كيف يتحايل سوريون للحصول على مونة "المكدوس"؟


مع قدوم شهر أيلول بات السوريون على موعد مع العديد من الأعباء الاقتصادية التي تكلفهم أموالاً طائلة لن يقدروا على تحملها في أغلب الأحيان، ومن بينها المؤونة الشهيرة التي لا يخلو منها أي بيت في سوريا، وهي (المكدوس).

ظروف الحرب الدائرة فرضت على السوريين واقعاً أليماً قوامه الاقتصاد في النفقة، وعدم صرف الأموال إلا في الأمور الضرورية، لكن ومع ذلك، يعيش مئات الآلاف أوضاعاً معيشية صعبة للغاية، فكيف يتمكن السوريون من الحصول على مؤونة مكدوس كافية في ظل هذه الظروف؟


كان كفا السيدة "أم أحمد" مليئين بالفليفلة الحمراء الحارة نسبياً، وهي تملأ قطع الباذنجان المسلوق بالحشوة المكونة من الثوم والفليفلة والجوز وملح الطعام.

تمكنت أم أحمد من صنع 60 كيلو من المكدوس كمؤونة للعام القادم. قالت وهي ترش بعض الملح على القطع المحشوة من الباذنجان، إن الأسعار باتت خيالية بشكل لا يوصف.


أم احمد أضافت لـ"اقتصاد": "نحاول التقليل من نفقاتنا قدر المستطاع. لكن المكدوس أمر لا غنى عنه لكل بيت في سوريا".

عقب اندلاع الثورة في 2011 شهدت سوريا تراجعاً اقتصادياً متواصلاً. وبعد أن كانت فئة الـ 50 ليرة تعادل قيمة دولار أمريكي تضخمت العملة لتغدو الـ 500 ليرة في حجم الخمسين سابقاً، أي ما يعادل دولاراً واحداً فقط.

انخفاض قيمة العملة أدى إلى انعماسات هائلة على الاقتصاد كان أبرزها غلاء الأسعار بشكل لا يحتمله أغلب السوريين نظراً لعدم توافقه مع دخلهم الشهري الذي بقي على حاله في الأعم الأغلب.


بالعودة لأم أحمد التي انتهت من حشو الباذنجان مسارعة إلى تكديسه في قفص من البلاستيك لكبسه بوضع أثقال فوقه لعدة أيام.  نحن نحتال على أنفسنا للحصول على المكدوس.. مثلاً استبدلت الجوز البلدي بـ الأوكراني. كما اعتمدت على الزيت النباتي عوضاً عن زيت الزيتون. إضافة للتقليل من الحشوة البالغة الكلفة".

يبلغ سعر كيلو الجوز الأوكراني قرابة 5 آلاف ليرة سورية بينما يتجاوز الجوز البلدي ضعف هذا السعر. أما زيت الزيتون فلا يقل سعر الليتر الواحد منه عن 1500 ليرة في حين يباع الزيت النباتي بـ 550 ليرة فقط.


بعض العائلات - وفقاً لأم أحمد - استعاضت عن الجوز بفستق العبيد نظراً لانخفاض سعره مقارنة بالجوز. وهذا ما ترفضه السيدة الدمشقية بشكل قاطع، "بدون جوز لا يوجد مكدوس صالح للأكل".

بلغت تكلفة 60 كيلو من المكدوس لدى أم أحمد قرابة 60 دولار أمريكي. كانت أي أسرة تدفع قرابة هذا الرقم قبل الحرب لكن وبالمقارنة مع الدخل الذي يحصل عليه السوريون اليوم يعد هذا الرقم هائلاً جداً. ومن يعلم ربما سيتنازل عنه السوريون بمقدار عشقهم الأزلي لـ(المكدوس).


ترك تعليق

التعليق