"البوليل".. سكانها عالقون بعد تدمير المعابر النهرية


قفزت بلدة البوليل، الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الفرات، إلى واجهة الأحداث خلال الأيام الأخيرة، بعد تكثيف الطيران الروسي وطيران التحالف القصف عليها رغم أن 90% من أهلها هجروها إلى مناطق أخرى، ولم يبق فيها سوى الفقراء ممن لا يملكون أجرة التنقل والخروج من القرية، ففضلوا الموت في منازلهم.

 وأفاد ناشطون أن حوالي الـ 4000 مدني من أهالي البلدة التي تبعد 15 كم عن مطار دير الزور العسكري لا زالوا عالقين لا يستطيعون مغادرتها بسبب كثافة الغارات الجوية.

 وأشارت "وكالة الشرق السوري" في تقرير مصور لها إلى أن الطيران الروسي نفذ أكثر من 200 غارة خلال الأيام الثلاثة الماضية، ملقياً فيها مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً بما فيها الأسلحة العنقودية فوق رؤوس من تبقى من المدنيين في البلدة، وذلك عقب ارتكاب الطيران الروسي لمجزرة مروّعة ذهب ضحيتها أكثر من 30 مدنياً إثر استهداف المعبر النهري الواصل بين بلدة البوليل وقرية الصبحة.


وتبعد "البوليل" عن مركز محافظة دير الزور حوالي 25 كيلو متراً، وبلغ عدد سكانها حسب آخر إحصائية رسمية عام 2009/ 22 ألف نسمة، بينما قدّر المجلس المحلي للبوليل عددهم أواخر العام 2013 بـ 26 ألف نسمة.

 ولفت ناشط من شبكة "بوليل نيوز"، فضّل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ"اقتصاد"، إلى أن البوليل انخرطت في الثورة السلمية منذ بدايتها وكان لها تنسيقية شاركت في جميع مظاهرات دير الزور ومنها جمعة "أحرار العشائر-  المجلس العسكري" تحت اسم لوائين جميعهم من أبناء البلدة. وأكد المصدر أن 189 عسكرياً من أهالي البوليل قضوا منذ بداية الثورة وإلى الآن أغلبهم على جبهة مطار دير الزور العسكري، كما قضى أكثر من 150 مدنياً نتيجة القصف الهمجي للبلدة منذ بداية الثورة.


مع بداية حزيران من عام 2012 ومحاولة اقتحام دير الزور من قبل قوات النظام استقبلت بلدة بوليل حوالي 4000 مدني كما استقبلت أبناء خط الجزيرة في الجهة المقابلة من قرى "خشام" و"العكيدات" و"الدحلة" و"الصبحة"، أثناء حرب المقاومة السورية مع تنظيم الدولة 2014. وكانت موجة النزوح الأعنف التي شهدتها المنطقة آنذاك.

 ولفت محدثنا إلى أن البلدة "كانت منذ بداية الثورة حاضنة شعبية للمدنيين والعسكريين كما كانت أول نقطة طبية تستقبل جرحى المقاومة السورية آنذاك، وذلك قبل تحرير مدينة الميادين وقبل إنشاء (مشفى مو حسن الميداني)".

وتعرضت البوليل ولا زالت لحملة همجية بدأت في الثامن من شهر أيلول /سبتمبر –كما يقول محدثنا- مشيراً إلى أن الطيران الروسي استهدف المعابر المائية في البوليل وراح ضحية الإستهداف 34 مدنياً، وتُعد المعابر النهرية الشريان الحيوي ليس لبلدة البوليل فحسب بل لجميع القرى والبلدات.


 وأشار محدثنا إلى أن أهالي البوليل لجأوا بعد قصف طيران التحالف الدولي للجسور النظامية إلى إنشاء وشراء عبارات بدائية لكي يتمكنوا من العبور إلى الجهة الأخرى لنهر الفرات والعكس صحيح بالنسبة للأهالي في الضفة الأخرى، وتعد هذه المعابر -كما يقول- المنفذ الوحيد لهروب الناس باتجاه مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المتواجدة في ريف الرقة والحسكة، علاوة على كونها معابر مدنية لدخول السيارات التي تقلهم.

 ويوجد في البلدة 3 معابر جميعها على شاطئ البوليل بالنسبة للنهر، والمعبر عبارة عن سفينة كبيرة تحمل 4 سيارات ولها محرك بدائي.


ودفعت وطأة الحرب وشدة القصف بأهالي البوليل للنزوح بشكل جماعي بإتجاه قرى الريف الشرقي وأكثريتهم-بحسب محدثنا-يتواجدون حالياً في قرى الشعيطات والبوكمال والصبحة وخط الخابور، وقسم منهم هرب من مناطق تنظيم الدولة باتجاه مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ويتواجد الكثير منهم الآن في مخيمات الشتات التي تفتقر لأبسط شروط الحياة الإنسانية ومنها "عين عيسى" و"المبروكة" و"السد"، بينما افترشت عشرات العائلات الشوارع والحدائق العامة في مناطق الشمال السوري في إعزاز بحلب وإدلب، ولم يبق من الأهالي سوى 4000 شخص يجاهدون بالبقاء تحت ظروف القصف والدمار والجوع والحصار، ولا يستطيعون الخروج من حدة القصف أو النوم داخل منازلهم، خوفاً من القصف، مؤثرين البقاء في الأراضي الزراعية وقسم منهم نزح داخل البوليل إلى مناطق متطرفة من البلدة أقل حدة في القصف.


ترك تعليق

التعليق