في مخيم الزعتري الأردني، التوق للعمل لدى اللاجئين السوريين


يتنقل محمد أحمد بين ممثلي الشركات الخمسين الذين حضروا الى مخيم الزعتري للاجئين السوريين في شمال الاردن الاربعاء ليسجل اسمه لدى أكبر عدد ممكن منهم، أملا في إيجاد فرصة عمل تنقذه وأطفاله الاربعة من الوضع المزري الذي يعيشونه منذ فرارهم من الحرب قبل نحو خمسة اعوام.

في باحة مركز تشغيل اللاجئين الذي افتتح في مخيم الزعتري في 22 آب/اغسطس بالتعاون بين الحكومة الاردنية ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين وبتمويل من الاتحاد الاوروبي، جلس كل من ممثلي الشركات وراء طاولة علق وراءها اسم الشركة، بينما كان اللاجئون يتدفقون لملء استمارات باسمائهم وأعمارهم ومؤهلاتهم.

ويقول أحمد (34 عاما)، وهو مزارع من محافظة درعا في جنوب سوريا، قوي البنية، مفتول العضلات، ويرتدي قميصا احمر وسروالا أسود، لوكالة فرانس برس "أعيش في هذا المخيم منذ خمسة أعوام وأمضي معظم وقتي بالجلوس والنوم. أوضاعنا صعبة جدا، ونأمل ان تتغير حياتنا وان نجد فرصة عمل مناسبة تنقذنا من هذه الحال".

ويضيف "نحن بلا مال، وكل ما نستلمه من مساعدات عبارة عن +فيزا كارت+ توزع علينا وتحوي عشرين دينارا شهريا لكل شخص (30 دولارا) يمكننا من خلالها شراء مواد غذائية من سوقين كبيرين داخل المخيم حصرا".

ويتابع "اريد أن أحصل على بعض المال كي أشتري السجائر لي وبعض الملابس الجديدة والحلويات لاطفالي. صدقوني نحن بأمس الحاجة الى المال".


ويوفر المكتب الذي يديره نحو 40 شخصا خدمات التوظيف ويساعد في تسهيل إصدار تصاريح العمل لسكان المخيم للعمل خارج المخيم. ويقول انه ساعد حتى الان في إيجاد فرص عمل لأكثر من ثلاثة آلاف لاجىء.

ويوضح سفير الاتحاد الاوروبي في الاردن أندريا ماتيو فونتانا الذي زار المخيم اليوم ان الهدف من البرنامج "توفير 200 الف فرصة عمل للسوريين" في عموم محافظات المملكة ال12.

وبهدف دعم عمل المركز، حضر ممثلو نحو 50 شركة اردنية زراعية وصناعية وحيوانية وغذائية الى المخيم يعرضون أكثر من ألف وظيفة برواتب تصل الى نحو 210 دينار (حوالى 300 دولار).

وتقول شيخة فضل الله (54 عاما) التي ارتدت نقابا "أنا اعمل بالخياطة، وجئت على أمل ايجاد فرصة عمل كي أحصل على المال من أجل إصلاح أسناني المهترئة".

وتضيف "الكل هنا متشوق للعمل وبحاجة ماسة الى المال".

ويقول يوسف الخوالدة، ممثل شركة زراعية، لوكالة فرانس برس ان "اقامة هذا المعرض يعد فرصة للاجئين لايجاد فرصة عمل مناسبة، وهو كذلك فرصة لرب العمل لايجاد الايدي العاملة المناسبة".

ويوضح أنه يبحث عن 16 عاملا في البيطرة والصحة الحيوانية لشركته القريبة من المخيم، معبرا عن سروره بوجود العديد من المتقدمين.

وتؤوي المملكة نحو 680 الف لاجئ سوري فروا من الحرب في بلدهم منذ آذار/مارس 2011 ومسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، يضاف اليهم بحسب الحكومة، نحو 700 الف سوري دخلوا الاردن قبل اندلاع النزاع.

ويضم مخيم الزعتري الواقع قرب الحدود السورية نحو 80 الف لاجىء.

ويقول نائب ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن أغستينو مولاس إن للمعرض "فائدة موازية هي دعم الاقتصاد المحلي".

- "أعمل في أي شيء" -

وتتكدس على الطاولات الاوراق التي ملئت بالاسماء وأرقام الهواتف.

وحضر محمود الجلاد بحثا عن 30 عاملا لشركته المتخصصة في صناعة الحلويات والواقعة في محافظة إربد المجاورة. ويقول "آمل أن يجد كل هؤلاء فرصهم في العمل لانه من المؤسف ان تجد كل هذه الطاقات تجلس هنا بلا عمل".

ورغم الحماس والازدحام، يعبر البعض عن خيبة أمل من المعرض.

ويقول إحسان المصري (46 عاما)، وهو أب لسبعة أطفال، ويتحدر من درعا أيضا، "لم أجد أي وظيفة، لم يدونوا اسمي بعد. تكلمت مع ممثلي ثلاث شركات وقالوا لي انت كبير السن ولا تنفعنا. نحن بحاجة الى شبان".

ويضيف المصري الذي كان يعمل سائقا بين سوريا والسعودية قبل اندلاع النزاع في بلاده "قلت لهم أنا على استعداد لأعمل أي شيء: حارس أو حتى زبال، أي شيء ولكن دون جدوى".

ثم يتابع بحسرة، إنه يشعر "بآلام في الظهر" من كثرة الجلوس بالمخيم.

خيبة الامل كانت ايضا من نصيب محمد صالح (76 عاما) الذي يعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري. ويستذكر بحزن الايام السعيدة في سوريا، قائلا "كانت أوضاعي المادية جيدة في سوريا وكنت أدير متجرا وعندي ثلاثة عمال. وها انا أبحث عن أي عمل حتى ولو في مجال التنظيف".

ثم يخرج من جيبه قطعة مدنية "صدقوني، لم يتبق في جيبي غير هذا الدينار".

وبينما تزدحم الباحة التي رفع شادر فوقها للوقاية من أشعة الشمس برجال من كل الاعمار ونساء وأطفال، يشكو صاحب اللحية الخفيفة البيضاء الذي ارتدى دشداشة سوداء ولف رأسه بكوفية حمراء من إنه لم يحصل على عمل. ويقول "قالوا لي انت كبير جدا... هل الكبير بالسن لا يحتاج الى الطعام والشراب والدواء؟".

ترك تعليق

التعليق