ميليشيات أسدية تُدمّر غابات نواحي كنسبا وسلمى وربيعة من ريف اللاذقية


بدأت الأشجار بالاختفاء من المناطق التي احتلها نظام الأسد في ريف اللاذقية. عناصر مسلحة تقطع الأشجار لتبيعها لحسابها مع تجاهل المسؤولين وتواطؤ الأمن، وعجز موظفي الحراج عن فعل أي شيء.

غابة الخير
 
تتميز الغابات الحراجية الصنوبرية بالكثافة والنمو السريع في ناحية ربيعة، لارتفاع درجة الحرارة وقربها من البحر، وارتفاع نسبة الرطوبة. بينما تنمو غابات السنديان والصنوبر والشوح والبلوط في ناحيتي كنسبا وسلمى.

كانت الغابة تشكل المورد الرئيسي لسكان المنطقة لما ينمو بها من نباتات تصلح للزينة ونباتات عطرية وطبية.

كان السكان يجنون من الغابة عشرات الأصناف النباتية التي يبيعونها للتجار، كورق الغار وزهر شجيرة الشنبوط والسعتر البري ونبات اللوف وأوراق شجر الزعرور وزهر شجرة القطلب.. إلخ.. وكانت تشكل مورداً مالياً جيداً لهم.

وفي أثناء الثورة وبعد انقطاع كافة مجالات العمل والانقطاع عن المدينة، وتوقف عجلة الحياة الاقتصادية في المنطقة، كانت الغابة هي الكنز الذي وفر المورد المالي لغالبية أهالي المنطقة بما تجود عليهم.


تدمير ممنهج

في البداية عمد نظام الأسد إلى حرق الغابات قصداً بقصفها بالقذائف الحارقة لإشعالها، بقصد إجبار السكان على النزوح بعد القضاء على مورد عيشهم، وكذلك لجعلها مناطق مكشوفة أمام طائرات الاستطلاع ومنع الثوار من الاختفاء فيها، مما قضى على مساحات واسعة منها.

ومع بداية عام 2016 تمكنت الميليشيات الأسدية من التقدم واحتلال ناحية سلمى بكاملها والقسم الأكبر من ناحيتي كنسبا وربيعة.

وهنا بدأت الجريمة الكبرى بحق الطبيعة، عندما بدأت قوات الأسد بقطع أشجار الغابات بدون تمييز أو رادع بهدف التجارة بالأخشاب، من خلال بيعها في الأسواق، سواء لاستخدامها الصناعي أو للتدفئة، حيث كانت ومازالت الحاجة كبيرة لخشب التدفئة والطهي في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد مع الانقطاع الدائم للكهرباء، وارتفاع أسعار الغاز والمحروقات الأخرى.


قطع الغابة أمام بصر الأمن والزراعة

تمكن الناشط "محمد الساحلي" من الالتقاء مع أحد قادة ميليشيا الدفاع الوطني، يعمل مع زملائه بتجارة الأخشاب التي يقطعونها من جبلي الأكراد والتركمان، ويبيعونها في اللاذقية، ويرسلون قسماً منها إلى دمشق أمام بصر وسمع كافة الجهات الأمنية، ودون الاهتمام بأمر الضابطة الحراجية أو سكان المنطقة من النازحين إلى مدينة اللاذقية، والذين تمنعهم الجهات الأمنية من العودة إلى قراهم.

وعلم منه أنهم يقطعون الأخشاب بدون تمييز، وأن المنطقة في جبلي الأكراد والتركمان قد أصبحت عارية، وأنهم لا يهتمون لهذا الأمر فهم يعتبرونها مناطق معادية، ولن يبقوا فيها إلى الأبد، وهم يستفيدون من أخشابها لحسابهم الخاص.

وسأله "الساحلي" عن موقف وزارة الزراعة، وهل توافقهم على ما يقومون به؟، فأجابه: "نحن لا نهتم لوزارة الزراعة، ومنذ حوالي أسبوع أخطأت الضابطة الحراجية وأرسلت سيارة مع دورية إلى ناحية ربيعة، فقمنا بربطهم وتجريدهم واحتجزناهم عندنا ليومين".

وأضاف: "هذه المنطقة لنا ولن نسمح لأحد بأن يقاسمنا خيراتها أو يمنعنا منها ما دمنا فيها، ولا يحق لوزارة الزراعة أن تدخل منطقة عسكرية ولا لمن كانوا سكاناً لها قبل 2011".
 

تجاهل من قبل أجهزة السلطة

هذا ومن ناحية أخرى، أشار بعض الناشطين على الصفحات الموالية لما يحدث من تدمير للغابة، ولكن لم يجد ما نشروه صدى لدى أحد من مسؤولي نظام الأسد.

كتب أدمن صفحة "شارك معنا بمكافحة الفساد والمفسدين": "منذ عدة أيام، تقوم عناصر مسلحة ترتدي البزات العسكرية ومعها سيارات شاحنة عسكرية بقطع آلاف أشجار السنديان والعزر والبلوط التي يبلغ عمرها مئات السنين من ناحية ربيعة وماحولها، ليعمدوا بعد ذلك إلى بيعها كأحطاب، والتجارة بها لمصالح شخصية وفردية، دون أن تأبه هذه الجهات إلى خطورة قطع هذه الأشجار وبكميات هائلة، وتأثير ذلك على المستويات كافة".



ترك تعليق

التعليق