لو كنت ممن دخل مصر عبر السودان، بشكل غير شرعي.. ماذا يجب أن تفعل؟


يرن الهاتف قرابة الساعة الخامسة صباحاً، فيكون المتصل رجل يتحدث بنبرة خوف ورعب، "نحن قرابة الـ 30 شخصاً، بيننا نساء وأطفال، تائهون في الصحراء بالقرب من شلاتين، تركنا المهرّبون منذ 12 ساعة بلا ماء ولا طعام، بعد أن سرقوا معظم أمتعتنا، ودرجة الحرارة بدأت بالارتفاع، ونحن مهددون بالموت عطشاً، وبخاصة الأطفال".

 نستلم نداء الاستغاثة ونوصله للسلطات المصرية التي تنقذهم، وتقدم لهم الطعام والماء والدواء، ويُنقلون إلى أحد مراكز التوقيف المؤقتة لاستكمال إجراءاتهم القانونية أصولاً. وتتكرر الحادثة أسبوعياً.

وهكذا، بات من المعتاد أن نسمع عن نداء استغاثة تطلقه مجموعة من اللاجئين السوريين بعد ضياعهم في الصحراء بين السودان ومصر في منطقة حلاليب وشلاتين، وذلك في حلقة جديدة من عذابات السوريين الفارين من جحيم القذائف والبراميل والكيماوي في سوريا.

وبعد أن أغلقت كل الدول حدودها بوجه السوريين ومنعت دخولهم إليها، بقيت السودان الملاذ الوحيد للهاربين من سوريا، نظراً لكونها لا تشترط فيزا لدخول السوريين إليها.

 ولكن، بحكم صعوبة الطقس فيها من حرارة ورطوبة عالية، وغلاء في الأسعار مقارنة بباقي الدول، لا تُعتبر دولة إقامة دائمة للسوريين، وإنما دولة عبور وإقامة مؤقتة للوصول إلى مصر، للراغبين في الاستقرار بمصر، أو الوصول إلى أوروبا عبر شواطئها.

وشهد طريق "الموت" الصحراوي بين مصر والسودان، في عام 2017، عدة حوادث سلب وسرقة وانقلاب سيارات. وتوفي قرابة 10 أشخاص سوريين في رحلة عبورهم منه، بينهم سيدة من حمص زوجها معتقل منذ 4 سنوات، توفيت نتيجة ضربة شمس بالصحراء، ودفنت أمام طفلتيها، لتصلان بعدها إلى القاهرة بلا أم ولا أب، وبصدمة نفسية، وعدم تصديق، لتبقى هذه الحادثة ذكرى لن تفارق مخيلة هاتين الطفلتين.

أسئلة كثيرة ترد، ومغالطات عديدة تكتنف ملف السوريين القادمين عبر السودان لمصر، ولعل أبرزها، كيفية قوننة وضع الذين دخلوا إلى مصر، دون أن يتم القبض عليهم على الحدود. بالنسبة لهذه الفئة، تكون قوننة الوضع عبر مفوضية اللاجئين، ويكون باتباع الخطوات التالية: أولاً، التسجيل لدى المفوضية السامية للاجئين والحصول على البطاقة الصفراء وإبلاغ المفوضية أن الدخول إلى مصر تم بشكل غير شرعي. وبعد 20 يوماً، يجب على الشخص أن يقوم بمراجعة وزارة الخارجية بالقاهرة، "الباب الخلفي"، مصطحباً صورة عن البطاقة الصفراء من الجانبين، ويتم وضع رقم لهم على البطاقة الصفراء، علماً أن أيام التقديم بالخارجية من الأحد إلى الثلاثاء، من الساعة 9 صباحاً حتى 12ظهراً.

بعد شهر، يجب مراجعة مجمع التحرير، الشباك 55، ويجب اصطحاب صورة عن جواز السفر، وصورة عن البطاقة الصفراء، وصورة شخصية، وسوف يسأل الموظف المسؤول عن كيفية الدخول، فيبلغه صاحب العلاقة عن طريقة دخوله دون أية مخاطر، بعدها يجب تسيلم الاستمارة بعد ختمها للشباك 10 بالدور الأرضي.

بعد 20 يوماً، وعند وضع إقامة لجوء على البطاقة الصفراء مدتها 6 أشهر، يتم تسجيل دخول اعتباري على البطاقة الصفراء، ويدفع صاحب العلاقة رسوماً تبلغ (20) جنيهاً مصرياً، تجدد هذه الإقامة كل ستة أشهر بذات الطريقة من وزارة الخارجية إلى مجمع التحرير، ويستطيع رب الأسرة القيام بهذه الإجراءات نيابة عن زوجته وأولاده ممن هم تحت 18 سنة، ومكان الحصول عليها في القاهرة حصراً.

ويحق لحاملي هذه الإقامة تسجيل أبنائهم  في المدارس والجامعات المصرية، وتؤمن الحماية القانونية لهم، ويمكنهم إغلاق ملفاتهم بمفوضية اللاجئين بعد الحصول على إقامة اللجوء، وتغيير نوع إقامتهم إلى سياحية أو دراسية أو استثمارية، وكذلك يمكنهم بعد إغلاق الملف مغادرة مصر عبر المنافذ الجوية والبرية لمصر.

الجانب الأهم  يتعلق بمن يتم توقيفهم على الحدود المصرية أثناء محاولتهم اللجوء أو التسلل إلى مصر عبر السودان. فهؤلاء يتم معاملتهم وفق قواعد روتينية إجرائية شبه ثابتة، لا تحتاج محامٍ ولا سواه، حيث مدة توقيف تترواح بين 10 أيام و15 يوماً، يتم عرضهم على النيابة التي تقرر إخلاء سبيلهم، بعدها يتم إحالة أوراقهم الى الجهة الأمنية صاحبة الاختصاص والتي بدورها تقرر إخلاء سبيل العائلات منهم، وتسوية وضعهم القانوني عبر وضع ختم دخول وإقامة ثلاثة أشهر، ويسمح لهم بدخول الأراضي المصرية.

 أما الأفراد الذين يتم توقيفهم فيكون القرار بترغيبهم بالسفر إلى الدولة التي يرغبون السفر إليها، ولا يُجبر أحد إطلاقاً على السفر لسوريا، والدول المتاحة لهم هي الدول التي تستقبل السوريين دون فيزا، ولا يستطيعون العودة للسودان مباشرة كون السودان لا يستقبل المرحلين أمنياً، وكونهم غادروها بطريقة غير شرعية، وبالتالي يحتاجون لإذن دخول إلى السودان بمثابة فيزا تقريباً، ليُسمح لهم بالعودة للسودان.

وسابقاً، كان يُسمح بدخول هؤلاء الأفراد إلى مصر، ويُعاملون كالعائلات، ولكن وفق عدة مصادر مصرية فإن التخوفات الأمنية وراء منع دخول الأفراد الذين لا يكونون بصحبة عائلاتهم، خاصة بعد احتدام المعارك في الرقة ودير الزور ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وفرار عدد كبير من مقاتليه من  سوريا، إذ أن هناك خشية من أن يتسللوا بين هؤلاء اللاجئين، فكان القرار بعدم السماح بدخول الأفراد ممن يتم توقيفهم وزيادة التشديد والمراقبة بالمناطق الحدودية.

ويبقى على السلطات المصرية في ظل ما تقوم به من احتضان لمئات آلاف من السوريين، مسؤولية بإعادة العمل بقرار لم شمل الأسر السورية المقيمة في مصر، والذي توقف العمل به منذ قرابة ثلاثة أشهر، وتسهيل إجراءات منح فيزا قانونية للسوريين الراغبين بالقدوم إلى مصر للتخفيف من ظاهرة الدخول غير الشرعي لأراضيها مع النظر بالإفراج عن الأفراد الذين لهم أقارب في مصر بما لا يضر بأمن مصر ويخفف من معاناة أهلنا.

ترك تعليق

التعليق