حياكة الصوف تنتشل سيدة إدلبية وعائلتها من خط الفقر


بعد العمل لسنوات طويلة في مجال حياكة الصوف، حققت السيدة "منى"، من إحدى بلدات الريف الإدلبي شمالي سوريا، نجاحاً ملحوظاً في المهنة التي أحبتها وكانت من أهم مصادر حصولها على مدخول مادي جيد لها ولأسرتها.

لا تكف يدا "منى" بنت الثلاثين، عن تحريك سنارتين معدنيتين. الروب الصغير الذي طلبته إحدى السيدات لطفلتها شارف على الانتهاء. شكلت الألوان الزاهية التي تستخدمها الحائكة معنى مغايراً للحياة في إدلب، التي يصفونها بالسواد جراء الحرب الدائرة.

"بإمكاني حياكة كل ما يطلبه الزبون"، قالت "منى" لـ "اقتصاد"، بينما وضعت الفستان الطفولي الملون على طاولة مجاورة.

تعود بالذاكرة إلى بداية اشتغالها بمهنة الحياكة. تعلمت نسج الصوف بالسنارة مذ كانت في العاشرة من عمرها، وربما لم تكن تتخيل يوماً ما أن هذه الهواية التي شغفت بها من تلك الفترة، ستشكل قصة نجاح كبير في منطقتها.

لا تتوقف منى عن العمل. في الصيف تكون في ضغط مستمر لتلحق طلبات الشتاء. لكن وحتى في ليالي الشتاء الباردة كانت تجلس بالقرب من مدفأة الحطب تخيط مختلف الأرواب والتنانير كما كانت تفعل الجدات في القرون الماضية.

"الجميع هنا يطلب إليها تفصيل ملابس شتوية"، تتحدث "منال" إحدى زبونات "منى". تضيف الزبونة لـ "اقتصاد": "عادة ما يطلب الزبائن تفصيل ألبسة شتوية لأطفالهم، لكن في الفترات الأخيرة حتى السيدات الكبار بتن يرغبن بشراء ملابس مصنوعة من الصوف ذات ألوان زاهية كالتي تنسجها منى".

تشير الزبونة إلى سر نجاح منى في عملها على الرغم من توفر كافة الملابس في أسواق إدلب وبمختلف المقاسات، "إنها تضفي على الثوب الذي تنسجه عبقاً من الماضي، ألوان خلابة، وصنعة محكمة، وموديلات جميلة جداً. إنها حقاً في غاية الروعة".

وبحسب الزبونة تتوافد سيدات المنطقة والمناطق المجاورة على بيت منى يومياً لتفصيل ثياب لأطفالهن حيث تتكفل الحائكة بجميع لوازم الحياكة من صوف وما شابه مقابل مبلغ محدد بالاتفاق مع الزبونة. وغالباً ما تتراوح الأجرة بين 5 إلى 8 آلاف ليرة سورية.

على مدار عقد من الزمن تمكنت منى خلال صنعتها من توفير الكثير من المال. عملت لمساعدة زوجها وأطفالها خلال الحرب بعد توقف معظم مهن وأعمال المنطقة وندرة فرص العمل.

واليوم تقول منى إنها ستورث مهنتها لابنتيها الاثنتين مثلما تعلمتها من أمها التي لا تمل من الدعاء لها بالرحمة والمغفرة.

ترك تعليق

التعليق