في الغوطة: مركز بحثي يدق ناقوس الخطر.. والذرة المسلوقة وجبة غذاء رئيسية


ضمن مشهدٍ تمثيلي تقوم "أم عمر" بتمثيل وجبة الإفطار على أطفالها والتحايل عليهم، وذلك من خلال شراء ما تيسر لها من "عرانيس" الذرة المسلوقة وتقديمها لهم كوجبة بين الفطور والغداء لتحاول سد رمقهم ريثما ينتهي بها الحال إلى وضعٍ أفضل.

تقول "أم عمر": "وجبة الفطور تكلفني بالحد الأدنى 3000 ليرة سورية، هذه الوجبة ليست كما يخطر على بال الكثيرين أنها تحتوي على مواد غذائية متنوعة، بل تقتصر فقط على ربطة خبر بسعر 1100 ليرة سورية، بالإضافة إلى نصف كيلو لبن مصفى بسعر 1300 ليرة سورية والقليل من حبات الزيتون دون توفر الشاي".

 وتضيف: "بعد أن ضاقت بنا الأحوال أصبحت أعتمد على شراء بعض عرانيس الذرة المسلوقة وتقديمها لأطفالي بسعر لا يتجاوز ألف ليرة سورية كوجبة رئيسية خلال اليوم".

وفي ظل استمرار تدهور الوضع الإقتصادي نتيجة الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية ضمن أسواق الغوطة، يزاداد الوضع المادي سوءاً وتراجعاً بنسبة كبيرة وصلت إلى حد الإنفجار في بعض الأحيان.

فكل أعراف الأرض وسياسات الدول والمبادئ الإنسانية وغيرها من القيم الأخلاقية، تؤكد أن ربطة الخبز هي خط أحمر بالنسبة للسكان ويجب أن لا يتجاوز سعرها ما لا يطيقه مستهلكها، وذلك بحسب السيد "كمال"، أحد سكان مدينة دوما، الذي يضيف: "بعد أن ارتفع سعر الربطة الواحدة ليصل إلى أكثر من 1200 ليرة سورية، ماذا ينتظرنا بعد كل هذا الألم على مدى سبع سنوات؟؟".

تجولت عدسة "اقتصاد" داخل أسواق الغوطة واطلعت على لوائح ساعية (يتم تحديثها خلال أقل من ساعتين) لأسعار بعض المواد المتوفرة، وبحساب بسيط بالورقة والقلم فإن مصروف العائلة الواحدة المكونة من خمسة أشخاص يفوق 400 دولار أمريكي شهرياً بمصروف يومي يتجاوز 7000 ليرة سورية. (فسعر ربطة الخبز 1100 ليرة سورية، ومكونات بسيطة لوجبة الغداء تتجاوز 3000 ليرة سورية، بالإضافة إلى تكلفة كهرباء أسبوعية بمتوسط قد يصل إلى 3000 ليرة سورية)، وبذلك فالعائلة الواحدة تحتاج إلى 50000 ليرة سورية أسبوعياً، ومنه فإن التكلفة الشهرية للعيش بأدنى المتطلبات الخاصة بالأسر المحاصرة قد يتجاوز 200 ألف ليرة سورية .

هذه الحسابات البسيطة تترافق مع ارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 90% بمتوسط خط فقر يبلغ 400 دولار شهرياً، وذلك بحسب مركز "مسار للدراسات والأبحاث في الغوطة الشرقية" الذي قام بإصدار تقرير خاص حصل "اقتصاد" على نسخة منه، يحث منظمات العمل المدني على مضاعفة جهودها بسبب ظهور نسب مرعبة من معدلات الفقر وانتشار البطالة.

فقد أشار التقرير إلى أن عدد سكان الغوطة الشرقية وصل إلى 360 ألف نسمة، بينما نسبة البطالة في أسواق العمل تفوق 70%، في الوقت الذي تعتبر النسبة الطبيعية للبطالة في الدول 3%، هذه النسبة المرتفعة تعود إلى تعطل جميع أسباب الحياة الإقتصادية وذلك بسبب الحصار الذي أدى إلى شلل النشاط التجاري باستثناء النشاط الزراعي الذي يمارسه قرابة 20% فقط من القوة العاملة داخل الغوطة مترافقاً مع صعوبات كبيرة بفعل ارتفاع أسعار الوقود.

ولفت التقرير إلى أن هذه الأوضاع الإقتصادية التي وصلت إليها الغوطة اليوم لا يعالجها إدخال البضائع من المعبر المستمر بالإغلاق لمدة تزيد عن 70 يوماً، لأن الإدخال وإن كان يؤدي إلى تخفيض ضئيل في الأسعار فإنه لا يسهم في تخفيض نسبة البطالة المرتفعة جداً، ما يعني أن هذه البقعة الجغرافية التي تعتبر اليوم من أعلى المناطق في العالم من حيث تكلفة المعيشة تحتاج إلى تحريك هذا الملف الإنساني في المحافل الدولية في سبيل إيقاف الجريمة التي تخالف الأعراف والقوانين الدولية وتسبب الموت البطيء لقرابة 360 ألف نسمة يعيشون في سجن كبير.

من جانب آخر أطلقت "إدارة تنسيق العمل الإغاثي في الغوطة الشرقية" يوم أمس الثلاثاء 3 تشرين الأول/أكتوبر، نداء استغاثة عاجل أوصت بموجبه المؤسسات الإغاثية ومنظمات العمل المدني العاملة داخل الغوطة بتكثيف الجهود وتنفيذ مشاريع طارئة تعيين العوائل على تأمين مادة الخبز بشكل خاص وبالسرعة الممكنة وذلك بعد الإرتفاع الفاحش في ثمنها.

وإليكم أسعار المواد الغذائية في أسواق الغوطة بتاريخ 4 تشرين الأول/ أكتوبر:

طحين: 2000 ليرة سورية.
ربطة الخبز: 1100 ليرة سورية.
زيت القلي: 7000 ليرة سورية (إن وجد).
الرز: 2100 ليرة سورية.
السكر: 4500 ليرة سورية (إن وجد).
ملح: 3500 ليرة سورية (إن وجد).
شعيرية: 3000 ليرة سورية.
زيت زيتون: لا يوجد.
سمنة: لا يوجد.
بيض: لا يوجد.



ترك تعليق

التعليق