في الغوطة.. الطوابير تعود من جديد، والسيجارة تباع على دفتر الإغاثة


شهدت أسواق الغوطة الشرقية عودة طوابير الإنتظار إلى أزقتها السكنية وعائلاتها المثقلة بالأعباء المادية، ولا سيما مع ارتفاع فاحش لأسعار المواد الغذائية كان آخرها مادة الملح ومادة زيت القلي، واللتان تعتبران من المواد الضرورية الواجب توافرها في أي منزل.

فمع استمرار إغلاق معبر مخيم الوافدين الواقع شمال شرق مدينة دوما من قبل قوات النظام، ومنع أي تبادل تجاري أو أي دخول للمواد الغذائية عبره لمدة تزيد عن شهر ونصف، ينعكس هذا الواقع سلباً على حياة السكان في غوطة دمشق، الأمر الذي يضفي مزيداً من المعاناة الإقتصادية والمادية.

وبمجرد جولة بسيطة في ساعات الصباح الأولى تجد الطوابير التي تضم عشرات الأشخاص تنتظر الحصول على ليتر من الزيت أو ربطة من الخبز.

 قام "اقتصاد" برصد الواقع الإقتصادي داخل الغوطة وأخذ آراء عدد من السكان بالإضافة إلى المعنيين بهذا الأمر.

فقد أعلن المجلس المحلي لمدينة دوما عن طرح مادة الزيت بسعر 800 ليرة سورية لعبوة حجمها ليتراً واحداً، لكل عائلة تحمل البطاقة الإغاثية، بعدما وصل سعرها في السوق السوداء إلى 2400 ليرة سورية لليتر الواحد. وتأتي هذه الخطوة في سبيل تعزيز دور المؤسسات المدنية في الداخل السوري من أجل رفع المعاناة عن السكان المحاصرين وذلك حسبما أعلنه المجلس المحلي في مدينة دوما.

يقول "أبو أحمد هاشم" أحد سكان مدينة دوما، إن سبب موجة الغلاء هو استمرار إغلاق قوات النظام للمعبر الذي تم الإعلان عن فتحه بعيد اتفاق خفض التصعيد. وبسبب طول الإنتظار، فإن الطلب قد ازداد على السلع الغذائية دون عرضها في الأسواق الأمر الذي أدى إلى بيعها بأسعار فاحشة في السوق السوداء.

وأضاف "أبو هاشم" أن أسواق الغوطة بحاجة إلى حلول جذرية في هذا الوقت العصيب، وأن توزيع مثل هذه المواد بسعر مخفض ماهو إلا حالة إسعافية ممكن أن تساهم بشكل بسيط في حل المشكلة وبشكل مؤقت. "لذلك فإني أدعو جميع المنظمات والمؤسسات المدنية إلى التكاتف وتضافر الجهود من أجل إيجاد حلول تساهم في خفض الأسعار، كإنشاء مؤسسات استهلاكية متعددة الإختصاصات، أو طرح نقاط بيع مخفضة بشكل مكثف تبيع جميع أنواع المواد الغذائية بشكل أكثر من الذي تم طرحه الآن".

الجدير بالذكر أن أحد التجار داخل الغوطة قام بإدخال سيارات محملة بالخراف يوم الأحد بتاريخ 10/ أيلول، كما قام أيضاً بإدخال سيارتين محملتين بالألبسة والأحذية في اليوم التالي عبر معبر الوافدين.

هذا الأمر سيطرح العديد من إشارات الإستفهام، حسب السيد "ماهر زليخة"، سيما أن الأسواق ليست بحاجة تلك المواد على الإطلاق خصوصاً مع انتهاء فترة عيد الأضحى المبارك وانتهاء فترة الكسوة التي تسبقه. وأضاف "زليخة" أن الأسواق بحاجة ماسة إلى المواد الغذائية التي تعتبر من الأساسيات ومازال النظام يمنع دخولها بشتى الوسائل والطرق.

ومن أجل معرفة جميع وجهات النظر قام "اقتصاد" بمحاورة المعنيين بموضوع الإغاثة داخل الغوطة لمعرفة الخطوات والتدابير التي تم اتخاذها من قبلهم، فقد أكد "فراس المرحوم" مدير مكتب هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية في الغوطة الشرقية، أن الهيئة قامت على الفور بالتحرك من خلال مشروع "سلة حصار" الذي وزعت بموجبه ما يزيد عن 37 طناً من المواد الغذائية على أكثر من 950 عائلة من المهجرين في بلدة عين ترما وحي جوبر الدمشقي.

وقد أكد "المرحوم" أن "التوزيع قد استهدف شريحة المهجرين بسبب حالة النزوح التي عاشوها وخرجوا من ديارهم بلا مأوى أو غذاء أو كساء، ومن المعلوم اليوم أن كلفة وجبة الغداء الواحدة تقارب 2500 ليرة سورية يومياً، وقد أطلقنا هذا المشروع من أجل تخفيف العبء المادي على تلك العوائل".

فيما أعلن "المجلس المحلي لمدينة دوما" بالتعاون مع "مؤسسة عدالة للإغاثة والتنمية" أنهم قاموا بدعم مادة الخبز بكمية من المخزون المتوفر لديهم من مادة القمح من أجل بيعه بسعر مخفض للأهالي ضمن المدينة.

وفي تطورات جديدة قامت مراكز التوزيع الإغاثي في مدينة دوما بتنظيم من اللجنة المدنية بطرح مادة الدخان وبيع السجائر على البطاقة الإغاثية بسعر مخفض، حيث طُرِحت السيجارة الواحدة بسعر 100 ليرة سورية، بعد أن وصل سعرها في السوق السوداء إلى 350 ليرة سورية، الأمر الذي سبّب سخطاً عند بعض الناس ممن وصفوا تلك الخطوة بأنها غير مناسبة.

وأكد السيد "أبو علاء محمد" أحد أعضاء اللجنة المدنية، في رده على بعض التعليقات التي استهجنت هذا التصرف، أنهم قاموا بطرح السجائر بسعر مخفض في الأسواق وتسجيلها على البطاقة الإغاثية من أجل عدم التلاعب بأخذ المادة أكثر من مرة، فضلاً عن ضبط تسليم جميع المدخنين والحد من الإرتفاع الجنوني لأسعار هذه المادة. وبعد إيقاف توزيع السجائر على البطاقة الإغاثية أكد "أبو علاء" أنه سيتم التشاور بين أعضاء اللجنة من أجل إيجاد الطرق المناسبة للتوزيع.

وختم أبو علاء: "الفكرة الأساسية من التوزيع هي الحد من احتكار هذه المادة وغيرها، ودائماً يبدأ الموضوع بفكرة ويتطور ونحن الآن بصدد إيجاد آلية مناسبة بعيداً عن كرت الإغاثة لعدم ربط مادة الدخان بالمواد الغذائية الضرورية".

ترك تعليق

التعليق