لو كنت من ناحيتي كنسبا أو سلمى، وتريد زيارة منزلك.. ماذا يمكن أن ترى؟


منعت قوات الأسد المزارعين من أهالي جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية، من جني مواسم أراضيهم، واستولت عليها لحسابها، كما منعتهم من إعادة إحياء زراعتهم وحراسة بساتينهم.

لزيارة منزلك تحتاج إلى موافقة أمنية

إذا كنت من ناحية ربيعة أو ناحية كنسبا أو سلمى ومقيماً في اللاذقية تحت سلطة نظام الأسد، وأردت زيارة قريتك ومنزلك لإلقاء نظرة على بستانك، أو حتى قراءة الفاتحة لأرواح أمواتك في المناطق التي احتلها نظام الأسد في المرحلة الأخيرة في ريف اللاذقية، يجب عليك الحصول على موافقات أمنية قد تستمر لعدة أيام مع إجراء تحقيقات مطولة حول أسباب الزيارة والدوافع إليها، ودفع رشاوي للمسؤولين والحواجز على الطرقات، حتى تستطيع التجول لساعتين أو ثلاث، برفقة دورية أمنية أو عسكرية من الميليشيات المسيطرة في المنطقة.

وعليك أن تشتم فصائل الثورة، وتتهمها بأنها هي التي دمرت وعفشت وفجرت منازل أهاليها، وربما تتهمها بأنها قامت بقصفها جواً أو أسقطت عليها البراميل المتفجرة.

روى "أبو محمد" (اسم أطلقناه عليه) قصة زيارته لقريته في حديث مع "اقتصاد". أبو محمد من قرية قريبة من ناحية كنسبا أراد زيارة منزله وأرضه، اضطر إلى تقديم طلب إلى اللجنة الأمنية التي فتحت معه تحقيقاً حول سبب زيارته، وأعطته الإذن بعد جلسات مطوّلة.


يستولون على ما تملك

أجبره حاجز عند قرية كفرية الموالية على الترجل من السيارة التي استأجرها وفتشوه مع السيارة تفتيشاً دقيقاً.

ركب معه عنصران مسلحان بالسيارة وذهبا برفقته إلى قريته.

بعد المرور على عدة حواجز نصحه أحد العناصر بالعودة وعدم إكمال طريقه، وقال له ببساطة "لن تجد مايسرك"، ولكنه أصر على رؤية منزله.

رأى خلال الطريق عدداً من السيارات الشاحنة، تحمل صناديق التفاح متجهة إلى اللاذقية، وجاءه الجواب على دهشته من أحد العناصر الذين رافقوه. "الشباب يقطفون الثمار، أحسن ما تروح بالأرض ويرسلونها إلى سوق هال اللاذقية للبيع لحسابهم، فهم أحق بها".

عند وصوله إلى منزله في القرية وجد منزله الذي مازال قسم منه صامداً رغم تعرضه للقصف، ومسكوناً من قبل مجموعة عسكرية، ووجد أمامه كمية كبيرة من التفاح المقطوف، وتعمل المجموعة على توضيبها بصناديق الفلين استعداداً لإرسالها للبيع.


لم يسمحوا له بالدخول إلى المنزل، واكتفى بإلقاء نظرة عليه من الخارج، ذهب إلى بستانه المزروع بأشجار التفاح، وجد عدة عناصر ينتمون لكتيبة الجبل المسيطرة على المنطقة، يقطفون التفاح بهمجية، وأغلب الأشجار قد تعرضت للكسر والإتلاف.

قال أحد العناصر الذين يقطفون التفاح لـ "أبو محمد" عند رؤيته "شوجايبك لهون، ليس لكم أرض ولا منازل، أنتم إرهابيون ونحن أحق منكم بها، نحنا طردنا الإرهابيين وصارت هالمنطقة إلنا".

لم يتكلم وعاد من حيث أتى إلى مدينة اللاذقية.


مواسم بمليارات الملايين

ابن المنطقة المهندس الزراعي "محمد محمد"، وكان موظفاً في مديرية زراعة اللاذقية، قدّر إنتاج ناحيتي كنسبا وسلمى من ثمار التفاح فقط بأكثر من 70 ألف طن سنوياً، ولا يقل سعر الـ الطن الواحد عن 250 ألف ليرة سورية، فيكون متوسط سعر المواسم التي سرقها نظام الأسد من أصحابها 17 مليار و500 مليون ليرة سورية.


وأضاف: "هذه الخسائر في موسم التفاح ليست هي المشكلة، بل المشكلة الحقيقية هي بتعرض البساتين للإهمال والتيبس لعدم إروائها أو تقليمها والاعتناء بها، فشجرة التفاح لا تعيش بدون عناية، ويوجد خوف من تعرضها للحرائق نتيجة نمو الأعشاب البرية ويباسها مع بداية الخريف، مما يجعلها سريعة الاشتعال، وفي حال حصول ذلك فإن الأشجار سوف تحترق وتموت".

وأردف: "هذه البساتين تحتاج 12 عاماً لكي تعود إلى ما كانت عليه، في حال زراعتها من جديد. مع تكلفة الزراعة والاعتناء. أما ما يمكن متابعته مما تبقى منها فيمكن أن يعود إلى وضعه الطبيعي خلال سنتين أو ثلاث، ولكن يجب معالجته فوراً، وهذا أمر غير متاح ويمنعه نظام الأسد".


ترك تعليق

التعليق