قصة نجاح.. كيف نجا مشروع "أسامة" الصغير من الانهيار الاقتصادي في الغوطة؟


لم أكن أتوقع نجاح الحلم الذي طالما ثابرتُ على تحقيقه في ظروفٍ اقتصادية صعبة للغاية، فما إن تمشي في شوارع الغوطة حتى ترى الوجوه بائسة بسبب تضييق الحصار وارتفاع في أسعار كافة المستهلكات الاقتصادية. بهذه الكلمات بدأ "أسامة أبو عمر"، الشاب الثلاثيني، حديثه لـ "اقتصاد"، حول افتتاحه لمحل قرطاسية وألعاب في مدينة دوما.

ويضيف: "كانت الفكرة تراودني منذ سنة، فقمت بدراسة المشروع بشكل جيد إلّا أن الأوضاع كانت وقتذاك تزداد صعوبة من الناحية الأمنية واستمرار القصف على شوارع وأحياء المدينة، الأمر الذي حتّم علي التمهل في بدء التنفيذ، حتى جاء اتفاق خفض التصعيد قبل شهرين، فانخفضت وتيرة القصف نسبياً عما كانت عليه، وانتشر التفاؤل بين الناس حول ازدهار الحركة التجارية نتيجة الشروع بفتح المعابر التي تصل الغوطة بمناطق النظام في العاصمة دمشق، حيث يتم استيراد كافة البضائع. لكن سرعان ما تبدد هذا التفاؤل مع استمرار إغلاق المعبر، وازدياد الأوضاع الاقتصادية سوءاً".


فالمشاريع الصغيرة تسهم بشكل مباشر في تنشيط الحركة التجارية والإقتصادية في الغوطة، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة دعم المشاريع الصغيرة من قبل منظمات العمل المدني، لكن قلّما تجد مشروعاً يموله ذاتياً أشخاص كـ "أسامة" وغيره، وذلك نظراً لقلة الموارد النقدية في يد الشباب، بسبب انتشار البطالة بنسبة كبيرة.

وكشف "أسامة" عن أنه قام بزيارة العديد من الأصدقاء وأصحاب الشأن من أجل تقديم الإستشارة له، فلم ينصحه أياً منهم بمواصلة المشروع، على الأقل ريثما تظهر نهاية لتلك الضائقة، مضيفاً أنه سمع جميع الآراء لكنه استمر بإصرار على متابعة الفكرة.


ومع دخول توقيع اتفاق خفض التصعيد شهره الثالث، نظرياً، مع وقف التنفيذ فعلياً على الأرض حتى اللحظة، تسبب ذلك بالكثير من العوائق والتحديات أمام عمليات البيع والشراء والحركة التجارية، فضلاً عن المعاناة الناجمة عن عودة القصف على الأحياء السكنية. الأمر الذي كان من المرجح أن يسبب، بعد فترة قصيرة، انهياراً اقتصادياً لمشروع كالذي الذي افتتحه "أبو ياسر". فكيف نجا مشروعه من هذا المصير؟

يحدثنا "أبو ياسر" عن الطريقة التي تجنب من خلالها الإنهيار الاقتصادي، فقال: "اعتمدتُ في بداية افتتاح المكتبة على كثير من أنواع البضائع. فمثلاً، قرطاسية، ألعاب، هدايا، عطورات، تحف.. لكلٍ من هذه الأنواع موسمها الخاص، فالألعاب تنشط حركتها مع بداية العيد وهي الفترة التي قمت فيها بافتتاح المكتبة، ثم بعد ذلك القرطاسية مع قدوم موسم المدارس، فضلاً عن التحف والخزفيات والهدايا التي تشكل مصدراً لا بأس به نظراً لتنوع المناسبات من خطوبة وزفاف ونجاح وغيره. مما سهل عليّ الكثير من العوائق، إذ ينتهي موسم ليبدأ موسم آخر وهكذا. فالتنوع كان هو الحل. فضلاً عن انتقاء مكان مناسب جداً يتوسط تجمعاً من المدارس والمعاهد، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تحقيق شهرة للمكتبة، وازدياد عدد الزبائن".


وختم "أبو ياسر": "بدأت برأسمال لا يتجاوز 700 ألف ليرة سورية. والآن أعمل على استمرار النشاط في العمل ضمن الإمكانيات المتوافرة. أبيع وأشتري بما يوجد فقط من بضائع في أسواق الجملة، فأكثر من 70% من أنواع البضائع مفقودة، إلّا أن اعتمادنا على الصناعة المحلية لبعض الدفاتر والألعاب يشكل حافزاً جيداً، الأمر الذي يسهم في دعم الصناعة المحلية، فمثل هكذا مشروع صغير ليس المهم أن تبدأ فيه، لكن المهم والأهم هو أن تستمر وسط هذه الظروف الصعبة للغاية، وهو ما أعمل عليه خلال الفترة المقبلة، وأدعو كل من يستطيع أن ينشئ مشروعاً صغيراً كهذا، أن يفعل، لما فيه من أهمية في دعم الاقتصاد الداخلي للغوطة، وتنشيط للحركة التجارية الداخلية".

ترك تعليق

التعليق