المهجرون "الشوام" ينقلون صناعة "الكشك" إلى إدلب


أحبت الأربعينية "أم محمود" مادة (الكشك) المصنوعة من البرغل واللبن المجففين تحت شمس آب الحارقة، مع أن محافظة إدلب لا تعرف هذه الأكلة التي بدت لأم محمود وغيرها من الأدالبة "شهية وجديرة بالاهتمام".

أم محمود قالت إنها لم تستطع صنع مؤونة الشتاء من هذه المادة الجديدة بسبب جهلها بطريقة عملها لكنها طلبت من جارتها الشامية كمية لا بأس بها. "الشوام أتوا ومعهم بعض الأطعمة اللذيذة. إننا نبادلهم أسرار طعامنا ويبادلوننا. وهذه المادة تعتبر من أطيب ما عرفناه".


العام الماضي توافد الآلاف من مناطق سيطرة المعارضة من دمشق وما حولها، حيث ركبوا باصات التهجير ليستقر بهم المقام على أرض إدلب الخضراء أو في تركيا المتاخمة، ومن بقي منهم في إدلب نقل بعض عاداته في تحضير الوجبات الغذائية إلى من يعرفه من جيرانه الأدالبة، واقتبس منهم أيضاً.


في السوق الكبير والمزدحم لمدينة إدلب كان تاجر البهارات والمواد الغذائية، "أبو نعيم"، يطحن لزبائنه ما يحضرونه من مواد غذائية صلبة، كالحمص والبرغل والفليفلة المجففة.

"مادة الكشك كانت غير معروفة في إدلب"، يتحدث أبو نعيم لـ "اقتصاد" وهو يحمل كيساً يزن 5 كيلو غرامات من البرغل المخلوط باللبن. ويتابع: "هذا هو الكشك. يكون أشبه بالبرغل اليابس. وبعد طحنه يغدو بمنظره المعروف".


يومياً، يطحن أبو نعيم عشرات الكيلوات من مادة الكشك، يُحضرها المُهجّرون من أهالي دمشق وريفها. لكن وفي بعض الأحيان بات العديد من أهالي مدينة إدلب يضع على طاولة الرجل كيساً من مادة الكشك طالباً طحنها، "فقد انتقلت هذه الوجبة إلينا إلى حد ما".

على نفس الشارع المكتظ بالمارة أدخل التاجر "محمد" مادة الكشك إلى قائمة بضاعته المكونة من الجوز والفليفلة ودبس البندورة.


"لا يوجد أحد هنا يعرف طريقة صنع هذه المادة لذلك أشتريها من زبائني الشوام"، يوضح محمد لـ "اقتصاد".

ويتابع: "أعتقد أنني في السنة القادمة سأتعلم صنع هذه المادة بسبب كثرة الطلب عليها في متجري".


مادة الكشك؛ تُستخدم مطبوخة مع الماء وزيت الزيتون (الكشك المنوش) أو مطهية مع العجين، ويقدم معها البصل المشوي (كشكية) أو تؤكل نيئة (كشكة خضرا)، كما تستخدم في أطباق عديدة ومتنوعة في المطبخ الشامي. ويشير إقبال أهالي إدلب عليها إلى الاندماج الذي يجري بين مختلف أبناء المحافظات السورية المقيمين في المنطقة المحررة شمالي سوريا، والتي تشهد تنوعاً بشرياً جديراً بالاهتمام.


ترك تعليق

التعليق