الأوتستراد الدولي، عقدة مفاوضات ريف حمص.. تعرّف على تفاصيلها
- بواسطة عبد الكريم أيوب - خاص - اقتصاد --
- 18 ايلول 2017 --
- 0 تعليقات
لم يفوّت النظام أي فرصة في جلسة تفاوضية قديمة كانت أم حديثة مع قيادات للمعارضة في ريف حمص الشمالي، إلا وكان ملف الأوتوستراد الدولي المقطوع منذ منتصف الـ 2012، أبرز مناقشاته. وتجلى ذلك بشكل واضح خلال المفاوضات الأخيرة التي تجري حالياً بين الجانب الروسي ولجنة الـ "العشرين"، كما تسمى محلياً، والتي تمثل ريف حمص الشمالي بشكل كامل، في اتفاقية "خفض التصعيد" المُوقّعة مؤخراً، في محاولات مستميتة من الروس لإقناع قادات الريف الشمالي بفتح الأوتستراد دون شروط مسبقة.
أوتوستراد (حمص – حماه)، جزء من الطريق الدولي (دمشق – حلب)، الشريان الاقتصادي الأهم في الجغرافيا السورية. خرج الجزء الأهم منه، في ريف حمص الشمالي، عن سيطرة النظام منذ 2012/7/28، بشكل كامل، مع إعلان فصائل الجيش الحر حينها، تحرير حاجز التمثال، آخر الحواجز على الطريق الواصل بين مدينتي الرستن وتلبيسة، لتفرض المعارضة سيطرتها على مسافة 10 كم من معسكر "مللوك" في الطرف الجنوبي لمدينة تلبيسة، حتى بداية جسر الرستن في الطرف الشمالي للمدينة.
طريق مختصر
تعد المسافة التي تسيطر عليها المعارضة من الاوتستراد في ريف حمص الشمالي من أهم أجزاء الاوتستراد على امتداده، لما تختصره من مسافة بين محافظتي حمص وحماه، وعدم القدرة على إنشاء أي تحويلة قصيرة بسبب تضاريس المنطقة، فأُجبر النظام على تحويل الطريق من مفرق "المختارية"، آخر نقاط سيطرة النظام على الاوتستراد، إلى مدينة سلمية، ومنها إلى مدينة حماه.
وبحسب موقع الخرائط العالمي Google map، تبلغ المسافة من مفرق "المختارية" إلى مدينة سلمية 40 كم، ومن مدينة سلمية إلى مدينة حماه 33.5 كم، وتحتاج السيارة في قطع هذه المسافة، إلى ما يقارب ساعة ونصف، حتى تصل من مفرق المختارية إلى مدينة حماه بسرعة 100 كم، كما يوضح الموقع، علماً أن التحويلة تُعتبر من الطرقات الزراعية ولا تصلح لهكذا سرعة ناهيك عن كثرة الحواجز.
"أبو أيهم"، سائق سرفيس خط (حمص – حماه)، تحدث لـ"اقتصاد": "تستغرق الرحلة من مدينة حمص إلى مدينة حماه مايقارب 3 ساعات بينما لم تكن تتجاوز 20 دقيقة، وذلك بسبب كثرة الحواجز وصعوبة الطريق، فهو بمسار واحد، ذهاب وإياب، ناهيك عن كثرة التوقف بسبب الحواجز والمطبات مما يؤدي إلى تضاعف مصروف السيارة تقريباً".
وأضاف: "تعرفة الطريق 500 ليرة من حمص إلى حماه بسبب هذه التحويلة، بينما كانت قبل انقطاع الطريق لا تتجاوز 50 ليرة، ولغلاء أسعار المحروقات أعتقد أنها ستكون 150 ليرة، لو فُتح الاوتوستراد".
جسر الرستن الكبير
يعد جسر الرستن الكبير من أكبر الجسور في سوريا، فهو ثاني أعلى جسر في سوريا بعد جسر الهامة، فيبلغ أقصى ارتفاع له 100 م عن مجرى نهر العاصي، وبطول 600 م وبعرض 16 م، وقد بني في عهد الوحدة عام 1958، ليكتسب أهمية كبيرة كونه أخرج الاوتستراد من داخل مدينة الرستن واختصر مسافة لا تقل عن 7 كم داخل المدينة.
"أبو محمد"، في السبعينيات من عمره، عاصر بناء الجسر وعمل فيه، تحدث لـ"اقتصاد": "يعد الجسر من أبرز المعالم المميزة للمنطقة، ومن أهم أجزاء الطريق الدولي. شهد عمليات ترميم كثيرة وقد انتهت مدته من عام 2000، فهو ذو صلاحية لا تتجاوز الـ 30 سنة، كما حددها المهندسون المشرفون على بنائه".
ويضيف "أبو محمد": "تعرض الجسر لغارة إسرائيلية خلال الحرب مع إسرائيل، لكن لحسن الحظ اصطدم الصاروخ بالجسر بدون أن يلامس الصاعق جسم الجسر، فلم ينفجر. ولو انهار الجسر، ستتضاعف المسافة 3 مرات على الأقل، بين محافظتي حمص وحماه".
ماذا لو فتح الاوتستراد؟
أكسب الاوتستراد المحلات والمتاجر التي تقع على جانبيه أرباحاً هائلة، لما يجلبه للمنطقة من زبائن من مختلف المحافظات السورية ومختلف الجنسيات الإقليمية، فتربعت على جانبيه الكازيات ووكالات الدواليب ومعامل الثلج وشركات مختلفة ومدينة صناعية كبيرة في مدينة الرستن، ومتاجر مختلفة في مدينة تلبيسة.
"أبو خالد" من مدينة الرستن، صاحب عدة محلات على الاوتستراد، تحدث لـ"اقتصاد": "توقفت أعمالنا مع توقف الحركة على الاوتستراد، وأصبحنا مثل المحلات العادية، وانخفضت أسعار إيجارات المحلات من 50 ألف ليرة شهرياً إلى 5 آلاف ليرة، رغم انخفاض قيمة العملة، فقد توقف العمل بشكل كامل مقارنة بالسابق. ولو فتح الاوتستراد ستعود تجارتنا كسابق عهدها".
وإن تم فتح الاوتستراد فسيكسر حصار الريف الشمالي بشكل كامل، ولن يعد الريف بحاجة إلى المعابر، فلا يستطيع النظام معرفة السيارات التي ستعبر الاوتستراد إن كانت وجهتها مناطق سيطرته أم إحدى مدن الريف الشمالي، بسبب الكم الهائل من السيارات التي يمكن أن تعبره يومياً.
وسيستطيع الموظفون في دوائر النظام العودة إلى منازلهم في ريف حمص الشمالي، فيصبح بإمكانهم الوصول إلى مدينة حمص بأقل من 20 دقيقة، بينما يحتاجون ساعتين على أقل تقدير للوصول إلى المدينة، حالياً.
شروط فتح الاوتستراد
اشترطت الهيئة المفاوضة عن الريف الشمالي لفتح الاوتستراد، الإفراج عن معتقلي محافظة حمص، واعتبرته مطلباً أساسياً قبل مرور أي سيارة عليه، فيما لا تكل الصفحات الفيسبوكية الموالية للنظام عن نشر أخبار تدعي فتح الاوتستراد بعد انتهاء كل جلسة بين الطرفين الروسي والممثل لريف حمص الشمالي.
"محمد أيوب"، الناطق الرسمي باسم هيئة المفاوضات التي تمثل ريف حمص الشمالي، تحدث إلى وسائل الإعلام المحلية، قائلاً: "نؤكد على أن قضية الطريق العام مرتبطة بالإفراج عن المعتقلين في محافظة حمص".
ويترقب السكان في ريف حمص الشمالي لحظة فتح الاوتستراد، فستكون هذه اللحظة نقطة النهاية لتحكم التجار في معيشتهم، وسيدير وبقوة العجلة الاقتصادية في المنطقة المتوقفة منذ لحظة انقطاعه.
التعليق