حمص.. باعت بيتها دون أن تعلم


تطورت ظاهرة سرقة المنازل خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ جداً، ولا نقصد هنا المصطلح الذي انتشر منذ السنة الأولى للأحداث في سوريا، "التعفيش"، والذي يعني سرقة محتويات المنزل وأدواته وجعله خاوياً بالكامل، وإنما تطورت ظاهرة السرقة لتصل إلى حد سرقة المنزل بالكامل، "العقار"، وتحويله عبر عقود ووثائق مزورة، من اسم صاحبه إلى اسم آخر. وجنت العصابات التي تقوم بفعل تلك الحيل، ملايين الليرات من خلال ذلك.

والمتضرر الوحيد من عمليات التزوير والسرقة تلك، المواطنون الذين تركوا منازلهم وأملاكهم مجبرين لأسباب كثيرة. وتوسعت ظاهرة تَملك المنازل الفارغة خلال الفترة الأخيرة وبشكل خاص جداً في مناطق سيطرة نظام الأسد بحمص، حيث تقوم عصابات متعددة ومنها من ثبت ارتباطه ببعض المتنفذين في ميليشيا الدفاع الوطني، والذي ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بتسهيل تلك العمليات أو التغاضي عنها، مقابل مبالغ مالية طائلة يتحصل عليها.

عملية الاستيلاء على تلك الممتلكات تبدأ باقتحام المنازل الفارغة والاستيلاء عليها والجلوس فيها لفترة معينة، ريثما يتم تجهيز الأوراق المزورة والتي تثبت ملكيتهم لها، ويتم ذلك بالتنسيق مع أشخاص في الشؤون العقارية وبعض الدوائر الحكومية، ليتم نقل الملكية، مستغلين غياب أصحاب المنزل.

 وتشير بعض الإحصائيات التي تم الحصول عليها إلى أن أكثر من /25/ ألف منزل تم نقل ملكيتهم وبيعهم، دون علم أصحابهم بذلك.

بهذا الصدد، يقول المحامي "أحمد" لـ "اقتصاد": "أكثر الدعاوى الآن في المحاكم هي لأشخاص مدعين بأن منازلهم بيعت بشكل غير قانوني عن طريق التزوير والتلاعب بعقود المنازل".

يضيف الأستاذ أحمد: "عملية التزوير تتم عبر استخراج قيد مزور من سجلات الأحوال المدنية بعدها يقوم المزور بطلب الحصول على هوية مدنية بدل ضائع ليحصل بعدها على إخراج قيد باسم صاحب العقار الأصلي، ثم تتم المرحلة الأخيرة وهي بيع المنزل".

تقول "أم علاء"، وهي مقيمة في مدينة عمان، بأن أحد أقربائها اتصل بها ليبارك لها ببيع منزلها، لأن ذلك أفضل من أن يبقى مجمداً ولتستفيد من ثمنه. وقد أحدث بيع منزل "أم علاء" بسعر مرتفع جداً، ضجة في المنطقة التي يقع فيها المنزل، لتُفاجئ "أم علاء" من الموقف وتقول لقريبها بأنها لم تقم ببيع شيء، وليس لها علم بذلك، وأن العقار باسمها، وهي لم تقم بتوكيل أحد لبيعه.

تضيف أم علاء: "لما اتصل أخي انصدمت. وكنت رح موت من قهري. نحنا قاعدين هون بالآجار وتركنا بيوتنا على أمل نرجعلن. خسرنا اغراضنا اللي بالبيت ورضينا بالسقف والحيطان حتى هدول اخدون".

وتتعدد طرق وأساليب السيطرة على ممتلكات المواطنين، ويزداد تفنن الجناة في ابتكار طرق تزيد معاناة وأوجاع من خرج من وطنه مجبراً، وتساعد بعض الشخصيات المحسوبة على حكومة الأسد الجناة، وتسهل لهم جميع الطرق، ولسان حالهم يقول: "الوطن لمن يسرقه وليس لمن يحمل جنسيته".

ترك تعليق

التعليق