من المناطق المحررة إلى لبنان، بحثاً عن علاج.. قصة "أبو أحمد" مع "داء برغر"


هي قصة كالعشرات من القصص الأليمة التي تعيشها الشرائح محدودة الدخل، في الداخل السوري. فـ "أبو أحمد"، النازح من إحدى بلدات ريف دمشق، والمقيم في ريف حماة المحرر، ابتُلي بإشكاليات صحية، تتطلب الكثير من الإنفاق المالي، وهو العاجز عن تأمين قوت يومه مع عائلته.

ويعاني "أبو أحمد" من مرض السكري. وكان يعتمد على الأنسولين كباقي المرضى. ولكن ازدادت حالته سوءاً وظهرت أعراض جديدة عليه، كضيق التنفس الشديد. ولم يعد "أبو أحمد" يفارق عيادة طبيبه، الذي أخبره لاحقاً، بعجزه عن تشخيص حالته بشكل دقيق. ولم يكن زيادة الجرعات المسكنة، بمختلف أنواعها، مفيداً. وأخبره الطبيب أخيراً، بضروره خروجه إلى بلد آخر، يستطيع فيه تشخيص المرض وتلقي العلاج. واقترح عليه الخروج إلى لبنان.

يقول "أبو أحمد" لـ "اقتصاد": "بعد تدهور حالتي الصحية، نصحني الطبيب بالخروج إلى لبنان لتلقي العلاج. وأنا لا أملك قوت يومي. فالمرض جعلني طريح الفراش لمدة طويلة. ولا أستطيع العمل. وليس بوسعي تحمل تكاليف السفر والعلاج. فكيف لي بالذهاب إلى هناك".

عقب تواصل "أبو أحمد" مع بعض الأصدقاء والأخوة من أصحاب "الأيادي البيضاء"، تكفلوا بسفره وعلاجه على نفقتهم الشخصية، ليحزم آلامه ودعوات محبيه قاصداً لبنان.

الرحلة إلى لبنان، كلفت "أبو أحمد"، 200 دولار أمريكي. إذ كان عليه أن يقطع مناطق محررة، ومناطق تخضع لسيطرة النظام.  وفي لبنان، التقى "أبو أحمد" بطبيب شخّص حالته بشكل دقيق، حيث يعاني من مرض يدعى "داء برغر" (رينو)، وهو مرض يساهم بسد الشرايين الصغيرة والمتوسطة، والذي يؤدي بدوره إلى ضيق شديد في التنفس والإحساس بشلل كامل للأطراف.

ويضيف "أبو أحمد": "بعد أخذ ورد مع الطبيب، وسؤاله عن سبب تفشي مرضي وتأخري بالعلاج، ووضع بلدي وأبنائي. تحركت مشاعر الطبيب تجاهي، وأعاد مبلغ 50 دولار أمريكي لي، من أصل الـ 150 دولار التي كانت ثمن الكشفية".

ويعتبر علاج هذا المرض مكلفاً جداً. وهناك نوع من أنواع الأدوية التي ستلازم "أبو أحمد" مدى الحياة، وهي كبسولات (كرونت ترال)، وهو موسع شرايين، يحتاج منه إلى كبسولة واحدة يومياً، بالإضافة إلى /100/ حقنة نوع (Prostaglandin E or Alprostadil) وحقنتان صباحاً ضمن /200/سم سيروم تسريب وريدي خلال /180/دقيقة. وحقنتان مساءً تقدم حصراً ضمن العناية المركزة لمراقبة الحالة بدقة، إلى جانب حاجته لجرعات خاصة لتمييع الدم (أورفارين) بمعدل كبسولة يومياً.

قصة "أبو أحمد"، إحدى قصص المعاناة التي تكثر في المناطق المحررة، والتي يعجز أغلب سكانها عن الخروج إلى بلد آخر لتلقي العلاج، بسبب صوبة التنقل والمخاوف الأمنية والتكلفة التي تعد باهظة جداً لكثير من المرضى، على أمل توفر علاج لمثل هذه الحالات داخل المناطق المحررة عما قريب.

ترك تعليق

التعليق