عشية الإعلان عن التدخل التركي.. ما حال الاقتصاد في إدلب؟


يشتكي الخمسيني "أبو نضال" الذي افتتح مؤخراً مطعماً لبيع لحم الفروج المشوي والشاورما، من ضعف الإقبال على محله خلال الأيام القليلة الماضية. ويقول لـ "اقتصاد"، إن الظروف التي تعيشها محافظة إدلب في الوقت الراهن أدت لخلق أجواء من عدم الاستقرار لدى معظم الأهالي.

حين افتتح أبو نضال مطعمه كان العشرات يجتمعون أمام سيخ الشاورما المكتنز، بينما ينتظر عدد مماثل لتلبية طلباتهم من وجبة الفروج الذي تزخر به الشواية الكبيرة العاملة على الغاز.

يقول أبو نضال: "هناك فرق كبير بين الإقبال على مطعمي سابقاً، وفي الأيام القليلة الماضية. انظر يمكنك ملاحظة هذا الفرق من نظرة واحدة إلى فراغ المحل من الزبائن، وإلى سيخ الشاورما النحيل وشواية الفروج الخالية إلا من عدد قليل من الفراريج".

في سوق مدينة إدلب حيث الحركة الدائبة لمئات الأقدام جيئة وذهاباً، يلاحظ المراقب قلة عدد من يحمل البضائع والمواد الغذائية من المحلات التي تفوق الحصر، والمنتشرة على جانبي الطريق المؤدي إلى ساحة المدينة الشهيرة.

كان العشريني "محمود" يكنس الطريق أمام مطعم المعجنات الذي افتتحه منذ سنة تقريباً، وبين الغبار القليل المتطاير لا يمكن للمرء أن يلمح أي حركة تُذكر لزبائن المحل الذين كانوا يتجمهرون سابقاً أمام فرن محمود حيث كانوا يغادرون المحل محملين بشتى أنواع فطائر الجبن واللحم والبيتزا والمحمرة الحارة.

قال محمود متحدثاً لـ"اقتصاد" عن ضعف عملية البيع التي باتت ظاهرة منتشرة في أرجاء محافظة إدلب. "نحن نعاني اليوم من قلة الزبائن التي كانت تتردد لشراء الوجبات الجاهزة التي نصنعها".

وحول سبب هذه الظاهرة ألمح محمود إلى أن الإعلان عن دخول المنطقة ضمن اتفاق أستانة وما جرى من قصف حربي على المدنيين عشية تصريحات تركيا باقتراب دخولها إلى إدلب، أدى لحدوث شلل في سائر العملية التجارية في المنطقة.

من جانبه ألمح "أبو إبراهيم"، وهو تاجر غذائيات يعمل في مدينة إدلب، إلى توجسه والكثير من أصحابه التجار، مما يجري في الشمال السوري، عقب الإعلان عن التدخل التركي، وما قد يواجه المنطقة من حروب، لاسيما في حال جابهت "هيئة تحرير الشام" القوات التركية.

وأشار تاجر الغذائيات في تصريح لـ "اقتصاد"، إلى أن حالة التوجس ساهمت إلى حد كبير في توقف عجلة التجارة في أسواق ومتاجر المدينة، فـ "الناس لا تعلم ما سيحدث خلال الساعات والأيام القادمة"، مضيفاً بالقول: "من يعلم. ربما سيضطر آلاف الناس للنزوح باتجاه الأراضي التركية هرباً من الحرب لو اندلعت لاسمح الله!".

غياب الحركة النشطة ظهر جلياً في مقهى "الجنينة" الشهير في مدينة إدلب. يقول "محمد"، نادل المقهى الذي كان يحضر كأساً من الشاي الخمير لأحد زبائنه القدامى، إن المكان كان قبل فترة يعج برواده. ويضيف متحدثاً لـ "اقتصاد": " لو أتيت إلى هذا المكان قبل فترة ربما لن تتمكن من الجلوس على طاولة لاحتساء مشروب ساخن"، يردف محمد بينما انتهى من خدمة زبونه الوحيد، "الناس خائفة وتعيش في حالة انتظار يشوبها الحذر".

في 15 أيلول الماضي اختُتم اجتماع "أستانة 6" في العاصمة الكازخستانية، حيث اتفقت تركيا وروسيا وإيران على إنشاء منطقة خفض تصعيد رابعة في محافظة إدلب، ما عزز مخاوف زهاء 4 مليون نسمة من مخرجات هذا الاتفاق الذي قد يؤدي إلى اشتعال فتيل الحرب في أي لحظة.

ترك تعليق

التعليق