مدارس دمشق الخاصة.. بوابة التمييز الطبقي


بقيت العاصمة دمشق أقل المناطق تضرراً جراء الحرب الدائرة في سوريا منذ سبعة أعوام, الأمر الذي جعل منها قُبلةً للاستثمار التجاري المحلي بكافة أشكاله.
       
التعليم الخاص إحدى المشاريع التجارية الرابحة التي لم يستثنها التجار من قاموسهم الهادف لسلب المال من جيوب السوريين بأية سُبل مُمكنة.

182 مدرسة خاصة ما زالت تعمل في العاصمة دمشق من أصل 214 مدرسة خاصة مُرخصة قبل عام 2011، منها سبعة مدارس تم إغلاقها لتجاوزها القوانين المرعية بحسب وزارة التربية في "حكومة الأسد".

المُعلمة (ن . ز) موظفة في إعدادية خاصة وسط دمشق، أكّدت لـ "اقتصاد" انعدام الطبقة الاجتماعية المتوسطة في العاصمة.

يتراءى لها ذلك عبر التكاليف التي يتكبدها أهالي الطلاب المُسجلون في المدرسة، حيث أنّ مبلغ 1000 دولار تكلفة موسم دراسي ليس بالأمر السهل أن يدفعه غالبية سكان العاصمة.

مُضيفةً أنّ أكثرية الناس الذين كانوا يُسجّلون أبنائهم في المدارس الخاصة باتوا من الطبقة الفقيرة، فاستثنوا التعليم الخاص من حياتهم وتوجهوا إلى المدارس العامّة بُغية توفير تكلفة المدارس الخاصة وتوظيفها في تأمين مقومات الحياة الأساسية.

وينقسم القسط المدرسي بحسب المدارس الخاصة في دمشق إلى أجور الكادر التدريسي، وتكاليف القرطاسية والكتب، وتغطية الأنشطة الاجتماعية وبرامج التوعية الهادفة وخدمات الصحة المدرسية، وأجور النقل من وإلى المدرسة.

 وبحسب المعلمة (ن . ز)، فإنّ كافة الأنشطة المدرسية الاجتماعية تتم داخل المدرسة، فلا رحلات ترفيهية ولا أنشطة توجيهية ولا خدمات صحيّة، كما كان الأمر عليه قبل عام 2011، والذريعة دائماً سوء الأوضاع الأمنية.

ظروف الحرب استثنت المراسيم والقوانين، فالمرسوم التشريعي رقم 55 لعام 2004 الخاص بالمؤسسات التعليمية الخاصة والقاضي بضرورة التزامها قبل تسجيل الطلاب بداية كل موسم دراسي بالحصول على موافقة وزارة التربية على القسط المدرسي السنوي والإعلان عنه بشكل رسمي، تم استثنائه كُلياً، وتُرك الأمر لرغبة السكان في تسجيل أبناءهم أو لا، بموجب مقدرتهم المالية.

مصادر في دمشق أكّدت أن تسجيل الطلاب في الموسم الدراسي الواحد بات يبدأ بـ 350 ألف ليرة سورية وصولاً إلى 500 ألف، وتعتمد المدارس الخاصة نظام الأقساط الشهرية لتخفيف الوطأة عن أهالي الطلاب حسبما تقول. وتختلف قيمة التسجيل فيما بين المدارس، تبعاً لمساحتها وقُربها من وسط العاصمة والخدمات التي تُقدمها لطلابها.

لا يُمكن للعائلات التي تتقاضى أجر 100 دولار شهرياً في أفضل ظروف العمل، أن تُسجل أبنائها في المدارس الخاصة بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" السيد (ج . ش)، والد لأربعة أطفال أكبرهم في سن الخامسة عشر من قاطني حي المزة 86.

ويصف (ج . ش) المدارس الخاصة ببوابةً للتمييز العنصري والطبقي التي زادت من حالة الشرخ بين أفراد المجتمع.

وأردف أنّه لو أراد تسجيل أطفاله الأربعة في أرخص المدارس الخاصة لوقع في الكسر المادّي لثلاثة أعوام مُتتالية مقابل موسم دراسي واحد.

ويُضيف أن تكلفة القرطاسية لطالب واحد تُقارب أجرة عمل شهر كامل، حيث يبلغ سعر قلم الرصاص 100 ليرة سورية، والدفتر المدرسي "200 صفحة" 1200 ليرة، والحقيبة المدرسية 4000 ليرة، فيما وصل سعر اللباس المدرسي في حدوده الدنيا إلى  8000 ليرة سورية.

مُنظمة هيئة إنقاذ الطفل في منطقة الشرق الأوسط وصفت في تقريرها السنوي، وضع التعليم في سوريا، بـ "المرعب"، وقالت أن 3000 مدرسة تعرضت للتدمير و900 مدرسة خارجة عن العمل بسبب تحويلها لمراكز إيواء تشغلها العائلات النازحة.

ترك تعليق

التعليق