أزمة مواصلات دمشق.. هل ننتظر باصات بطابقين؟!


أضحت رسوم المواصلات العامة والخاصة في العاصمة دمشق تُشكل عبئاً كبيراً على المدنيين، وقد يُنفق الفرد أكثر من نصف راتبه الشهري على المواصلات، في حال كان يستخدمها يومياً.

استقبلت العاصمة دمشق عدداً كبيراً من المدنيين الذين نزحوا من المحافظات السورية الخارجة عن "سطوة النظام" والتي تعرضت للقصف منه، لتصبح مُكتظةً بشكل كبير بالسكان، الأمر الذي فرض على العاصمة ازدحاماً مرورياً خانقاً ساهمت فيه عدّة عوامل بدءاً بانخفاض إنتاج المحروقات ومروراً بالشجع غير المُتناهي لأصحاب السيارات والعاملين عليها.

تموز العام الماضي، شهد آخر موجة زيادة أجور استخدام المواصلات، حيث بلغت الزيادة 10% على المركبات العاملة على المازوت، و27 بالمائة على المركبات العاملة على البنزين.

تبدأ رحلة المواطن في الصباح الباكر أثناء توجهه إلى عمله أو جامعته أو الثانوية التي يدرس فيها، لينتظر مُضطراً وقتاً طويلاً لعل الحظ يُحالفه باستحواذه على مقعد في باص للنقل الداخلي أو الميكروباص، قبل أن يُقرر بناءً على مزاجية السائق إكمال طريقه لوجهته سيراً على الأقدام، والحكم في ذلك ابتسامة السائق صاحب القرار بحسب ما قال لـ "اقتصاد" السيد (ف. م) من سكان حي المزة.

ويُضيف أنّ أزمة النقل باتت همّاً كبيراً لدى سكان العاصمة، فالحصول على مقعد في وسائل النقل العامة مهمّة صعبة تحتاج للخبرة والتخطيط والصبر.

ويُردف السيد (ف . م) أنّ المواصلات تستنزف جيوب المواطنين وتُعيق حركتهم، فتكاليف النقل تستحوذ على أكثر من 50% من دخل الأُسرة وخاصةً القاطنة في الأرياف والتي تحتاج إلى تنقّل بشكل يومي إلى مراكز عملها في المدن، بالإضافة إلى الأُسر التي لديها أكثر من فرد في الجامعات والمُنشآت الصناعية.

وتوفيراً للوقت والمال واستثماره في أغراض أخرى يخرج غالبية السكان من منازلهم باكراً ويصلون وجهاتهم سيراً على الأقدام.

أجرة خدمة "التاكسي" داخل المنطقة الواحدة تبلغ ما بين الـ 600 ليرة سورية و1000 ليرة، وذلك بحسب قوة شخصية الراكب ومدى درايته بالأسعار الحقيقية الصادرة عن الدوائر الرسمية المعنية لدى "نظام الأسد".

الشاب (ج . ل) سائق ميكرو باص، يعمل على خط "صحنايا – دمشق"، أكّد لـ "اقتصاد" أنّ السائقين يُعانون الأمرّين ولا يحصلون على محروقات كافية لإكمال يوم عمل، وحالهم حال كل العائلات، يحتاجون لتأمين مُستلزمات الحياة الضرورية لأبنائهم ومُضطرون لدفع أجور منازلهم.

ويُردف السائق أنّ شراء المازوت أو البنزين من السوق السوداء بسعر أكبر من تسعيرة الوزارة يُجبره على تجاوز التسعيرة المُتعارف عليها قانوناً.

وبحسب الشاب (م . ل) فإنّ أكثر باصات النقل الداخلي العامة احترقت بسبب استخدامها من "جيش النظام" في التنقل بين الجبهات الساخنة، الأمر الذي أجبر النظام على التغاضي عن استخدام السيارات الخاصة كوسيلة نقل عمومية.

وبعد أن حددت لهُ خمسة خطوط وسط العاصمة, نجحت محافظة دمشق في مطلع هذا العام في إقناع بعض أصحاب "التكاسي" العمومية بالتقدم لمشروع "التكسي السرفيس"، على أن تكون أجرة الراكب الواحد 200 ليرة، إلّا أنّ شجع السائقين يدفعهم دائماً لتجاوز التسعيرة ليضيفوا عليها 100 ليرة تُؤخذ سلباً من جيوب المواطنين.

يُشار أن إحصاءات رسمية تُبيّن انخفاض أسطول النقل الداخلي في دمشق إلى أقل من ثُلث ما كان عليه قبل عام 2011.

ويعمل في العاصمة 420 باص نقل داخلي "خاص"، وباصات الشركة العامة للنقل الداخلي، في حين أنّ الحاجة الفعلية تتجاوز الـ 1000 باص.

و1200 ميكرو باص موزعة على 52 خطاً، وأيضاً حاجتها الفعلية 4000 ميكرو باص، بالإضافة إلى 30 ألف تاكسي عمومي يُضاف إليها عدد مجهول من السيارات الخاصة المتغاضى عنها بالرشوة في بعض المناطق، ولسهولة تأمين الركاب في مناطق أُخرى.

هي أزمة قديمة مُتجددة لا يُمكن غض البصر عنها، وباتت مشكلة حقيقية تتفاقم يوماً بعد الآخر دون إيجاد أدوات ردع من الجهات المعنية التي تعيش حالة سُبات لا تُوصف منذ سبعة أعوام، ليخيّم على واجهة المشهد عدّة أسئلة أهمها، هل سيتم استيراد باصات نقل داخلي جديدة للعاصمة؟، وإن تمّ الأمر هل ستكون "باصات بطابقين"؟

أو سيتم تفعيل الدراجات الهوائية الكهربائية المُوزعة في الطرقات على غرار إمبراطورية الصين الشعبية؟!

ترك تعليق

التعليق