تفاصيل عن سوق الأضاحي في درعا


على الرغم من الهدوء الذي تعيشه محافظة درعا، في ظل الهدنة الأخيرة التي بدأت في التاسع من شهور تموز الماضي، إلا أن التحضيرات والاستعدادات لعيد الأضحى لهذا العام، تبدو كئيبة، وتغيب عنها الكثير من مظاهر وطقوس العيد المعتادة، مقارنة مع الأعوام السابقة، فلا حركة نشطة في الأسواق، ولا بضائع جديدة، ولا ألعاب أطفال، ولا إقبال كبير على شراء الأضاحي.

ويعزو محمد جمال، 43عاماً، وهو تاجر وخريج كلية الاقتصاد، أسباب ذلك، إلى "الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهالي المحافظة، وما نجم عنها من مشكلات كبيرة، تتزامن مع استمرار جمود الوضع القائم، وتنامي عدد الفقراء والعاطلين عن العمل، في ظل توقف وتراجع جميع أشكال الحياة الاقتصادية، بما فيها القطاع الزراعي الذي بقي ومازال ملاذاً للكثير من الأسر، رغم الانتكاسات الكبيرة التي يصاب بها كل عام".

وقال إن "هناك تراجعاً كبيراً في الإقبال على شراء الأضاحي لهذا العيد، وذلك بسبب الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الأضاحي، مقارنة مع العيد الماضي، والتي زادت هذا العيد ما بين 30 وأربعين بالمئة".

وأضاف أن "سعر الكغ من الخروف الواقف، وصل في أسواق الماشية هذا العام إلى نحو 1800 ليرة سورية في بعض مناطق تربية الثروة الحيوانية في المحافظة، فيما وصل سعر الكغ من النعاج إلى 1200 ليرة سورية، والعجل إلى نحو 1350 ليرة سورية."

وقال إن "سعر الأضحية من الأغنام أصبح  ما بين 80 و 100 ألف ليرة سورية، ومن العجول والأبقار ما بين 500 ألف ومليون ليرة سورية وذلك حسب الوزن، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع الإقبال على الأضاحي، رغم أهمية هذا الطقس الديني، لينحصر تقديم الأضاحي هذا العيد بالأسر القادرة والميسورة، التي مازالت تجد جبهات عمل وإنتاج ومصادر دخل كالتجار وأصحاب الأراضي والعقارات وأهالي المغتربين".

من جانبه، أكد الحاج أبو عدي، 67 عاماً، وهو مزارع من ريف درعا، أنه "كان ورغم الظروف السيئة التي تسود البلاد، ينحر كل عيد أضحيتين على الأقل، لكنه هذا العام لن يستطيع نحر إلا واحدة، بسبب تراجع الأوضاع المادية والخسائر الكبيرة التي مني بها  خلال الموسم الزراعي الحالي، نتيجة انخفاض أسعار البطاطا والبندورة، التي تكبد فيهما خسائر كبيرة".

وأضاف أن "ارتفاع أسعار الحيوانات هذا العام كبير جداً"، معبراً عن اعتقاده أن السبب في ذلك هو قلة أعداد الأغنام والأبقار، وانحسار تربيتها في مناطق محدودة من المحافظة، بسبب تراجع المراعي وارتفاع تكاليف العناية بالحيوانات مقارنة مع الأعوام السابقة، زد على ذلك أن نقل الحيوانات بين شمال المحافظة وجنوبها، بات يخضع لرسوم جمركية عالية وأتاوات تزيد عن خمسة آلاف على الرأس الواحد، وذلك على حواجز النظام، إضافة إلى أجور النقل العالية، بسبب ارتفاع سعر المازوت، الذي مازال محافظاً على الـ 500 ليرة سورية لليتر الواحد منذ عدة أشهر".

فيما أكد الحاج سليمان العمر، 60 عاماً، من ريف درعا الأوسط، أنه كان في كل عام يربي في منزله عدة خراف كأضاحي منذ بداية العام، لكنه لم يستطع فعل ذلك هذا العام، بسبب عدم وجود مراعي، وارتفاع أسعار الأعلاف، التي شهدت هي الأخرى ارتفاعا كبيراً، بسبب نقلها من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة المعارضة، مشيراً إلى إحجام الكثير من الأهالي عن اقتناء الخراف الصغيرة وتسمينها حتى عيد الأضحى لجملة الأسباب السابقة. 

من جهتها، أكدت أم سمير، 50 عاماً، أن أضحيتها هذا العام تكفل بها ابنها اللاجئ في كندا، لافتة إلى أنه خصص لها هذا العام 200 دولار ثمن أضحية، اشترتها قبل حلول عيد الأضاحي بحوالي 90 ألف ليرة سورية.

أما صقر المحمد، 35 عاماً، فقال: "اشتريت أضحيتين بنحو 185 ألف ليرة سورية، وهما لقريب لي في ألمانيا، أرسل ثمنهما، وطلب نحرهما على اسمه وعلى نيته وتوزيعهما على الفقراء والمساكين"، لافتاً إلى أن  الكثير من المغتربين واللاجئين السوريين في دول المهجر واللجوء، يرسلون مبالغ مالية لذويهم ثمن أضاحي، تضحى بأسمائهم، ويطلبون توزيعها على الفقراء والمساكين في البلاد.

من جهته، قال سائد، 25 عاماً، وهو لحام، إن "عيد الأضحى يشكل موسم إنتاج ومصدر دخل لا بأس به للكثير من اللحامين"، لافتاً إلى أن أصحاب الأضاحي عادة ما يحجزون أدواراً قبل بدء العيد لنحر ذبائحهم.

وأضاف أن "الذبح عادة ما يتم في منزل صاحب الأضحية، ويقوم به لحامون مقابل أجر متفق عليه"، مشيراً إلى أن اللحام  يتقاضي عن ذبح الخروف وتقطيعه نحو 2500 ليرة سورية، فيما يتقاضى عن نحر العجل نحو عشرة آلاف ليرة سورية.

ولفت إلى أنه في المواسم الجيدة كان يحصل على مبالغ كبيرة خلال فترة العيد تصل إلى 60 ألف ليرة سورية، لكنه ونظراً لقلة الأضاحي هذا العام يتوقع أن يكون دخله قليل جداً، سيما وأن الكثير من اللحامين الجدد ظهروا في منطقته، ما يعني أنه ستكون هناك منافسة على تخفيض الأجور لتأمين جبهات عمل.

ترك تعليق

التعليق