كي تتملك متراً واحداً في دمشق.. 15 شهراً بلا أكل أو شرب


تشهد أسعار العقارات في العاصمة دمشق توازناً ملحوظاً مُقارنةً بارتفاع وانخفاض سعر الدولار. وغياب سوق العمل وقلّة الأجور والرواتب تضع المواطنين الموظفين في دوائر "حكومة النظام" والمهنيين والتجار والعمال أمام كبح جماح حلم تَملّك منزل يُخفف عنهم دفع الإيجار الشهري الذي يستنزف ما تبقى لديهم من رصيد مالي.

يُقدّر أجار المنزل شهرياً بشكل وسطي في الأحياء الشعبية كالـ "ميدان والزاهرة ودف الشوك وباب مصلى والمجتهد" بـ 150 دولار أمريكي، وفي المناطق المُنظّمة كالـ "مزة والتجارة والعباسيين والشعلان" 500 دولار أمريكي.

ويختلف سعر المتر المربع للعقارات بحسب القرب من مركز المدينة، وفي منطقة ساحة عدنان المالكي يُقدّر سعر المتر 3000 دولار، بينما المتر المربع الواحد في حي المزرعة بلغ 2000 دولار، وفي حي الشعلان 1500 دولار، ومنطقة باب مصلى 1000 دولار.

مشروع خفض التصعيد المُتفق عليه في جنوب سوريا والغوطة الشرقية وحمص واقتراب تطبيقه في الشمال السوري وجنوب دمشق أنبأ التجار والمُستثمرين داخل وخارج سوريا باقتراب إيقاف الحرب، الأمر الذي أنعش سوق العقارات وزاد الطلب عليها في هذه المرحلة بعد أن كانت غائبة لخمس سنوات ماضية بحسب السيد (ع . د)، مهندس في شركة إعمار خاصة وصاحب متجر وساطة لبيع وتأجير العقارات، في حي باب مصلى وسط دمشق.

ونوّه المهندس أن الكثافة السكانية التي تكتظ بها أحياء دمشق وخاصةً الطبقة الغنية بسبب تدمير منازلهم في المحافظات الأخرى، ونجاح "النظام" في الحد من السكن العشوائي والمُخالفات، ورغبة المواطنين الكبيرة بتحويل أموالهم إلى أصول عقارية كلها أسباب تُساهم في زيادة الطلب على العقارات.

ويُؤكد على غياب ضابط الأسعار، فمن يُحدد السعر هو صاحب العقار ذاته, ولا تتدخل الجهات "الحكومية الرسمية" بتحديد قيمة عقد البيع، ويُترك الأمر للعرض والطلب, كما أنّ عمليات البيع والشراء تتم بعد احتساب القيمة بالدولار الأمريكي.
 
ولم ينفِ المهندس تخوف المواطنين من ارتفاع قريب لأسعار العقارات بسبب تفضيل أصحابها تأجيرها ورفع سعرها بموجب الظروف المرحلية على أن يبيعوها ويخسروها بشكل مُطلق فهي بمثابة البنك الذي يدّر المال وقت الشدّة.

قياساً بالدولار لم يتغير سعر العقارات زيادةً أو نقصاناً منذ عام 2011، بينما قياساً بسوق العمل ورواتب "دوائر النظام الرسمية" وأجور العاملين في الشركات الخاصة فإنّ امتلاك متر واحد في دمشق بات صعب التحقيق، حيث يحتاج المواطن لعمل متواصل لمدّة 15 شهراً دون أن يصرف أي جزء من راتبه لمستلزماته المعيشية حتى يستطيع تملك متر واحد لا أكثر.

وبحسب دراسة صادرة عن مؤسسة (كوشمان ويكفيلد) المتخصصة بمتابعة أسعار العقارات حول العالم، فإن دمشق كانت ثامن أغلى مدينة في العالم من حيث أسعار العقارات عام 2010، وحينها كان راتب الموظف وأجور العمال تتراوح بين الـ 500 دولار  والـ 1000 دولار شهرياً. 

وكانت تُعاني سوريا من أزمة سكن مُزمنة منذ نصف قرن، ويبلغ الفارق بين المعروض من المساكن والمطلوب منها ما يقارب من 750 ألف مسكن، يُضاف إليهم حالياً مليونا منزل مُدمّر بكامل بنيته التحتية بحسب التقرير الصادر عام 2014عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية  لغرب آسيا "الاسكوا" التابعة للأمم المُتحدة.

 وتُعدُّ العاصمة دمشق أقلّ المناطق تضرراً، ممّا جعلها ملاذاً آمناً لأكثر من ضعف سُكانها البالغ 4 مليون قبل عام 2011.

ترك تعليق

التعليق