ليرة سورية، لعائلة مكونة من 7 أفراد، أي بمعدل 100 ألف ليرة سورية للفرد الواحد، بينما كانت كلفتها في العام 2015، لنفس العائلة، نحو 300 ألف ليرة، وفي العام 2011، ما يقارب 50 ألف ليرة سورية.

من مقومات الصمود

أكدت جميع النسوة اللواتي التقاهم مراسل "اقتصاد" في حمص، خلال إعداد هذا التحقيق الصحفي، في أماكن متفرقة من ريف حمص الشمالي المحاصر، وريف حماة الجنوبي، وعبر الهاتف من ريف حمص الجنوبي، أن "المونة" الشتوية في المنزل ضرورية جداً للأسر الفلاحية، وخاصة في ظل الحرب والحصار، الذي يعيشه نحو 300 ألف شخص في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي.

(الجوز)

 وقالت أم كريم من "تلبيسة"، لمراسل "اقتصاد" :"تعتبر المونة في سنوات الحصار، من أهم مقومات الصمود في مواجهة حصار النظام وميليشياته"، مشيرة إلى أن النسوة اللواتي يتقن صناعة "المونة"، أصبحن حالياً قليلات جداً، ولا تتجاوز نسبتهنّ 40%. منوهةً إلى أن قلة الدخل أجبر غالبية العائلات السوريات عامة، والمحاصرة خاصة، إلى الاستغناء عن معظم محتويات المونة والاقتصار على الضروريات، إضافة إلى تقسيم إعدادها إلى عدة أشهر، تجنباً لإرهاق ميزانية المنزل.

(صناعة البرغل)

المونة الحامضة والحلوة

وتقول الحاجة" أم رضوان" (ريف حمص الشرقي)، والتي تتمسك بعادة تصنيع المونة منذ أكثر من نصف قرن: "تبدأ عملية صناعة المونة في بداية فصل الصيف، حيث نصنع في البداية مونتنا من الألبان، كالكشك والشنكليش (السوركي) والجبنة واللبنة، وتسمى بـ (المونة الحامضة)".

(شنكليش)

 وأضافت قائلةً: "نعمد إلى تخزين الحبوب وصناعة البرغل بنوعيه الناعم والخشن بعد موسم الحصاد، ومن ثم نقوم بصناعة رُب البندورة بشكل يدوي".

 وأكدت "أم رضوان" في حديثها لـ "اقتصاد" عبر الهاتف، أن مونة الشتاء تمتاز بمذاقها اللذيذ جداً، مشيرة إلى أن أكثر ما يزعج ربة المنزل حالياً، قلة عمل الشباب.

(زيتون)

 ورداً على سؤال لـ "اقتصاد" عن أهم المواد التي كانت موجودة في بيت "المونة" قديماً، قالت أم سمير (60 عاماً) من منطقة "الحولة" بريف حمص الشمالي الغربي: "تقسم المونة في ريف حمص إلى عدة أنواعها وأهمها: المونة الحامضة والمالحة كالألبان والأجبان والمخللات بأنواعها، والمونة الحلوة كالمربيات بمختلف أنواعها (تين، عنب، قرع، تفاح، خوخ، مشمش، كرز) والخضار المجففة مثل الباذنجان، الملوخية، القرع، البامياء، البندورة".

(مربى القرع)

الضروريات فقط

وتتحدث "أم أحمد" (كفرلاها)، عن تكلفة مونتها في السنة الخامسة من حصار النظام لمدينتها الحولة فتقول لـ "اقتصاد": "قبل العام 2011، كنت أملأ بيت (المونة) بمختلف الأطعمة، وبمبلغ مالي لا يتجاوز 50 ألف ليرة، أما الآن فتحتاج نفس المونة إلى نحو نصف مليون ليرة سورية.

 وأكدت "أم أحمد"، أن نصف نساء مدينتها، لم يجهزن أي صنف من المونة بسبب الفقر، وقلة فرص العمل للرجال، مشيرة إلى اقتصار مونة هذا العام على الضروريات جداً، حيث ألغيت صناعة الأجبان واللبنة والكشك والشنكليش والسمنة الحيوانية لارتفاع قيمة المواد الداخلة في صناعتهم، مؤكدة أن تكلفة القطعة الواحدة من الشنكليش تقدّر بـ 150 ليرة سورية.

(مربى التين)

مكدوس الحرب

علم موقع "اقتصاد" أن كلفة صناعة مونة المنزل من مادة المكدوس، والتي تُشتهر بصناعتها سوريا ولبنان فقط، ارتفعت 10 أضعاف تقريباً، حيث تصل كلفة الكيلو الواحد نحو 1300 ليرة سورية.

 (سلق المكدوس)

تقول إحدى المعلمات وتدعى بأم حسان لـ "اقتصاد": "يحتاج كليو المكدوس وسطياً إلى 100 غرام جوز و 200 غرام فليلفة حمراء و 100 غرام زيت زيتون، إضافة إلى سعر كيلو الباذنجان الحمصي هذا العام 250 ليرة، فتكون كلفة القطعة الواحدة من "المكدوس" نحو 130 ليرة سورية. وتابعت تقول: "صناعة المكدوس مرهقة جداً لربة المنزل، ونحتاج إلى أسبوع لتجهيزه بحيث تجتمع النسوة الأقارب ليساعدن بعضهنّ في عملية تجهيز الباذنجان وسلقه وتمليحه وكبسه بأشياء ثقيلة جداً ثم يحشونه بالجوز أو الفستق السوداني والفليفلة الحمراء ومن ثم يرتّب بطريقة هندسية في أوان زجاجية أو بلاستيكية ويضاف إليه زيت الزيتون أو زيت دوار الشمس".

(عملية كبس الباذنجان)

مونة المحاصرين بالأرقام

حصل موقع "اقتصاد"، من رب أحد الأسر الريفية (7 أفراد) بشمال حمص، على رقم كلفة مونتهم لهذا العام، والتي يقدّر بنحو 700 ألف ليرة سورية، بمعدل 100 ألف ليرة سورية للفرد الواحد، علماً أن هذه الأسرة تصنّف بالعائلات القليلة جداً، والتي لا تتجاوز نسبتهم 25% بريف حمص الشمالي، التي أنجزت مونتها. وكانت التكاليف على النحو التالي:

(جانب من بيت المونة)

- شنكليش (سوركي) 30 ألف ليرة سورية (30 كغ).
- برغل 10 آلاف ليرة سورية (50 كغ).
- سمن حيواني 50 ألف ليرة سورية (20 كغ).
- كشك 10 آلاف ليرة سورية (5 كغ).
- رُب البندورة 20 ألف ليرة سورية (15 كغ).
- مخللات 15 ألف ليرة سورية (30 كغ).
- مربيات (تفاح وعنب وتين) 20 ألف ليرة سورية (20 كغ).
- ملوخية 15 ألف ليرة سورية (5 كغ) يابس.
- باذنجان وبامياء وقرع (مجفف) 20 ألف ليرة سورية (7 كغ) يابس.
- عدس شوربة ومجدّرة 10 آلاف ليرة سورية (20 كغ).
- فليلفة حمراء (محمرّة) 5 آلاف ليرة سورية (5 كغ).
- مكدوس 50 ألف ليرة سورية (40 كغ).
- حمّص وفول (حب) 20 ألف ليرة سورية (50 كغ).
- جبنة بلدية 35 ألف ليرة سورية (16 كغ).
- دبس رمّان 6 آلاف ليرة سورية (3 كغ).
- زيتون أخضر وأسود 15 ألف ليرة سورية (30 كغ).
- زيت زيتون 180 ألف ليرة سورية (100 كغ).
- مازوت وحطب للتدفئة 200 ألف ليرة سورية (200 لتر).

 
(مكدوس)

ترك تعليق

التعليق