التحطيب في درعا بدأ.. والمازوت قد يخرج من قائمة أصحاب الدخل الجيد



بدأت في قرى محافظة درعا المحررة، عمليات التحطيب وتأمين الوقود لفصل الشتاء مبكراً، على غير العادة هذا العام، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعار المحروقات، وثبات سعر ليتر المازوت عند حدود الـ 450 ليرة سورية، منذ عدة أشهر.

وأشار الناشط أبو معتز الحوراني إلى أن "عمليات التحطيب بدأت تشاهد في مناطق درعا المحررة منذ بداية شهر أيلول الماضي، وعلى نطاق  ملحوظ في المزارع والحقول، وتستهدف بالدرجة الأولى أشجار الزيتون اليابسة والمعمرة، وبعض ما تبقى من الأشجار الحراجية".

وقال: "إن سرت في بعض شوارع قرى المحافظة، تشاهد أكواماً من الحطب تُعرض في المزارع وعلى جوانب الطرقات، كما تشاهد أيضاً مجموعات صغيرة من الشباب، تقوم بتقطيع الأخشاب إلى قطع صغيرة بواسطة مناشير آلية، وترتبها بعناية تحضيراً لبيعها"، موضحاً أن العمل في تقطيع الخشب بواسطة المناشير، أو أدوات التقطيع الحادة الأخرى، بات يشكل مصدر دخل موسمي لبعض الشباب، حيث تصل أجرة العامل إلى أكثر من 2500 ليرة سورية يومياً. 

ولفت إلى أن السكان بدؤوا مبكراً هذا العام بشراء مادة الحطب للوقود، وذلك خشية ارتفاع أسعارها لاحقاً، إضافة إلى أن التحطيب مبكراً من شأنه أن يعطي الأخشاب فرصة كافية للتخلص من الرطوبة والمياه لتسهيل عمليات الاحتراق، مشيراً إلى أن تجارب السكان بهذا الخصوص، علمتهم أن الدخان الكثيف الناتج عن الاحتراق، والذي كان ينغص عليهم حياتهم في السنوات الماضية، كان سببه الرطوبة العالية في الحطب.

من جهته، أكد عمار عبد  الناصر، وهو تاجر حطب، أن أسعار الحطب تشهد هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً في بداية موسم الشراء، مقارنة مع العام الماضي، موضحاً أن سعر الطن من حطب الكينا يتجاوز الـ 45 ألف ليرة سورية، والإقبال عليه ضعيف بسبب سرعة احتراقه، فيما وصل سعر الطن من حطب الزيتون إلى 60 ألف ليرة سورية هذا العام بزيادة تتجاوز الـ 15 ألف ليرة سورية عن العام  الماضي.

ولفت إلى أن أسعار الحطب في درعا تتفاوت من منطقة إلى أخرى وتخضع لمبدأ العرض والطلب، مشيراً إلى أن سعر الطن من الحطب في المناطق الفقيرة بعدد الأشجار عادة ما يكون أعلى قليلاً.

وأضاف أن "سعر الطن من حطب (الملول)، المعروف بحرارته العالية وندرته، يتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية، بسبب الجهد الكبير الذي يتطلبه الحصول عليه، كونه ينمو في أماكن خطرة، كسفوح الأودية والمنحدرات".

وأشار إلى أن "الحصول على الحطب أصبح من الصعوبة بمكان، بعد أن لجأ أصحاب الأراضي والمزارع إلى تقطيع وتحطيب مزارعهم  خلال السنوات السابقة، ما تسبب بتناقص الأشجار الحراجية والأشجار المثمرة عاماً بعد عام، تزامناً مع استمرار الحرب في سوريا".

وأكد أن مادة التدفئة الرئيسية هذا العام ستكون الحطب لغالبية السكان، بمن فيهم أصحاب الدخل الجيد، كالتجار والمهنيين، إن بقيت أسعار المازوت مرتفعة في المناطق المحررة كما هي عليه الآن، مشيراً إلى أن سعر برميل المازوت الآن يصل إلى نحو 90 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي أكثر من شهر، فيما يستطيع المواطن بهذا المبلغ شراء طن ونصف من الحطب، ما يكفيه لنحو شهرين على الأقل.

أبو جاسر، 59 عاماً، وهو مزارع، أكد أنه بدأ منذ عامين بتحطيب أشجار الزيتون في حقله، بعد أن أصابها المرض واليباس، نتيجة قلة الاهتمام، وعدم توفر مصادر مياه لريها.

وبيّن  أن مزرعته كانت تحوي نحو 300 شجرة أعمارها أكثر من عشر سنوات، إلا أنها الآن لا تتجاوز المئة شجرة، بسب عمليات التحطيب التي يقوم بها سنوياً.

وأضاف أبو جاسر أنه لجأ إلى تحطيب بعض الأشجار في مزرعته، بهدف تأمين الحطب للطهي والتدفئة، بعد أن ساءت ظروفه المادية وتراجع إنتاج الأراضي الزراعية، مبيناً أنه باع كميات كبيرة من حطب الزيتون خلال العامين الماضيين، لتأمين احتياجات أسرته المادية.

فيما أكد عثمان العبدالله، 48 عاماً، وهو عسكري منشق، أن تأمين الحطب لموسم الشتاء من أكبر التحديات التي تواجهه، بعد أن فقد مصدر دخله الوحيد، لافتاً إلى أنه يقوم مع أفراد أسرته يومياً بالذهاب إلى مسيلات الأودية والأنهار لجمع بعض الشجيرات الصغيرة وتقطيعها وتجفيفها لاستخدامها في فصل الشتاء.

وقال: "ليس لدي أموال لشراء الحطب أو المازوت، وأنا أعتمد بالتدفئة على كل شيء قابل للاشتعال، فأجمع عبوات البلاستيك والكرتون والورق والألبسة البالية، وأخزنها لفصل الشتاء لاستخدامها في التدفئة والطهي".

ولفت إلى أنه كان يقص بعض الأشجار من المناطق الحراجية في منطقته، لكنه لم يعد قادراً على ذلك بعد أن منعت الجهات الثورية المسيطرة على منطقته، الاقتراب من الحراج، وذلك لإفساح المجال أمام الشجيرات الصغيرة للنمو مجدداً، بعد أن كان قد تم تحطيبها في السنوات السابقة.

ترك تعليق

التعليق